إبراهيم بدوي:
تمتلك السلطنة موقعا جغرافيا فريدا يجمع المتخصصون على أنه يرشحها للوصول إلى أكثر من ملياري مستهلك حول العالم عبر منظومتها اللوجستية المتكاملة كالموانئ التجارية والمطارات العالمية والمنافذ والموانئ البرية، وهي بالتأكيد مقومات متفردة تدركها السلطنة، وتعمل على رفع كفاءة قطاعها اللوجيستي بكل الطرق الممكنة، حيث تعول البلاد على هذا القطاع الواعد في تحقيق توجُّهاتها نحو التنويع الاقتصادي المأمول، الذي سينعكس تطويره على الأداء الاقتصادي العام للسلطنة، وتعظيم قدرتها على تحقيق نمو مستدام يواكب الطموح والتطلع الشعبي والحكومي. فموقع السلطنة الجغرافي يرشحها لتكون بوابة لوجستية ونقطة عبور للبضائع من الأسواق الإقليمية للأسواق العالمية، وهو ما سيصب في إقامة حركة صناعية وزراعية وتجارية تفتح المزيد من الفرص، وتتجه بالاقتصاد نحو التنوع الذي يعد الهدف الرئيسي للاقتصاد العماني في المستقبل.
إن الطموح العماني المشروع الذي يرتكن أولا لإرث تاريخي لموقع عُمان التجاري حول العالم، وشهرة وصيت أبناء عُمان كبحارة خاضوا عبر تاريخهم التليد عباب البحر، بجسارة مشهودة دون خوف، فكانوا من أهم أسياد البحر على مر تاريخهم البحري المشرق، بالإضافة إلى ما حققوه في حاضرهم من بنية أساسية لوجستية، تقوم على موانئ تاريخية، تلحفت بأحدث التقنيات العالمية، وطرق تمثل شريان الحياة للربط بين تلك الموانئ، استطاعت السلطنة بناء منظومة تحمل طموحات المستقبل وآماله المعقودة لتحقيق الجهود الرامية إلى التنويع الاقتصادي الوطني، وترسيخ مكانة السلطنة كمركز لوجستي عالمي، ينشط حركة التجارة في محيطه الإقليمي، ويمثل منفذا عالميا للبضائع من وإلى المنطقة. فالقطاع اللوجستي يمثل أحد المحاور الرئيسة في رؤية عُمان 2040، والتي تفتح الطريق نحو المستقبل الذي تسعى السلطنة للوصول إليه والذي يواكب تطلعات شعبها.
ويأتي احتفال مجموعة أسياد بالافتتاح الرسمي لميناء خزائن البري في مدينة خزائن الاقتصادية بولاية بركاء، والذي يأتي ضمن استثمارات جهاز الاستثمار العُماني في قطاع اللوجستيات بالشراكة مع القطاع الخاص، خطوة ملهمة نحو تحقيق النمو المنشود للقطاع اللوجستي؛ لما له من دور فعّال وحيوي في استقطاب العديد من الفرص الاستثمارية وجذب المشاريع الاقتصادية وتنشيط وتسريع الحركة التجارية وتحقيق النمو المستدام للاقتصاد الوطني، والعديد من المزايا التي تستفتح فرصا عدة لتوظيف الكوادر البشرية العمانية، كما ستفتح آفاقا جديدة لريادة الأعمال، خصوصا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. فالميناء الجديد سيعمل على رفع مستوى الأنشطة التجارية والاقتصادية في الولايات المجاورة لمدينة خزائن الاقتصادية، خصوصا أنشطة النقل والتخزين والتخليص الجمركي، وهي أعمال وأنشطة تدار من قبل الشباب العُماني، فالأنشطة التجارية المصاحبة للميناء البري، والقيمة التي ستضيفها للقطاع اللوجستي، يجعلنا ننظر بأمل نحو مستقبل مشرق للسلطنة، مستقبل يستفيد من مقومات الحاضر وخبرات الماضي، ليصنع الفارق.
إن افتتاح الميناء البري الجديد والذي يعد إضافة للمنظومة اللوجستية، وما تشهده السلطنة من خطوات ملهمة تحت القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم، تسعى إلى تنمية العلاقات الاقتصادية في المحيط الإقليمي والعالمي، والاستفادة القصوى من العلاقات الدبلوماسية المميزة، والعمل على تحويلها لعلاقات تقوم على المصلحة المشتركة، كلها خطوات تؤكد أن السلطنة ماضية في طريق تجديد نهضتها، وأنها عازمة على تحقيق المنجز تلو الآخر، ليخلق حاضرا واعدا يملك أدوات المستقبل، فما حققته السلطنة من خطوات لتجنب آثار الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، وما عكسته ميزانيتها لعام 2022 من توجُّه نحو الاستمرار في تقليص الدَّين العام، وترشيد الإنفاق، بشكل لا يؤثر على خطواتها في تحقيق استقرار مالي وتجاري، ويخدم الأنشطة الخدمية، دليل على الرغبة الصادقة في تخطي عنق الزجاجة، والحفاظ على مقدرات الأجيال القادمة، فنحن نشهد مرحلة صناعة المستقبل، ونأمل أن تسير وفق ما خطط له.