[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
” رغم فجاعة حوادث الطيران, والتي يروح ضحيتها في الأغلب معظم الركاب, إلاّ أن السفر بالطيران يظل الوسيلة الأكثر راحة وأماناً, مقارنة بالسفر عن طريق البر بالسيارات أو البحر بالسفن, وهذا وفقاً للأرقام والإحصائيات التي تؤكد ندرة حوادث الطيران, وأعداد الضحايا الناتجة عنها, مقارنة بحوادث السيارات أو القطارات, أو حتى ركوب السفن.”
ــــــــــــــــــــــــــــ
طاردت اللعنة الخطوط الجوية الماليزية في 2014م , بعد سقوط ثلاث طائرات للشركة في سنة واحدة , هذه الحوادث جعلت الشركة على شفا الإفلاس واضطرت لتسريح ثلث موظفيها , بعد انصراف الركاب عنها , والتصاق شبح الموت برحلاتها , حتى أنها لجأت لتسويق رحلاتها عن طريق استراليا بربع الثمن ومع ذلك تتحرك الطائرات شبه فارغة , بسبب السمعة السيئة التي لحقت بالشركة التي كانت من أكبر شركات الطيران في آسيا , ولها خطوط تربط ماليزيا بمعظم دول العالم .
الكارثة الأولى كانت في شهر مارس 2014م عندما انطلقت الطائرة الماليزية البوينج 777 من كوالالمبور في طريقها إلى العاصمة الصينية بكين وعلى متنها 239راكباً , ولكنها اختفت من على شاشات الرادار بعد ساعتين من إقلاعها ورغم تعاون عشرات الدول في عمليات البحث عن الطائرة المنكوبة ؛ لم يتم العثور على أثر للطائرة , وكانت آخر رسالة صادرة عن قمرة القيادة من مساعد الطيار عبارة "حسناً .. تصبحون على خير" ثم تلا ذلك الإغلاق اليدوي المتعمد للنظامين الرئيسيين للاتصال وتحديد الموقع ؛ وهو ما أثار علامات استفهام كثيرة حول قائد الرحلة طاهري أحمد شاه ومساعده , اللذين تم التحري عنهما وتفتيش منزلهما دون الوصول لشيء ذي قيمة , يساعد في فك لغز اختفاء الطائرة حتى الآن , مما ترك المجال واسعاً للاجتهادات والتكهنات والشائعات .
فهناك خبير طيران فرنسي اتهم الجيش الأميركي بالضلوع في إسقاط الطائرة , بعد وصول معلومات عن طريق المخابرات الأميركية بتعرض الطائرة للاختطاف على يد اثنين من الركاب اللذين صعدا الطائرة بجوازات سفر مزورة , وأجبرا قائد الطائرة على تحويل مساره إلى المحيط الهندي لتدمير قاعدة "دييجو جارسيا" الأميركية ؛ الواقعة بالقرب من جزر المالديف على غرار عملية اختطاف الطائرات في 11سبتمبر 2001م , وعندما لاحظت أجهزة الرادار الأميركية اقتراب الطائرة من القاعدة , ورصدت المحادثات الدائرة بين الخاطفين , أعطت أوامرها بإطلاق الصواريخ , وإسقاط الطائرة قبل وصولها للقاعدة , ويستند الخبير الفرنسي في زعمه لرواية شهود عيان في جزيرة المالديف أخبروه أنهم رأوا طائرة ضخمة تحلق على ارتفاع منخفض متجهة ناحية الجزيرة وتحمل ألوان العلم الماليزي كما أن وسائل إعلام محلية في المالديف نشرت معلومات بعد وقت قصير من وقوع الحادث تفيد أن أمواج المحيط الهندي جرفت جسماً يعتقد أنه مطفأة حريق طائرات , وزعم الخبير أنه تعرض للتهديد من قبل ضابط استخبارات بريطاني حذره من الحديث عن مصير الطائرة الماليزية , وأمره أن يغلق فاه وإلاّ تعرض لعواقب وخيمة , وكثرت الروايات والشائعات من هذا النوع عقب إعلان عائلات الضحايا رصد جائزة مالية قدرها 5ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في فك لغز اختفاء الطائرة .
الكارثة الثانية التي لحقت بالخطوط الجوية الماليزية كانت في 17يوليو 2014م عندما تحطمت الطائرة (أم أتش 17) والتي كانت تحمل على متنها 298راكباً في طريقها من العاصمة الهولندية أمستردام إلى كوالالمبور, أثناء تحليقها فوق مدينة دونيتسك الخاضعة للانفصاليين شرق أوكرانيا, وتبين من التحقيقات تعرضها لصاروخ أرض جو بطريق الخطأ نتيجة الصراع المسلح بين الجيش الأوكراني , والانفصاليين المدعومين من موسكو , وتبادل الطرفان الاتهامات وتحميل كل طرف المسؤولية عن الحادث للطرف الآخر لتتوه الحقيقة, وتتحمل الشركة المنكوبة التعويضات المادية لأهالي الضحايا, وتزداد سمعتها سوءاً.
وأبى 2014م أن ينصرف دون أن يجهز على الشركة الماليزية المسكينة عندما سقطت طائرة أيرباص تابعة للشركة يوم الأحد الأخير من شهر ديسمبر الماضي كانت تقوم برحلة بين إندونيسيا وسنغافورة وعلى متنها 161 راكباً, وتعرضت للسقوط بعد طلب قائدها تغيير خط سيرها نتيجة العواصف الرعدية التي ضربت المنطقة, ومنعت الرؤية حول الطائرة, ولكن سرعان ما اختفت الطائرة من شاشات الرادار وفقدت الاتصال ببرج المراقبة, لتسقط في المحيط, ولكن القدر كان أقل إيلاماً هذه المرة, بعد العثور على بعض حطام الطائرة ورفات 22من الركاب حتى كتابة المقال, وتتواصل عمليات البحث للوصول للصندوقين الأسودين قبل توقف الإشارات الصادرة عنهما والتي تستمر لمدة شهر ـ لمعرفة ملابسات الحادث, وحتى تتجنب مصير الطائرة الأولى التي اختفت ولم يعرف مكانها , بعد نفاد الطاقة من صندوقيها الأسودين.
ومن أشهر كوارث الطيران وأكثرها غموضاً, ما حدث لطائرة مصر للطيران البوينج عام 1999م , التي تحطمت عقب إقلاعها بنحو ساعة فوق المحيط الأطلنطي قبالة سواحل ولاية ماسا تشوستس الأميركية, وأدى الحادث لمقتل 217 شخصا هم جميع الركاب وطاقم الطائرة, وأثار الحادث تساؤلات عديدة لم تجد إجابة حتى الآن , رغم ظهور تقرير هيئة السلامة الأميركية, والذي رفضه الجانب المصري بسبب زعم التقرير أن مساعد الطيار جميل البطوطي تعمد إسقاط الطائرة والانتحار بسبب جملة قالها وهي " توكلت على الله" وهي جملة لم يفهم معناها الأميركان لأنها عبارة لا يقولها منتحر , وإنما إنسان يقوم بعمل صعب ويطلب عون الله لإنجازه.
وظهرت تقارير كثيرة تؤكد وجود شبهة جنائية وتعمد وراء الحادث, أحدها استند لشهادة أحد الطيارين الألمان الذي كان على خط ملاحي قريب من الطائرة المصرية وقت وقوع الكارثة, والذي أكد أنه شاهد جسماً غريباً يمر بالقرب منه ويتجه إلى الطائرة المصرية, مما أدى لانفجارها وسقوطها في مياه المحيط لتتحول إلى أجزاء متناثرة, ولعل هذا يفسر عدم العثور على أية أشلاء بشرية لأي جثة من جثث الضحاياٍ, وكل ما تم العثور عليه أجزاء صغيرة جداً من جسم الطائرة, وأنسجة بشرية دقيقة هي كل ما تبقى من رفات الركاب نتيجة تعرض الطائرة لضغط هوائي شديد بعد انفجار جسم معدني يشبه الصاروخ في ذيل الطائرة, وأصحاب نظرية الصاروخ يرجعون استنتاجاتهم لوجود وفد عسكري مصري رفيع؛ مؤلف من 33 ضابطاً من الطيارين والرتب الوسطى كان عائداً من رحلة تدريبية متقدمة في الولايات المتحدة, وكذلك وجود ثلاثة خبراء مصريين في مجال الذرة, و7خبراء في مجال النفط على متن الطائرة المنكوبة, ولكن مسؤولية وضع هذا الكم من الكفاءات والخبرات البشرية في رحلة واحدة تقع على عاتق السلطات المصرية.
وتمكنت سفن الأسطول البحري الأميركي من الوصول للصندوق الأسود للطائرة, ولكن الجانب الأميركي حجب معظم المعلومات, واكتفى بنشر مقتطفات من حوار قائد الطائرة ومساعده تتردد فيه أكثر من مرة عبارة " توكلت على الله" على لسان جميل البطوطي مساعد الطيار ليلصقوا به تهمة الانتحار وينفضوا أيديهم من المسؤولية عن الكارثة, لتتحمل مصر للطيران المسؤولية عن الحادث وعبء التعويضات كاملة لأهالي الضحايا, مع ما لحق بسمعة الشركة من آثار سلبية استمرت سنوات وأثرت على مبيعاتها وأرباحها.
رغم فجاعة حوادث الطيران, والتي يروح ضحيتها في الأغلب معظم الركاب, إلاّ أن السفر بالطيران يظل الوسيلة الأكثر راحة وأماناً, مقارنة بالسفر عن طريق البر بالسيارات أو البحر بالسفن, وهذا وفقاً للأرقام والإحصائيات التي تؤكد ندرة حوادث الطيران, وأعداد الضحايا الناتجة عنها, مقارنة بحوادث السيارات أو القطارات, أو حتى ركوب السفن.