ارتبط لدينا منذ الصغر التاريخ بالسنة الميلادية على الرغم من أن المعلمة كانت تكتب على السبورة السوداء التاريخ الميلادي على اليسار والتاريخ الهجري جهة اليمين حتى تذكرنا يومياً بالاثنين معاً ، إلا ان الكثير من أمور الحياة ارتبطت بالتاريخ الميلادي، فعيد يوم الميلاد والمعاملات في العمل وجميع الوثائق التي نتعامل بها ارتبطت بالميلادي ، حتى أن المواليد الذين ولدوا في فترة لم يكن التسجيل الرسمي حاضراً منحوا شهادات تقدير بأول يوم من السنة الميلادية.
ونجد عند نهاية كل سنة ميلادية تظهر أشجار عيد الميلاد الخضراء لتزين المحال والمراكز التجارية لبدء استقبال السنة الميلادية الجديدة إلا إذا كان الهدف من وضعها حسب تفسير الألمان الذين استخدموها قبل ميلاد المسيح باعتبارها رمزاً للحياة الدائمة والبقاء ولكني أستبعد ان يكون هذا هو الهدف ، إضافة إلى العروض التخفيضية التي تحتفي بهذه المناسبة، وفي ظل هذه الثقافة التي أتت الينا من الدول الغربية، أصبح الكثيرين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا يعرفون التاريخ الهجري وفي أي سنة هجرية نحن الآن وهم غير ملامين لأن التعامل بالتاريخ الهجري قليل جداً ولولا الإجازات الرسمية التي تمنح للمناسبات الرسمية لما تذكرنا في أي سنة هجرية نحن الآن، على عكس التاريخ الميلادي الذي صار هو التقويم الأساسي في حياتنا اليومية، فمناسبة المولد النبوي الشريف أتت هذا العام في نفس الفترة الزمنية لدخول السنة فطغت الأحتفالات بأعياد الميلاد على هذه المناسبة، قد يكون ذلك بسبب ثقافة الشعب والاهتمام الذي يلاقية دخول العام الجديد من إحتفالات يعد لها مسبقا، والترويج الإعلامي لها من مختلف القنوات الفضائية، وكذلك الحملات التسويقية التي تمارسها الشركات للترويج لمنتجاتها.
هنا شيء من التناقض كوننا بلد مسلم أليس من المفترض أن يكون أرتباطنا بالسنة الهجرية أقوى من ارتباطنا بالسنة الميلادية، وذلك حتى تترسخ لدى الأجيال القادمة ثقافتنا الدينية التي ننتهجها في جميع النواحي وخاصة بأن التاريخ الميلادي هو تاريخ ميلاد المسيح عليه السلام نبي الديانة المسيحية، مما يخلق تشتت في الفكر فإذا كنا كمسلمين نستلهم مبادئنا ونظام الحياة بشكل عام من العقيدة الإسلامية لماذا لا يكون التاريخ أيضاً مرتبطاً بهذه العقيدة التي شرفنا بها الله سبحانه وتعالى، إلى جانب التاريخ الميلادي مراعاة لبعض التعاملات في الأعمال مع الدول التي تدين بالمسيحية مع إبقاء التاريخ الهجري كأساس في معاملاتنا الحياتية وحتى لا ينسى هذا الجيل والأجيال القادمة في أي سنة هجرية هي، وحتى نرسخ الثقافة الإسلامية في أبسط تعاملاتنا كون الفترات القادمة ستكون فترات صعبة في جعل الدين هو الأساس وسط زحمة التيارات والأفكار والثقافات التي نتلقاها كل دقيقة من خلال الانفتاح على الثقافات الغربية ونتيجة لتفوقهم الإعلامي علينا ، حيث صرنا أمة مستهلكة لا منتجة ، نتقبل كل ما يطرح ويسوق إلينا دون مراعاه لثقافتنا وقيمنا الإسلامية ، فأصبح هذا الجيل " وأعني هنا جيل ثقافة الإنترنت " يتلقى كل ما يسوق عبر هذه الشبكة التي أصبحت في متناول الجميع وبتوجهات تبعده عن المبادي التي أمر بها الدين الإسلامي فيكون إسلامه مجرد حبر سجل على وثائق رسمية ، قد يقول قائل بأن التاريخ شيء بسيط قد لا يؤثر وهنا اقول إذا كانت تعاملاتنا بشكل عام تعتمد على التاريخ الميلادي فكيف يمكن أن نتذكر المناسبات الدينية باستثناء رمضان وعيد الفطر وعيد الحج ، هل أصبحنا نتذكر على سبيل المثال تاريخ غزوة بدر وغزوة أحد والأحداث التاريخية المهمة في التاريخ الإسلامي ؟!! لولا لم تمر تلك الأحداث في مقررات التربية الإسلامية بالمدرسة لما عرفنا عنها ، كيف يمكن أن نعرف ما هي الأيام الواجب والمستحسن الصيام فيها إذا كنا نجهل التاريخ الهجري.
أرى بأنه على الجهة المعنية أن تلزم المؤسسات باختلافها أن يكون التعامل فيما بينها بالتاريخ الهجري بدلاً من الميلادي أو يكون وجود التاريخ الميلادي إذا استدعت الحاجة لذلك، وأن توضع تواريخ الفعاليات بالهجري والإعلانات المهمة بشكل عام وأن تستخدم مواقع التواصل الإجتماعي لتنظيم حملة تذكر فيها بالتاريخ الهجري وضرورة جعله التاريخ الذي نستند عليه في تعاملاتنا الحياتية والمناسبات والأحداث المهمة التي يجب الوقوف معها وتذكرها.
لكل دين تاريخه وواجب علينا أن نطلع على تواريخ تلك الأديان حنى نتعرف على ما سبق ديننا والعلاقة بين الأديان والهدف من التسلسل في ظهورها حسب الفترات الزمنية، ولكن تبقى تعاملاتنا منبثقة من أساس ما نعتقد ومؤمن به.

خولة بنت سلطان الحوسنية @sahaf03