علي بدوان:
الجولان السوري المحتل، عنوان ساخن، كان وسيبقى، في الصراع العربي السوري مع دولة الاحتلال "الإسرائيلي". فالجولان أرض عربية سورية محتلة في حرب حزيران/يونيو 1967، بالرغم من حملات التهويد والاستطان "الإسرائيلية الصهيونية"، وقرار الضم الجائر الذي اتخذته بضم الجولان عام 1981. وهو قرار لن يُلغي الحقيقة، وتم رفضه أمميًّا، وعلى المستويات الدولية كافة.
الجولان تلك الأرض الأكثر خصوبة في سوريا، والتي تتلقى سنويًّا منسوبًا مطريًّا متميزًا، يجعل منها بمثابة الأرض الواعدة، بخيراتها المختلفة، التي كانت ترفد بها باقي سوريا قبل احتلالها الكامل. وعند التدقيق في المعطيات المتوافرة، فإن الجولان السوري المحتل يرتسم بمسقط أفقي على امتداد تلك المساحة الأرضية، بواقع يقارب 3000 كيلومتر مربع، تنتشر على سطحه الهضاب والارتفاعات، إضافة لمناطق مستوية تمامًا من الأرض، بينما يملؤها صبيب المياه المتدحرجة كسيول في الخريف والشتاء من (جبل الشيخ)، وأنهر (الدان) و(الحاصباني) و(الأعوج)... والتي يَصُبُّ مُعظمها في بحيرة طبريا، وبعضها يُشكِّل نهر اليرموك الذي يدخل إلى الأردن مُشكلًا نهر الأردن انطلاقًا من الأغوار الشمالية. بعد أن يقطع المسافة بين الجولان وفلسطين عابرًا في نقاطٍ منه: جسر بنات يعقوب، وجسر المجامع.
هذا هو الجولان، الذي عملت حكومات الاحتلال "الإسرائيلي" على زرعه بالمستعمرات التي بلغ عددها (32) مستعمرة، لكنها محدودة السكان، فلم تنجح كما أرادت، وبقيت أعداد المستوطنين محدودة لأسباب مختلفة. بينما بدأت الحكومة الائتلافية الحالية وبشخص "وزيرة الداخلية الإسرائيلية" (أييليت شاكيد)، بالالتفات لدفع عمليات استيطان وتهويد الجولان، وتقديم سلة إغراءات لكل عائلة يهودية تستوطن الجولان، ومن سلة الإغراءات تقديم: منزل وقطعة أرض لكل مستوطن...إلخ. وينسجم توجُّه الوزيرة (أييليت شاكيد) مع قرار سابق لمكتب رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، إقامة لجنة تخطيط خاصة مع صلاحيات واسعة، لكن من دون ضم ممثلين عن "الجمهور" إليها، بهدف تسريع مخططات تطوير وبناء استيطاني في هضبة الجولان المحتلة.
وعليه، لقد وافقت وزيرة الداخلية (أييليت شاكيد) على تشكيل لجنتين محليتين لتعزيز التخطيط والبناء بمستوطنة "جفعات عيدن" في الضفة الغربية، ومستوطنة "ترامب" بالجولان، بحسب ما أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوم 14/12/2021. فتبنت (أييليت شاكيد) توصية مدير عام وزارة الداخلية (يائير هيرش)، بتشكيل لجنتين محليتين جديدتين، وتحديد حدود ونفوذ مستوطنة "رامات ترامب" شمال هضبة الجولان، وكذلك نفوذ وحدود مستوطنة "جفعات عيدن" في الضفة الغربية المحتلة.
إن مستعمرة "دونالد ترامب" على أرض الجولان السوري المحتل، تم الشروع بفكرتها أيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كـ"شكر له" على ما أسداه من خدمات لدولة الاحتلال "الإسرائيلي". وقد أعجب بتلك الفكرة، وزادته زهوًا ومرحيًّا وترحيبًا بها.
والمستعمرة، أي مستعمرة "ترامب"، والتي أعلن عن إقامتها في حزيران/يونيو من العام 2019، بقرار من حكومة السابق بنيامين نتنياهو، وذلك بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"السيادة الإسرائيلية" على الجولان المحتل، ما دفع حكومة نتنياهو لإنشاء مستوطنة باسم ترامب.
وتقوم مستعمرة ترامب على مساحة حوالي 276 دونمًا، وتضم المستعمرة، حوالي 452 وحدة استيطانية و270 وحدة سكنية استيطانية أخرى، من المتوقع أن يتم تسليمها لأول مجموعات المستوطنين فيها في الأعوام 2023-2022. كما أن العمل مستمر بها على تأسيس المناطق والأحياء السكنية، والمرافق والمباني العامة، ومناطق عامة مفتوحة ومنطقة صناعية محلية وتعبيد الطرق. أما بما يخص إنشاء مستوطنة "جفعات عيدن" في الضفة، فقد صدر قرار الحكومة بإنشاء المستوطنة منذ عام 1998، ومنذ ذلك الحين لم يتم إنشاء المستوطنة بسبب اعتراضات من قبل جهات مختلفة.
وخلاصة القول، إن الجولان العربي السوري تحت مطرقة التهويد أكثر من أي وقتٍ مضى، حيث تستغل دولة الاحتلال "الإسرائيلي"، واقع سوريا الحالي من أجل تمرير مخططات توسيع تهويد واستيطان الجولان، الذي سيبقى عربيًّا سوريًّا مهما تعقّدت ظروف الصراع وطالت.