رشيدة بنت سالم الحسينية:
المرأة هي نواة المجتمع ومصنع الأجيال، فبين حنان الأم ورعاية الأخت ومجهود الزوجة نجد المجتمع ينهض على سُلم الأمان، وبينما يعوز المرأة شريكًا لها يفهم توجهاتها وتقلباتها كالمرأة، نجد المرشدات الدينيات يقفن صفًّا واحدًا بجانب المرأة لتحقيق رؤيتها المكتملة في البناء الوطني.
لقد كوَّن تنوع تخصصات المرشدات الدينيات بحبوحة غناءَ أثرين بها المجتمع لمساندة المرأة في احتياجاتها بدءًا من ذاتها، وانتهاءً إلى تحقيق طموحاتها، سواءً على الصعيد الشخصي أو الأسري أو المجتمعي والوطني، مهتديات بالنور القرآني متمسكات بسبل الشريعة الإلهية القويمة.
فالمرشدة الدينية تُشارك البناء من خلال توثيق صلة المرأة بالشريعة الربانية، تتبع هذه الصلة حُسن التوظيف البنائي في الوطن والنهضة المجتمعية، فتُشارك المثقفة الدينية المعلمة في المؤسسة التربوية، لتطوير التكوين التربوي للناشئة، كما لا يخفى حضورها الواعي بهدي الدين الإلهي وفهم متطلبات النفس البشرية في مشاركة الأخصائيات الاجتماعيات في مواجهة المشكلات التربوية لدى الطلاب.
ولطالما ظهرت نداءات كثيرة من المدرسة والمجتمع على حدٍّ سواء بالرغبة الجادة في استمرار وجود المثقفة الدينية في المدارس، لما لمسوه من أثر عميق في صلاح الطلبة وتقويم سلوكهم بحسن توجيه المثقفات الدينيات بجانب أعضاء الهيئة التربوية وجميل عطائهن من الجرعات الإيمانية وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية.
ولا تزال المرشدة الدينية تتعهد تلك الغراس المباركة بسقيها من رحيق الإيمان ونبع التشريع الصافي قيمًا وسلوكًا، وصقلها بمهارات الحياة المتنوعة إبداعًا وإتقانًا، وذلك عبر برامجها الموجهة لفئة الأطفال والشباب، ومنها رياض الملتقيات الإرشادية الثابتة، المسائي منها والدوري حسب المناسبات الدينية والوطنية، وفي روضات الإجازة الصيفية تلتقيهم في برامج (صيفنا مميز) الذي ذاع صداه وفاح عبق أريجه في كل بقعة وركن بعيدًا في أنحاء عماننا الحبيبة، وقد فاق عدد المستفيدين منه في عام 1434هـ/2020م ستين ألف طفل وفتاة.
ومن بين جنبات مدارس التربية والتعليم إلى جامعات وكليات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار يمتد حضور المرشدة الدينية، فكم ساهمت في دعم تلك المؤسسات في تنفيذ رسالتها التربوية والتعليمية، وكم كان لها التأثير الإيجابي الفاعل في محيط الطالبات من خلال توجيه أهدافهن وتقويم فكرهن وسلوكهن وفق التشريع الإلهي القويم المتسق مع الفطرة الإنسانية السليمة، وما يستدعيه من تصحيح مفاهيم دينية ووطنية، والعمل على بث روح العزم للعلم وبناء الوطن لدى هؤلاء الناشئة والشباب عمومًا، الذين هم أحوج للمحضن الطيب الذي يحتويهم بين أكتاف التوجه الصحيح والرؤية السديدة التي تحفظ لهم انتماءهم الديني والوطني وتحفظ للمجتمع أمنه وصلاحه ووحدته.
ولا يفوتني هنا الإشارة إلى مبادرة (أبشروا) المستمرة على مدى أعوام طويلة، والتي ترعى الشباب والفتيات في المرحلة الجامعية، وقد طافت بعدد كثير من مؤسسات التعليم العالي في السلطنة العزيزة، وقد كان لها الأثر المشهود في تعزيز الوعي الإيجابي بالهوية الدينية والوطنية، وترسيخ منظومة القيم المجتمعية الأصيلة.
ولم تغفل المرشدة الدينية أختها المرأة في شتى الميادين، فتجدها تعمل جاهدة على دعم المرأة في مختلف مواقعها وتعدد مسؤولياتها وتعزيزها في أداء أدوارها الحياتية والحضارية، فتراها بفعالياتها المتنوعة وشمولية مواضيعها الدينية والاجتماعية والتربوية من منطلق ديني توعوي، تسعى لبث الروح الايمانية والقيم الدينية والأخلاقية والسلوكية، وتتنقل بين تلك المرأة التي تتقلد منهن مسؤوليات رعاية البيت وتنشئة الأبناء وصناعة أجيال المستقبل، وإلى المرأة العاملة التي تسعى جاهدة في الموازنة بين مسؤولياتها الأسرية وأدوارها المجتمعية والوطنية في بناء الوطن ونهضته.
* كاتبة عمانية