ناصر بن سالم اليحمدي:
شريان المحبة والمودة والطموح والأخوة الذي يجمع بين البلدين الشقيقين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، قيادة وحكومة وشعبا، رغم أنه يمتد منذ قديم الأزل، إلا أنه ازداد قوة ومتانة وتوثيقا في ظل العهدين الكريمين لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظهما الله ورعاهما ـ .. ولقد ساهمت العديد من العوامل في توثيق عرى هذه العلاقة الأخوية التاريخية وعلى رأسها التقاء الرؤيتين الطموحتين "عُمان 2040" و"المملكة 2030" في الكثير من أهدافهما والقواسم المشتركة بينهما، خصوصا ما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط في الناتج القومي وغيرها من الأهداف التي تسعى لتحقيق المستقبل الباهر المشرق للشعبين الشقيقين.
لقد حرصت القيادتان الحكيمتان على توحيد الرؤى المستقبلية بما يعود بالرخاء والازدهار على الشعبين الشقيقين يترجم ذلك الزيارة الكريمة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وتم على أثرها توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات السياسية والاقتصادية واللوجستية والسياحية والثقافية والزراعية ومجال الطاقة والصناعات الغذائية ومواد البناء والإلكترونيات وغيرها من المجالات، ومناقشة كيفية الاستفادة من الموارد الطبيعية لكلا البلدين بما يحقق طموحات وآمال الشعبين ويسهم في تقدمهما وتحقيق مستقبل أكثر نماء لهما.
وتأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية للسلطنة كدليل إضافي على حرص الدولتين على تعميق العلاقات التاريخية بينهما، خصوصا أن أمير الشباب منذ أن تولى مهام منصبه قام بعمل تغيير جذري للمملكة بمباركة والده الملك وحدثت طفرة اقتصادية وسياحية ملحوظة على يديه الكريمتين وأصبحت السعودية محط أنظار الكثير من دول العالم.. فهو صانع الرؤية المستقبلية "المملكة 2030".
إن الحفاوة ومظاهر الفرح التي استقبل بها الشعب العُماني المضياف أمير الشباب تؤكد على ما يحمله من حب وفخر بهذه العقلية الطموحة التي تتطلع للمستقبل بعيْن التقدم والنماء.. فالأفق رحب والآمال عريضة والكل يتمنى أن تتضاعف فرص التعاون والشراكة الفعلية بين البلدين الشقيقين.
لا شك أن زيارة الأمير محمد بن سلمان للسلطنة سوف تحرك عجلة الاستثمارات وإدارة رؤوس الأموال بين الدولتين بما يخلق فرص عمل، ويذلل الصعوبات أمام رجال الأعمال لتعزيز التعاون أكثر فأكثر، ويقرب المسافات بين الشعبين الشقيقين ويصل بهما لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.
تحية لأمير الشباب ونقول له حللت أهلا ونزلت سهلا في بلدك الثاني عُمان، وفقك الله لتحقيق المستقبل الواعد والمزيد من التقدم والنمو والازدهار.
* * *
تهدف الرياضة إلى نشر المحبة والتسامح بين اللاعبين وكانت وما زالت إحدى الوسائل التي تقرب بين الشعوب.. فهي لغة عالمية يفهمها الكبير والصغير حول العالم وأداة لبناء عقل سليم للإنسان في جسم سليم ووسيلة فعالة لتجسيد مفهوم التعايش والسلام.
ويتابع العمانيون ومعظم عشاق الساحرة المستديرة فعاليات بطولة "كأس العرب" المقامة في الدوحة والتي خرجت في أبهى حلة وبمظهر أكثر من رائع من حيث المتعة والإثارة والتشويق والتنظيم.. ولكن الأجمل هو الشعور بالوحدة التي جمعت شعوب الدول العربية المشاركة. فالمشجعون جاءوا من أجل الاستمتاع باللعبة الأشهر على العالم بصرف النظر عن الفائز؛ لأن الكل هنا فائز.. فالانتصار ليس بأهمية الشعور بالوحدة العربية التي جمعت بينهم في المدرجات والشوارع والفنادق والأماكن المختلفة بالشقيقة قطر.
لا شك أن هذه التظاهرة الرياضية بمثابة دروس خصوصية للاعبين العرب للتعرف عن قرب على مهارات بعضهم البعض، بالإضافة إلى الخطط المحكمة التي تؤدي في النهاية إلى الفوز.. فمثل هذه المباريات تجربة حية للمدربين كما هي للاعبين، بحيث يتم تحفيز الفرق لتقوم بدورها المنوط بإحراز البطولات المحلية والإقليمية والدولية مع صقل المواهب والدفع بها نحو التميز.
أما بالنسبة لمنتخبنا الوطني فرغم الأخطاء التحكيمية الواضحة للعيان، إلا أن المحللين يقولون إن لاعبينا عناصر ذات كفاءة عالية ويمتلكون روحا وثابة، ومن الممكن أن يحققوا البطولات.. ولكن كل ما يحتاجون إليه هو مايسترو متمكن يقودهم إلى الطريق الصحيح، والكرواتي برانكو إيفانكوفيتش رغم أنه يملك خبرة وشخصية قوية إلا أنه ظهر مهزوزا وغير قادر على قراءة الواقع جيدا، فظهر المنتخب مفتقدا لروح الفريق الواحد والانسجام، وهو ما نتمنى أن يتداركه في المستقبل في بقية المباريات التي يخوضها المنتخب تحت قيادته ولا يعلق ارتباكه على شماعة "الحظ" كما يدعي دائما. فكُرة القدم ليست حظا مائة بالمائة، بل هي في الأساس مهارة لاعبين وقيادة صائبة وخطة محكمة من المدرب.
إن بطولة "كأس العرب" تحولت من مجرد لعبة جميلة إلى ساحة حب وإخاء، واستطاعت أن تعزز لدى الأشقاء مفهوم وحدة الأصل والدين واللغة والثقافة والعادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية، وهذه الوحدة نتمنى أن نراها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها بما يجعلنا يدا واحدة ونستحق عن جدارة أن نكون خير أمة أخرجت للناس.