تُعدُّ الثروة السَّمكية أحد المقوِّمات الاقتصادية الكبيرة التي اعتمدت عليها السَّلطنة على مدار تاريخها التليد. فارتباط العُماني بالبحر وخيراته يمتدُّ إلى آلاف السنين، وعبْر الفلسفة العمانية التي تسعى لربط الماضي بالحاضر، فقد أولت رؤية "عُمان 2040"، اهتمامًا كبيرًا بالثروة السَّمكية. فالرؤية تهدف إلى تطوير قطاع الثروة السَّمكية طبقًا للمعايير العالمية، وتحويله إلى قطاع مُربح، ومستدام بيئيًّا ومساهم في الاقتصاد العُماني، وتسعى الحكومة إلى أنْ يكون القطاع السَّمكي رافدًا قويًّا من روافد التنويع الاقتصادي، وتعمل على تطوير هذا القطاع بشكْلٍ دَوْري لدعم تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، حيث يتمُّ تصدير الأسماك والمنتجات البحرية العُمانية إلى نحو 60 دولة حَوْلَ العالَم.
وتمتلك السَّلطنة خطَّة طموحة لتنمية قطاع الثروة السَّمكية، وتتوقع أنْ يصل إجمالي إنتاج البلاد من الأسماك إلى 1.3 مليون طن، سواء من الصيد الحِرفي أو التجاري من خلال هذه الخطَّة. ولتحقيق تلك القفزة المرجوَّة، تشهد الرقابة السَّمكية تطوُّرًا ملحوظًا من حيث تطوير المنظومة، وتوفير الإمكانات المادِّية والكوادر البشرية التي أسهمت بشكْلٍ كبير في تنفيذ الجولات الرقابية بمختلف المواقع البحرية والساحلية والبرية، حيث تؤمن الجهات المختصَّة بأنَّ الوصول إلى مستويات مثالية من الالتزام بالقوانين واللوائح المُنظِّمة لاستغلال الموارد السَّمكية من العوامل الأساسية والمهمَّة في نجاح السياسات المتَّبعة في إدارة الثروة السَّمكية وضمانًا لاستدامتها، فالرقابة من السُّبل المتَّبعة للوصول لتلك المستويات المنشودة وتضْمن سلامة واستدامة الموارد السَّمكية.
ومن هذا المنطلق تمَّ توقيع عقْد مع إحدى الشركات المتخصِّصة في مجال الأجهزة العملية المتطوِّرة لتنفيذ مشروع تطوير المنظومة الرقابية الإلكترونية لرقابة قوارب وسُفن الصيد بالسَّلطنة من خلال تركيب أجهزة التتبُّع الآلي على سُفن الصيد الساحلية والحِرفية في المرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية على قوارب الصيد الحِرفية. ويهدف المشروع الجديد لتطوير الأنظمة الحالية للمنظومة الرقابية الإلكترونية والتي كان قد تمَّ تأسيسها في عام 2000م، ويمتاز النظام بمستوى عالٍ من جودة الأجهزة والابتكار والموثوقية والأداء، والسرعة في توفير المعلومات المطلوبة عن سُفن الصيد، والقدرة على التعامل مع التقنيات الجديدة في مجال الرقابة، والربط مع الأقمار الاصطناعية وشبكات إنترنت الأشياء (IOT)، وسرعة الاستجابة في حالات الطوارئ وطلبات الاستغاثة، وسهولة متابعة السُّفن من قِبل المالك وتوفير تقارير الإنتاج، وإمكانية تسويق الأسماك بالنُّظم الآلية الحديثة، والتمييز بَيْن وحدات الصيد القانونية وغير القانونية، وتوفير معايير مثالية لأمن وسلامة وحدات الصيد.
إنَّ هذه الجهود ستُستهم ـ بلا شك ـ في حماية أسطول الصيد العُماني الذي يتكوَّن من (24349) قاربًا حِرفيًّا، و(688) سفينة حِرفية، و(220) سفينة ساحلية، و(9) سفن تجارية، بالإضافة إلى أنَّه يضمن التزام السُّفن بالنِّطاق الجغرافي الذي تمَّ تحديده من قِبل الجهات المختصَّة، ما سيصبُّ في رفع إنتاج السَّلطنة السَّمكي وضمان استدامته، وسيفتح الطَّريق لتطوير منظومة صناعية سمكية تحقِّق المزيد من القيمة المضافة، ورفع زيادة إسهام القطاع السَّمكي في دخْل السَّلطنة، ويكون له دَوْر كبير في تحقيق التنويع الاقتصادي المأمول، فالرقابة هي من الأهمية بمكان؛ لتحقيق هذا التقدُّم المُطَّرد في الإنتاج السَّمكي واستدامته.