علي بدوان:
جشع السلطة، ومعركة الفوز بها في أي انتخاباتٍ تشريعيةٍ قادمة في "إسرائيل"، باتت الشغل الشاغل للمعارضة بشخص نتنياهو، الذي ما زال يحمل فائض الطموح للعودة لرئاسة الحكومة. فالمعركة السياسية محتدمة داخل "إسرائيل" بين رئيس الحكومة الائتلافية (نفتالي بينيت) ورئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي ما زال يمتلك فائضًا من الطموح للعودة لرئاسة الحكومة والإطاحة بالحكومة الائتلافية التي يقودها (نفتالي بينيت). كما أن المسعى الذي يسير إليه نتنياهو للعودة لرئاسة الحكومة، محاولة حثيثة منه للتخلص من ملفات الفساد التي ستلاحقه عاجلًا أم آجلًا (تلقي رشاوى وهدايا وفضيحة 4000 صفقة الغواصة الألمانية..إلخ).
فنتنياهو، الرجل القوي بكل الحالات في "المعادلة الإسرائيلية"، يُسانده ويسعى للاصطفاف معه في تولي منصب رئاسة الحكومة، كما يطمح في الانتخابات التشريعية القادمة نحو (66% من ناخبي أوسط وجمهور اليمين في إسرائيل)، فيما 25% يصطف مع تولي رئيس الحكومة الحالي، نفتالي بينيت، للمنصب، منهم نحو (16% من ناخبي جمهور اليمين في إسرائيل).
وفي مقارنة مع (تومي لبيد) رئيس حزب "ييش عتيد" (حزب يوجد مستقبل) وهو شريك نفتالي بينيت في الائتلاف الحكومي، حظي نتنياهو بدعم 48% من مواقف العيِّنة المستطلعة، فيما حصل تومي لبيد على دعم 24%..
في استطلاع الرأي الأخير في "إسرائيل" قال 43% إنهم يدعمون تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو، في حين قال 36% إنهم يؤيدون الائتلاف الحالي بقيادة الثنائي (نفتالي بينيت + تومي لبيد)، اللذين تقاسما مدة رئاسة الحكومة الحالية بينهما، بالرغم من عدد الأعضاء الأكثر في الكنيست المنتمين لحزب (ييش عتيد) برئاسة تومي لبيد، عن حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينيت.
المعطيات أعلاه، جاءت ونُشرت، وتم تشريحها من قبل المحللين السياسيين والمتابعين في "إسرائيل"، على صفحات المطبوعات "الإسرائيلية" يوم 5/12/2021، بعد إعلان نتائج لاستطلاع الرأي العام، الذي تم إجراؤه وإنجازه بواسطة معهد "ميدغام" برئاسة مانو غيفاع. وشمل الاستطلاع عيِّنة مكوّنة من 509 أشخاص، بنسبة خطأ تصل إلى 4.4%.
وبالطبع، فإن استطلاع الرأي العام ليس الدليل الحاسم والقاطع لما ستؤول إليه نتائج أي انتخابات تشريعية، لكنه يُقدم، استشفاف وتقدير، لنتائج أي عملية انتخابية تشريعية قادمة، وقراءة لها، حال تم إنجازها في ظل الصراع السياسي المحتدم بين الحكومة الائتلافية (ذات الوضع القلق والمهزوز) والمعارضة القوية نسبيًا. فما زال نتنياهو الشخص الأقوى في الأطر الحزبية المختلفة في "إسرائيل".
إن أسباب قوة نتنياهو، وتفوقه السياسي واكتساحه لجمهور اليمين، في "إسرائيل" يعود لعدة أسباب: أولها خبرته السياسية والمراكمة التي كوّنها خلال سنوات طويلة من رئاسته لعدة حكومات متعاقبة، وبالتالي قدرته على تقديم برنامجه للناس والتوجه لعواطفهم ورغباتهم، واختياره لطاقم الدعاية الانتخابية المناسب. وثانيها تصعيده في تصريحاته بشأن إيران وملفها النووي في ظل مفاوضت فيينا. وثالثها التفاف غالبية أطراف وأحزاب اليمين التوراتية الحريدية وراء مواقفه وسياساته في تحالف متين بينهما عمره سنوات طويلة، وهي أحزاب أغدق عليها نتنياهو. ورابعها أن نتنياهو يُقيم شبكة من العلاقات مع أطراف دولية مختلفة تفوق كفاءة نفتالي بينيت في هذا الميدان. وخامسها علاقات نتنياهو الأعمق من علاقات منافسه (نفتالي بينيت) مع منظمة (الإيباك) وهي منظمة اليهود الأميركيين في الولايات المتحدة الأميركية، وهي منظمة نافذه، وذات حضور وسطوة، بين اليهود في الولايات المتحدة.
إن التباينات بين نتنياهو وبينيت موجودة حول أكثر من موضوع سياسي داخلي في "إسرائيل". وأولها له علاقة بكيفية وآلية التعامل مع الملف الإيراني، خصوصا مع بوادر النجاح النسبي (نقول النسبي) في مفاوضات فيينا بين دول (5+1) وإيران. وثانيها ميزانية الدولة بعد المصادقة (المسلوقة) عليها خلال الشهر الماضي. وثالثها ملف كورونا والاعتمادات المالية المتدنية غير الكافية في مواجهة تلك الجائحة. ورابعها له علاقة بملف التطبيع مع بعض البلدان العربية، الملف الذي يميل (نفتالي بينيت) بالتخبط به.
إن تلك التباينات بين نتنياهو وبينيت دفعت بالأخير لسحب حرس الشرطة من أمام منزل نتياهو قبل أيام خلت، وهو ما دفع نتنياهو للصراخ والقول بأنه "يخشى مصير رحبعام زئيفي" وهو الوزير الذي قتل في العام 2001.
نعود، لنتائج استطلاع الرأي الأخير في "إسرائيل"، المشار إليها أعلاه، وحال إجراء الانتخابات خلال الفترة الراهنة أو القريبة زمنيًّا، توقعت النتائج حصول القائمة المشتركة، في انتخابات على ستة مقاعد برلمانية، في حين تحصل القائمة "الموحدة" (الإسلامية الجنوبية) على خمسة مقاعد. وحصول "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو، على 34 مقعدًا، فيما يحل حزب "ييش عتيد"، برئاسة يائير لبيد، ثانيًا بحصوله على 19 مقعدًا.
وفي التقدير أن تفشل مختلف المعسكرات الحزبية في حشد أغلبية لتشكيل ائتلاف حكومي من 61 عضو كنيست، إذ يحصل الائتلاف الحالي على 57 مقعدا، كما يحصل معسكر نتنياهو (الليكود والأحزاب الحريدية و"الصهيونية الدينية")، على نفس العدد من المقاعد (57).