مسقط ـ «الوطن» :
أولت السلطنة اهتماما بالغا بفكرة الاستمطار الاصطناعي التي عززت كميات هطول الأمطار لدعم مخزونها من المياه الجوفية، وبالتالي تغطية عجزها المائي المقدر بـ316 مليون متر مكعب كل عام. كما أن تجربة الاستمطار الاصطناعي هي تقنية تتشارك مع الطبيعة لتعزيز الموارد المائية فكانت إحدى أهم التجارب التي ركزت عليها دول المنطقة ومن بينها السلطنة التي تقع في حزام الدول الجافة وشبه الجافة، وقد صنفها برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنها شديدة الجفاف في معظم مساحاتها بسبب ارتفاع درجات الحرارة فيها.
وأوضحت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بأن عدد محطة الاستمطار الاصطناعي في السلطنة يبلغ 12 محطة، منها محطتان على جبال محافظة ظفار و10 محطات على جبال الحجر الشرقي والغربي ويتركز نطاق تأثير هذه المحطات على مناطق جنوب غرب جبال الحجر الشرقي والغربي وذلك بسبب تأثير الرياح السائدة في طبقات الجو العليا خلال فصل الصيف حيث تنشط التكوينات المحلية للسحب الركامية على هذه الجبال.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه التقنية أثبتت نجاحها في السلطنة في تعزيز الأمطار خلال السنوات الماضية بنسبة 15-18%. حسب التقارير الإحصائية الصادرة للأعوام الستة الماضية حيث يتم جمع بيانات الأمطار عن طريق وسائل مختلفة وهي أجهز قياس كمية الأمطار الموزعة حول محطات الاستمطار في مختلف محافظات السلطنة.
وقد حققت محطات الاستمطار بالسلطنة تأثيرا في معظم المحافظات في السلطنة عدا محافظة مسندم والتي يتم عمل دراسة لمدى فاعلية إنشاء محطة استمطار فيها، ومحافظة الوسطى التي اتضح عدم توافر العوامل الأساسية فيها لنجاح التقنية، ولا يزال مركز الاستمطار الاصطناعي بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه عاكفًا على دراسة البحوث والتقنيات الجديدة والتي من شأنها تحديث منظومة الاستمطار لجعلها شاملة على جميع أرجاء السلطنة.
ويقدر حجم الموارد المائية المتجددة السنوية في السلطنة حوالي 1318 مليون متر مكعب ويزداد الطلب على هذه الموارد وخصوصا في المجال الزراعي حيث يستهلك ما يقارب 83% من الاحتياجات المائية السنوية.
دورة المياه في الطبيعة
يتحرك الماء حركة مستمرة من المحيطات إلى الهواء، ثم ينتقل من الهواء إلى طبقات الجو العليا ليعود إلى الأرض ومنه إلى مصادر المياه مرة أخرى في دورة طبيعية تحدث بشكل منتظم على الأرض وهي دورة المياه في الطبيعة والتي تتضمن حركة المياه المستمرة بين الأرض وكل طبقات الغلاف الجوي، وتتكون من مراحل متتالية وهي: التبخر، والتكاثف، الهطول والجريان، ويختلف توزيع المياه بين هذه المراحل إلّا أن الكمية الكُلية خلال دورة المياه تبقى ثابتة.
مصادر المياه في السلطنة
تمثل المياه الجوفية ما نسبته 83% من مصادر المياه في السلطنة تليها مياه التحلية بنسبة 10 % في حين لا تشكل المياه السطحية إلا 5% فقط، أما مياه الصرف المعالجة فلا تمثل إلا ما نسبته 2% فقط.
وتعد المياه الجوفية هي المصدر الرئيسي للمياه العذبة في السلطنة. وتعد الأمطار هي المصدر الرئيسي لتغذية الموارد المتجددة حيث تخزن كميات منها في مختلف الطبقات الصخرية الحاملة للمياه تحت سطح الأرض لتستخرج لاحقا عن طريق الآبار والأفلاج والعيون وتكون المياه الجوفية في المناطق الجبلية والسهول القريبة عذبة صالحة لمختلف الاستخدامات، حيث إن جودة هذه المياه تتأثر بمدة ومسافة سريانها وتصبح مالحة باتجاه الأجزاء الساحلية والصحراوية.
كما أن المعدلات السنوية المنخفضة لهطول الأمطار في السلطنة والنمو المتسارع الذي تشهده السلطنة في جميع أوجه الحياة، جعل السلطنة تتجه للبحث عن حلول وبدائل لمواجهة هذا العجز والتي تمثلت استراتيجيا في وضع خطة رئيسية لإدارة وتنمية الموارد المائية في السلطنة متضمنة سن القوانين والتشريعات وكذلك بناء السدود بمختلف أنواعها وبرامج تقييم ومراقبة موارد المياه والعمل على الاستفادة من البدائل الأخرى المتاحة المتمثلة في تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي، ومع التقدم التكنولوجي في العالم ظهر الاستمطار الاصطناعي.
محطات البواعث الأيونية
استخدمت السلطنة محطات البواعث الأيونية والتي تعمل على نشر الأيونات سالبة الشحنة والتي تنتج من جهاز عالي الجهد مثبت في محطة الاستمطار، لتلتصق الأيونات بذرات الغبار المتواجدة في الهواء وتنقل الشحنة الكهربائية معها لتكون نواة للتكثف لاحقًا. وتنقل هذه الأيونات إلى السحب بواسطة الرياح الصاعدة والتي تنتج من خلال عملية الحمل الحراري أو عن طريق اضطراب في الغلاف الجوي (مطبات هوائية)، حيث تعمل الأيونات كنواة لتكثف بخار الماء الموجود في السحب وحولها وتحفز الشحنات الكهربائية عملية التصادم بين جزيئات بخار الماء لتندمج مع بعضها وتصبح قطرات كبيرة قادرة على السقوط على شكل أمطار.
12 محطة استمطار الاصطناعي
أنشئت أول محطتي استمطار في السلطنة عام 2013 الأولى على جبل السراة بولاية عبري بارتفاع 2670 مترا ليشمل تأثيرها على محافظات الظاهرة والداخلية وجنوب الباطنة والثانية على جبل حيل الروس بنيابة الجبل الأخضر على ارتفاع 2337 مترا ويشمل تأثيرها على كل من محافظتي الداخلية وجنوب الباطنة. وفي عام 2014 أنشئت محطتان، إحداهما بولاية صحم في محافظة شمال الباطنة على جبل الريس على ارتفاع 1634 مترا ليشمل تأثيرها على محافظات الظاهرة وشمال وجنوب الباطنة والثانية بولاية سمائل في محافظة الداخلية على ارتفاع 1389 مترا بجبل الكعاب ليشمل تأثيرها محافظتي مسقط وشمال الشرقية. وفي عام 2015 تم إنشاء محطتين، الأولى كانت في ولاية دماء والطائيين بمحافظة شمال الشرقية على ارتفاع 1833 مترا بالجبل الأبيض وشمل تأثيرها على محافظتي مسقط وشمال الشرقية والمحطة الثانية في محافظة شمال الباطنة في صحار على ارتفاع 1255 مترا بجبل الحور وقد شمل تأثيرها محافظتي الظاهرة وشمال الباطنة. وفي عام 2016 تم إنشاء أول محطة في محافظة مسقط في ولاية قريات على الجبل الأبيض على ارتفاع 1574 مترا ليشمل تأثيرها محافظتي مسقط وشمال الشرقية وفي نفس العام تم إنشاء محطة الخابورة بمحافظة شمال الباطنة على ارتفاع 1328 مترا ليشمل تأثيرها على محافظتي الظاهرة وجنوب الباطنة.
وفي عام 2017 أنشئت محطتان إحداهما في محافظة شمال الباطنة بولاية لوى على قمة جبل الغشابي بارتفاع 1227 متر ويشمل تأثيرها على كل من محافظتي شمال الباطنة والبريمي والأخرى أنشئت على جبل علكا بمحافظة الداخلية بولاية بدبد على ارتفاع 1634 مترا ليشمل تأثيرها أجزاء من محافظتي شمال الشرقية والداخلية.
أما في عام 2018 فأنشئت محطتا استمطار على جبال محافظة ظفار، الأولى في ولاية رخيوت على جبل جحد (جبل القمر) بارتفاع 1029 مترا والثانية في ولاية ضلكوت على جبل حموت على ارتفاع 1176 مترا ليشمل تأثيرها على قرى الولاية.