نجوى عبداللطيف جناحي :
اعتمدت الجمعية العامة لدى الأمم المتحدة اليوم العالمي للتطوع من خلال القرار A/RES/40/212 في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 1985. ومن ذلك الحين، انضمت الحكومات ومنظومة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني إلى المتطوعين حول العالم للاحتفال في ذلك اليوم في كانون الأول/ديسمبر.
وقد دعت الجمعية العامة الحكومات إلى الاحتفال سنويًّا بمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في 5 كانون الأول/ديسمبر بموجب القرار 40/212 من قرار 17 كانون الأول/ديسمبر 1985) وحثت على اتخاذ تدابير لزيادة الوعي بأهمية إسهام الخدمة التطوعية، وبالتالي تحفيز المزيد من الناس في جميع مناحي الحياة على تقديم خدماتهم كمتطوعين، سواء في الداخل والخارج. ومن ذلك الحين تحتفل جميع دول العالم في الخامس من ديسمبر بيوم التطوع العالمي، وتتنوع أساليب هذه الاحتفالات في الدول حيث تقام المؤتمرات والندوات الفكرية، وتنظم المعسكرات التطوعية، وتصدر البيانات الفنية وغيرها من وسائل الاحتفال التي من شأنها أن تحقق أهداف العمل التطوعي، فهو فرصة للمتطوعين الأفراد والمنظمات لتعزيز مساهماتهم في التنمية على المستويات المحلية والوطنية والدولية عن طريق دعم الأمم المتحدة، فتقدم فرصة فريدة للمنظمات التي تعنى بالعمل التطوعي للعمل جنبا إلى جنب مع القطاع العام والخاص على حد سواء، وذلك لتحقيق أهداف مشتركة منها مكافحة الأمية، وتحسين مستوى المعيشة لمحدودي الدخل، وتطوير المناطق الريفية، ودعم جميع فئات المجتمع كالأطفال والشباب والمسنين، ومساندة المرضى وذوي الإعاقة، وغيرها من الأهداف.
وأرى أن الاحتفال باليوم العالمي للتطوع فرصة للتذكير بأهم مبادئ وقِيَم التطوع التي ترتقي بالعمل التطوعي من التلقائية والعفوية والعمل غير المنظم، إلى العمل المهني المنظم الذي يساعد المتطوعين على المزيد من تحقيق الإنجازات في مجال خدمة الناس، وسنسلط الضوء في هذا المقام على أبرز المبادئ التي تعزز من كفاءة البرامج التطوعية وتزيد من فاعليتها وأهمها:
• وضع الخطط الواضحة للمشاريع التنموية التطوعية، سواء كانت خططا خمسية طويلة المدى، أو خططا تنفيذية، وتتضمن هذه الخطط أهداف المشاريع، وطريقة التنفيذ، وجهة التنفيذ، والجهات المتعاونة، ومصادر تمويل المشروع، والكلفة المالية، وطرق متابعة تنفيذ المشاريع، وتحديد أساليب تقيم مدى نجاح هذه المشاريع وفاعليتها. ويجب حفظ هذه الخطط في سجلات المنظمة الأهلية ليتسنى للمتطوعين متابعة التطوير في عمل المنظمة الأهلية.
• إقامة المراصد الاجتماعية التي من شأنها تحديد احتياجات المجتمع، حيث تقوم هذه المراصد بالدراسات والبحوث لتحديد أولويات حاجات المجتمع، فتحدد هذه المراصد المجالات التي تحتاج لدعم المتطوعين في منطقة ما، فعلى سبيل المثال: تقوم هذه المراصد بدراسة احتياجات قرية ما كحاجة هذه القرية لمتطوعين لتنظيف مجاري الأنهار وتعديل مساراتها، أو الحاجة لإنشاء مستشفيات ومستوصفات متنقلة، أو إنشاء صفوف محو أمية، وتقوم هذه المراصد بإعلان هذه الاحتياجات على مواقعها الرسمية لتستفيد منها الجمعيات التطوعية، وتستعين بها في اختيار المشاريع التطوعية في هذه المنطقة، والتخطيط لها.
• تحفيز المتطوعين واستقطابهم للمشاركة في المشاريع التنموية التطوعية، وتدريبهم لرفع قدراتهم وزيادة فاعلية أدائهم حيث يقدمون الخدمات التطوعية بشكل مهني يعود بالنفع على المجتمع، كما يجب وتحديد حقوقهم وواجباتهم بشكل واضح وتحفظ في وثائق ترسم حدود مسؤولياتهم وصلاحياتهم.
• تعزيز قيمة أهمية العمل التطوعي بحيث يؤمن جميع أفراد المجتمع بأن العمل التطوعي نشاط إنساني محبب ومرغوب لا بد من الانخراط فيه، ولا بد من تربية الأطفال والشباب على الإيمان بأهمية العمل التطوعي، والإيمان بأن خدمة الناس والوطن وأفراد المجتمع واجب وطني يجب الالتزام به، وهو عمل يرضي الله ورسوله وهو مصدر للأجر والثواب ونيل رضا الرحمن، وهو جزء من ثقافة مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وجزء أصيل من موروثاتنا الاجتماعية والأخلاقية.
• تعزيز مبدأ المسؤولية الاجتماعية لدى مؤسسات القطاع الخاص، والتخطيط لإقامة برامج ورصد موازنات في هذا الإطار، وهي متعددة المجالات كمجال العمل الإنساني والعمل البيئي والعمل الاجتماعي، من خلال دعم البرامج والمشاريع التطوعية التي تهدف لتنمية المجتمع.
• إقامة الجسور، ومد طرق التعاون بين القطاعات الثلاثة: العام والخاص والأهلي في سبيل تحقيق شراكة مجتمعية ناجحة تحقق أهدافا تنموية فتنهض بالمجتمع وتسد احتياجات الناس، وتسهم في العملية التنموية كبرامج الرعاية الاجتماعية، وبرامج دعم الأسرة، وبرامج تحسين شؤون المناطق وغيرها. فالتعاون والتكاتف والعمل المشترك المنظم بين القطاعات الثلاثة، يسهم بشكل مباشر في عملية التنمية ويوفر الموازنات في تنفيذ المشاريع التنموية الخدماتية.
تلك هي بعض مبادئ العمل التطوعي التي تعزز من كفاءة البرامج التطوعية، وأرى أن التذكير بهذه المبادئ وإحياءها في المناسبات، لا سيما في مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتطوع يشكل أحد الطرق التي ترفع كفاءة المتطوعين وتحسن من أدائهم وتزيد من الدافعية للعمل التطوعي، وأرى أن الإنسان عندما يفقد إيمانه بأهمية العمل التطوعي يعزز لديه نزعة الأنانية وحب الذات، وهي صفة مذمومة غير مرغوبة وانتشارها بين أفراد المجتمع بضعف التكاتف الاجتماعي... ودمتم أبناء قومي سالمين.