- دفعته رواية «كافكا على الشاطئ» لهاروكي موراكامي لكتابة رواية «الباطن»، ورواية
«تايه» مبنية على مرحلة تاريخية محددة

أجرى اللقاء ـ وحيد تاجا:
■ ■ الروائي الفلسطيني د.صافي صافي من الأصوات الروائية المتميزة في الأرض المحتلة من مواليد قرية بيت اللو قضاء رام الله الحاصل على دكتوراه تربية ـ فلسفة العلوم، من جامعة لاهاي وله سبع روايات، والذي يتحدث في روايته الأخيرة “ الباطن” عن طفل لم يتجاوز الحلم بعد، يعيش في قرية بيت اللو/‏‏ قضاء رام الله، يبحث هذا الطفل عن هوية له من خلال اندماجه في الحياة القروية البسيطة، يلتقي بالجن وبالحيوانات وبالشهداء وبالشجر، ويبحث عن الله في السماء، وعن المتعة في الدنيا والآخرة، يسأل أسئلة الصغار التي لا يجد لها إجابات عند والديه وأصدقائه ومدرسته. ■ ■

وحول روايتيه الأخيرتين كان هذا اللقاء:
لعل أهمية رواية (الباطن) تكمن في أن السارد هو طفل، فكيف استطعت الحياد بشكل كامل وإعطاء الطفل مكانه في السرد؟
السارد هو طفل كما قدمت، وأعرف أن الأمر ليس سهلاً، ويتعلق بتقنيات عقليات الطفل. إلا أن معرفة عقلية الطفل، وكيفية تفكيره، ولغته، وطريقة استقباله للمعلومة، وفهمها، واستيعابها، وكيفية الإفصاح عما بداخله، هو جزء من تخصصي في التربية. جانب آخر مهم، هو أن ما ورد على لسان الطفل عشت معظمه وأنا طفل، فإنا إن شئت كنت أكتب عن نفسي كطفل، ما هي أفكاري وفهمي للواقع، ما هي شطحاتي، ما مدى انغماسي في ذلك العمر مع الأحداث الأكبر، وكيف استقبلتها، أو كيف تعاملت معها.
وما مدى تأثرك برواية كافكا على الشاطىء للكاتبِ الياباني (هاروكي ماروكامي) ؟
لا أنكر بأن رواية الياباني (كافكا على الشاطئ)، كانت دافعاً لي لكتابة الباطن. ما أثارني في روايته، هو الجو الفانتازي الجميل، والمعقد، والبسيط أحياناً، رغم فروقات العمر، وغمر فترة طويلة من حياة البطل، حتى لتشبه الملحمة. لم أكن أكتب ملحمة، ولا أظن أنها كانت في مخيلتي، لكن جو الغابات، والسيريالية، والمغامرة، والهروب من الواقع، والبحث عن الأفكار، وترك الطفل على سجيته، لتفعل فعلها، كان محفزاً لي لتناول بيئة أنا أعرفها، وفيها من الغرابة والمغامرة الكثير مما أعرفه. . صحيح أنني لم أكتب كل شيء، لكني رسمت لوحة فانتازية، أنا راض عنها إلى حد بعيد.
من هو المقصود بالـ (تايه) في روايتك الأخيرة.. وما المقولة التي اردت تقديمها من خلاله؟
تايه من التوهان، عدم القدرة على اتخاذ القرارات، أن يكون غيرك هو صاحب القرار، وأن تكون أنت تابعاً.
هذه هي المرحلة التي تناولتها، منذ قبل النكبة وحتى النكسة، حين لم يكن الفلسطيني صاحب قرار نفسه، كان تابعاً. كان هناك غياب لقيادة فلسطينية جادة، وكان هناك الاستعمار، لذلك كان الفلسطينيون مشاركين في الثورات، وفي الحروب، لكنهم كانوا جزءاً صغيراً وغير فاعل. بدأت معالم محاولة امتلاك الفلسطينيين لأمرهم في منتصف الستينيات، وخاصة بإنشاء منظمة التحرير، رغم أن هناك محاولات عديدة قبلها. نستطيع القول اليوم، بإن إنشاء المنظمة، وبعض الفصائل قد شكلت تحولاً في الشكل والمضمون الفلسطيني.
ما بين الحربين، كان (تايه) هو الشخصية الرئيسة الفلسطينية، فالرواية تتناول هذه الفترة، حتى بزوغ الممثل الفلسطيني.
رأى البعض ان الرواية كانت أقرب الى العمل البحثي التوثيقي منها الى رواية،مارأيك؟
الرواية مبنية على مرحلة تاريخية محددة. هي ليست توثيقية بالمعنى المباشر،بل التوثيق، أو المعرفة التوثيقية كانت حاضرة لخدمة شخصية تايه في إطار تلك الفترة الطويلة نسبياً (20 سنة). إن أية رواية بحاجة لبحث لامتلاك الأجواء، وكنت على معرفة بالتاريخ الشفوي، لهذه الفئة التي كتبت عنها.