هيثم العايدي:
باستثناء إعلان روسيا انتهاء مناورات "التدريب القتالي" التي أجرتها على حدود أوكرانيا وإعادتها 10 آلاف جندي إلى قواعدهم، ما يعني تخفيف حدة الأزمة التي تصاعدت في شرق أوروبا خلال الأسابيع الماضية.. يكيل العديد من الباحثين الانتقادات للسياسة الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن وأسلوبه في التعامل معها، معتبرين أنها أوجدت العديد من التحديات التي باتت فوق احتمال بايدن نفسه ـ على حد تعبيرهم.
ففيما يبدو أنه انتظار لرد من أميركا أو الناتو على مقترحات الضمانات الأمنية والقانونية التي طلبتها روسيا لخفض حدة التوترات العسكرية في أوروبا.. أعلنت موسكو عودة أكثر من عشرة آلاف جندي روسي إلى قواعدهم بعد إجراء تدريبات استمرت شهرا في الجنوب، خصوصا بالقرب من الحدود الأوكرانية، في ذروة التوتر بين موسكو والغرب، لكن ومن أجل "ضمان حالة التأهب القصوى خلال احتفالات نهاية العام في المواقع العسكرية بالمنطقة العسكرية الجنوبية، سيتم تخصيص وحدات حراسة وتعزيزات وقوات لمواجهة أي حالات طارئة محتملة، وفقا لما أعلنت موسكو.
ولكن على الرغم من بوادر حل هذا الملف يتبقى عدد من الملفات العالقة في سياسة بايدن الخارجية يشير إليها عدد من الباحثين، منهم كريس فاريل ضابط المخابرات السابق ومدير التحقيقات بمؤسسة "جوديكال ووتش" الأميركية للمراقبة القضائية، وأحد كبار زملاء معهد جيتستون الأميركي، والدكتورة شيا برادلي ـ فاريل، الخبيرة السياسية ورئيسة معهد "كاونتر بوينت" الأميركي للسياسة، والأبحاث، والتعليم.
ويقول الباحثون في تقرير نشره معهد جيتستون إنه يبدو لسوء الحظ أن سياسة بايدن الخارجية تشمل حلفاء يتخلون عنه، وخصوما يزدادون قوة، وتعريض الأمن القومي الأميركي لخطر جسيم، معتبرين ـ على سبيل المثال ـ أن قيام بايدن بتسليم أفغانستان لطالبان كان فشلا استراتيجيا انطوى على عواقب عالمية هائلة أدت إلى إهانة للولايات المتحدة وفقدان عدد لا حصر له من الأرواح.
كذلك اعتبروا أن قانون تفويض الدفاع المدني المقترح غير ملائم بدرجة كبيرة للغاية بالنسبة لمواجهة التوتر بين الصين وتايوان من جهة والجبهات الجغرافية السياسية مع الصين من جهة أخرى.
ومجمل هذه الانتقادات يتمحور حول مصداقية التزامات المعاهدات الأميركية تجاه حلفائها، سواء فيما يخص اليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وأستراليا من ناحية جبهة المواجهة مع الصين أو الحلفاء في الشرق الأوسط الذين سيتوجهون إلى صياغة تحالفات أخرى، ما يعني على المدى الطويل إعادة رسم للخطوط السياسية العالمية، ما سيلحق الضرر بأميركا طوال عقود، على حد قولهم.
وأيا كان ما ستؤول إليه السياسات الخارجية الأميركية، سواء في عهد الإدارة الحالية أو ما سيليها من الإدارات, فإن الحكمة تقتضي أن تعمل كل دولة من منطلق مصالحها بغضِّ النظر عن مدى التحالفات المبرمة بينها وبين قوة دولية بحجم الولايات المتحدة.