يمثِّل تحقيق الأمن الغذائي أحد ثوابت رؤية "عُمان 2040"، حيث تسعى الرؤية عبْر عددٍ من المشاريع ذات الاستثمار الحكومي إلى بناء منظومة أمن غذائي، يقودها الاستثمار الحكومي، ويفتح آفاقًا استثماريَّة للقطاع الخاص، وهو توجُّه يعبِّر عن رواسخ النَّهضة العُمانيَّة على مدار عقودها الخمسة. لذا حرصت الحكومة على أنْ يأتي افتتاح هذه المشاريع الواعدة، الخاصَّة بالأمن الغذائي في البلاد، لتواكب احتفالات السَّلطنة بعيدها الوطني الحادي والخمسين المَجيد، وهو ما يصبُّ في التَّأكيد على أهميَّة تلك المشاريع التنمويَّة في المستقبَل، وكيف ستكون نواة رئيسيَّة لمنظومة أمن غذائي متنوِّعة، وما يرتبط بها من تحقيق الأمان الغذائي المنشود لأبناء هذا الوطن العزيز، وهي سياسة تتقاطع مع تحقيق التَّنويع الاقتصادي المنشود الذي تسعى إليه البلاد في خططها وبرامجها نَحْوَ المستقبَل القريب والمُتوسِّط والبَعيد.
وفي هذا السياق وبهدف تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، يأتي مشروع المروج للألبان الذي يُعدُّ الأوَّل من نوعه في السَّلطنة، بل وفي دول الخليج بشكْلٍ عام، حيث يستهدف المشروع الواعد، الذي تُعوِّل عليه منظومة الأمن الغذائي في البلاد، مُربِّي الإبل والأبقار في محافظتي ظفار والوسطى، وبالإضافة إلى أبعاده الاقتصاديَّة والتنمويَّة الجليَّة، ويرتكز مشروع المروج على مجموعة أبعاد اجتماعيَّة واقتصاديَّة؛ فهو يزيد من دخل مُربِّي الإبل بشراء منتجاتهم من الحليب بشكْلٍ مباشر، ويُسهم في إيجاد فُرَص عمل جديدة للسكَّان المحلِّيين في ظفار والوسطى، إلى جانب دعم الشَّركات الصَّغيرة والمتوسِّطة العاملة في هذا المجال، التي ستنال حظَّها بالتَّأكيد من وراء هذا المشروع الواعد، حيث سيفتح فُرصًا حقيقيَّة لمشاريع ترتبط به في قطاع ريادة الأعمال.
ويأتي مشروع البشائر للحوم نموذجًا آخر لتنوُّع مشاريع الأمن الغذائي في البلاد، والتي يتمُّ افتتاحها بالتَّزامن مع احتفالاتنا بعيدنا الوطني المَجيد، حيث يُركِّز مشروع البشائر للحوم المتكامل على تربيَة الماشيَة، سواء كانت أبقارًا أو أغنامًا أو معزًا أو إبلًا وتسمينها وذبحها في مسلخ متطوِّر، وإنتاج اللحوم في مَصْنع حديث مُعقَّم، حيث يتكوَّن من محجر بيطري، ومزرعة للأعلاف الطبيعيَّة، ومسلخ، وثلاثة مراكز لتجهيز اللحوم، وتغليفها، وبيعها، وهو مشروع مهمٌّ وحيَوي سيفتح الباب لتنميَة الثَّروة الحيوانيَّة العُمانيَّة، ويفتح الطَّريق لها لِتُنافس في محيطها الجغرافي والإقليمي، منطلِقةً من ريادتها للسُّوق المحلِّي، بالإضافة إلى الوظائف التي سيوفرها المشروع المتكامل بشكْلٍ مباشر، وغير مباشر، فتلك المشاريع دائمًا ما تسعى إلى استثمار الأموال الحكوميَّة في مشاريع ذات عوائد مضمونة يصعب على القطاع الخاص القيام بها منفردًا، فتكون المشاريع الحكوميَّة قاطرة ينطلق منها القطاع نَحْوَ تحقيق أهدافه.
كما يأتي مشروع مزرعة استزراع الروبيان بمنطقة قرون في جعلان بني بو حسن الذي يُعدُّ أوَّل مشروع تجاري لاستزراع روبيان، والذي يُنتظر منه أيضًا الكثير في مجال الاستزراع السَّمكي، حيث من المستهدف أنْ تصل الطَّاقة الإنتاجيَّة له عند التَّشغيل الكلِّي للمزرعة حوالي 500ر4 طن سنويًّا، وهذا الإنتاج ستكون له عوائد اقتصاديَّة كبيرة، تسهم في تعديل الميزان التجاري بَيْنَ السَّلطنة ودول العالَم، كما أنَّه يفتح أبوابًا لتعاون القطاع الخاص في مجال التَّعبئة والتَّغليف، بل وبناء مزارع مستقلة على غرار ذلك المشروع الواعد. باختصار، إنَّ السَّلطنة تسعى برُؤية واقعيَّة إلى إقامة مشاريع متنوِّعة ترفد الاقتصاد الوطني بجديد من المنجزات.