تلك الأيام قبل خمسين عاما!!
في ذلك الوقت مع انبثاق الثورة الفلسطينية تعددت المنظمات والحركات الفلسطينية والفصائل المقاتلة. التحرير الشامل والكامل لما تم احتلال من فلسطين سنة 48 وأقام عليه الصهاينة كيانهم العنصري التوسعي العدواني. إذن أساس الثورة لم يكن في أي حال (استرجاع) الضفة الغربية وغزة القطاع ـ ففي ذلك الحين ما كانت الضفة محتلة ولا كان القطاع محتلا. الفدائيون المضحون بالأرواح يوميا كانوا يعبرون إلى الموت وفي المواجهة والاحتمالات كلها لكي تتحرر البلاد ـ حيفا وعكا والناصرة والجزء المحتل من القدس واللد والرملة .. كل شبر احتله الغاصبون.
ولم يكن الحديث قد بدأ عن (العدوان وإزالة آثار العدوان) ـ ببساطة كان العدوان لم يقع إلا بعد مرور عامين ونصف العام على انطلاق الرصاصة الأولى التي أثرت في ثبات الاحتلال فصار طبيعيا أن يشهد الكيان الصهيوني (الهجرة المعاكسة) نتيجة الخوف من الفداء ومن الأعمال الفدائية البطولية اليومية للمنظمات الفلسطينية العديدة.
بالعودة إلى تلك الأيام من عام 1965 ومقارنتها بيومنا هذا يمكن لنا أن نستنتج أن الخط البياني لحركة النضال الوطني الفلسطيني يتناقض حينا ويتشابك حينا آخر. وحتى النظرة إلى الكفاح المسلح وهو حق يكفله القانون الدولي لكل شعب يجري احتلال وطنه ـ حتى هذه النظرة تبعثرت وتشظت. منهم من يؤمن بممارسة الكفاح المسلح ومنهم من يرى أن المفاوضات هي السبيل إلى تحصيل الحقوق الوطنية الفلسطينية. حتى الميثاق الوطني جرى تعديله في ضوء متطلبات اتفاقية (أوسلو) التي ما بقي منها أي أمر سوى (التنسيق الأمني) بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. أما الصراع من أجل دولة فلسطينية تقام على أقل من 20% من الأرض الفلسطينية فهو يواجه بعملية بتر عنقه بسيف (الفيتو) الأميركي في مجلس الأمن الدولي ما يتناقض حتى مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
في ضوء واقع مزر كهذا ألا يجدر أن تتم إعادة النظر في المسار كله مع الإفادة من تجربة الكفاح المسلح والفداء من جهة، وإعادة القضية إلى مسارها الطبيعي كقضية وطن وامة العرب من جهة ثانية؟ أليس في إعادة النظر بتلك التعديلات الظالمة التي طالت الميثاق الوطني وما يوجب وضع استراتيجية وطنية وعربية بغية التصحيح وبغية السعي فعلا إلى استعادة وطننا من غاصبين عنصريين متطرفين غزاة يهددون عمليا الأمة العربية كلها ما يوجب عليها هي أيضا أن تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس؟
راجعوا المسار أيها المسؤولون: ليكن الشعار استعادة الثورة من أساسها وإعادة القافلة إلى مسيرها المفضي إلى الوطن وإلى التحرر وإلى انتزاع الأرض من براثن المجرمين أعدائنا وأعداء الإنسانية..