محمد عبد الصادق:
منذ زيارة الدولة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة العربية السعودية بدعوة من أخيه خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، في الصيف الماضي، والوفود الاقتصادية العمانية السعودية في زيارات مكوكية بين مسقط والرياض لاستكشاف الفرص الاقتصادية، وتهيئة البيئة الاستثمارية لتعاون مستدام يقوده القطاع الخاص في البلدين برعاية وتوجيه من قيادتي وحكومتي البلدين الشقيقين، لتأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي للسلطنة أمس، لتعطي دفعة قوية لهذه العلاقات المتنامية، وتؤكد على الإرادة السياسية الواضحة لدى قادة البلدين في تطوير هذه العلاقات واستمرار التعاون والتنسيق المستمر بين الجارتين الخليجيتين، والتدشين لمرحلة جديدة من العمل والتعاون المشترك لما فيه خير ومصلحة الشعبين الشقيقين.
والحقيقة أن جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ أعزه الله ـ أكد منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم سعيه لتعزيز علاقات السلطنة مع محيطها الخليجي ودعم وتقوية مجلس التعاون الخليجي ليقوم بدوره المأمول في تفعيل علاقات التعاون والتشارك بين بلدانه، وبفضل الله وجهد المخلصين من قادة الخليج عاد البيت الخليجي لاستقراره وزالت الشوائب وعادت المياه لمجاريها بين أعضائه، لتبدأ حقبة جديدة من العمل الخليجي المشترك، نستبشر خيرا بإذن الله أن تؤدي إلى نتائج مثمرة بإزالة كافة المعوقات وتمهيد الطريق لوحدة خليجية شاملة.
وفي هذا الإطار تأتي زيارة سمو ولي العهد السعودي اليوم لمسقط، لتبني على ما تم تأسيسه في لقاء "نيوم" والذي تم خلاله الاتفاق على تأسيس مجلس تنسيق عماني سعودي برئاسة وزيري خارجية البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات، وتوجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي، الذي سيسهم في تسهيل تنقل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي الشامل بين الجارتين، كما وجه قادة البلدين بضرورة التواصل الفعال بين الوزراء في الجانبين، وإبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والثقافية والدبلوماسية والتعليمية، بما من شأنه تعزيز المنافع المشتركة التي تعود على شعبي البلدين بالخير والنماء.
وأكد الجانبان عزمهما تحفيز القطاعين الحكومي والخاص، للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقق طموحات الشعبين وتسهم في تحقيق مستهدفات رؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030، عبر حزمة من المبادرات المشتركة تشمل مجالات التعاون الرئيسية؛ منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة والشراكة في مشروعات الأمن الغذائي، وتنظيم الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية، كما رحبا بانعقاد مجلس الأعمال العماني السعودي بمشاركة اتحاد الغرف السعودية ومجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، لتعزيز فرص الاستثمار المباشر وغير المباشر بين القطاع الخاص في البلدين وعقد المؤتمرات والمعارض وإقامة المشروعات الاقتصادية في البلدين.
كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال البيئة ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، لما فيها من منافع محلية وإقليمية وعالمية، كما أكد الجانبان استمرار التنسيق من خلال دول مجموعة أوبك بلس بقيادة المملكة ومشاركة السلطنة للعمل على استقرار وتوازن الأسواق البترولية ومواجهة ضعف الطلب الذي عانت منه الأسواق جراء جائحة كورونا التي ما زالت تؤثر على جزء كبير من العالم، كما رحب البلدان بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أقرته مجموعة العشرين، كإطار شامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، من خلال الخفض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة وتبني مصادر الطاقة المتجددة.
واتفق الجانبان على ضرورة الاستثمار في التقنيات المتطورة والابتكار والصناعة والمجال الصحي والصناعات الدوائية والتطوير العقاري والبتروكيماويات والصناعات التحويلية وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية وتقنية المعلومات والتقنية المالية التي تعود بالنفع على البلدين.