عمّان -العمانية: تتبنى التشكيلية الأردنية شيرين عودة قضية المرأة وتعبّرعنها بوصفها موضوعة أساسية في رسوماتها المنفَّذة على القماش باستخدام ألوان الأكريليك، أو في تلك التي نفّذتها في إطار فن الكولاج والمكوّنة من خامات عدة ملصَقة كطبقات متراكبة فوق سطح اللوحة، أو في أعمالها المنفَّذة بتقنية الفيديو الفني والتصوير الفوتوغرافي.
وتبدو أعمال عودة شخصيةً للغاية وهي تصوّر (ذاتها الداخلية) و(فكرها الخاص)، الذي يعكس رؤيتها لواقع المرأة العربية في القرن الحادي والعشرين.
وتقول الفنانة إنها عندما ترسم فإن مشاعرها هي التي تحرّك ريشتها، فترسم المرأةَ أحيانًا بأجنحة، لكن حتى تلك الأجنحة تبدو مقيّدة بمسؤوليات الحياة اليومية وما تفرضه المواقف والواجبات الاجتماعية من محددات، كل ذلك تسعى الفنانة للتعبير عنه بـ(شفافية، وعمق، وأسلوبية تلامس أطروحات الحداثة التشكيلية).
لذا، تتحرّك أعمال الفنانة بين عالمين، الواقع الذي تعاينه من منظور أنثوي، والحلم الذي يصوّر ما ترنو إليه المرأة عمومًا. وهي في هذين العالمين تحافظ على إظهار الطاقة الشعورية الكامنة لدى المرأة، سواء عبر اللون أو عبر الشكل. وتحمل المرأة في بعض اللوحات مشاعر مرهفة وقوية في آن، ففي اللوحات المنفذة بالكولاج استخدمت الفنانة صورًا فوتوغرافية لوجوه نسائية من أزمان وحضارات إنسانية عدة، تتشارك في أنها جميعها يعلوها التعب والإرهاق والحزن، ثم أحاطتها بالورود والعصافير وأغصان الشجر الأخضر؛ بهدف إظهار قيمة الحلم في مجابهة الواقع.
وتكتفي الفنانة في عدد من أعمالها برسم المرأة باستخدام خطوط سوداء مع بعض الألوان من الأحمر والأخضر والأزرق، وهي رسومات غاية في البساطة، غير أنها تحمل طاقة تعبيرية كبيرة، فالرقة في الخطوط والبساطة في التشكيل هما جوهر المرأة التي طالما تم تشبيهها بقطعة زجاج شفافة وجميلة غير أنها قابلة للكسر.
تتميّز خطوط الفنانة شيرين عودة بمرونتها الكبيرة، وحيويتها التي تجعلها أقرب إلى الخطوط الطفولية، وطاقتها التعبيرية الإيحائية المستمدة من التركيب المدروس لخطوط الشكل من جهة، والألوان الخلفية من جهة أخرى. وهذا ما يمكن وصفه بـ(السهل الممتنع)، فالبساطة التي تجعل شكل المرأة أقرب للإعلان، مع موتيفات ورموز ذات دلالة واضحة، تدفع المشاهد فورًا إلى تأمل الفكرة الكامنة وراء ذلك الشكل في عملية عقلية شديدة التعقيد تتم عبر تفاعل المشاهد مع ما يراه واستدراج خبراته الخاصة ومشاعره الذاتية.
وتعبّر عودة في الفن عن ذاتها الداخلية المتأثرة بأحداث الحياة اليومية الخارجية، وفنها (شخصي للغاية)، لكنه يكشف عن مجموعة من المشاعر والاهتمامات العالمية المتأصلة في الهوية الأنثوية ووجودها وصوتها. وتقول في ذلك: (فني هو ارتياحي، هروبي من الواقع إلى عالم من الخيال. فنّي هو مصدر قوتي ورضائي وثقتي بنفسي. فني هو الجمال النابع من تعابير نفسي الداخلية، والذي أقدمه للعالم).