تُعدُّ السَّلطنة من أبرز الدول التي عملت على ربط رؤيتها التنموية منذ انطلاق نهضتها بصَوْن البيئة، وذلك وفق إيمان راسخ بحقِّ الأجيال القادمة في إرثٍ تنموي يتَّسم بالديمومة والاستمرار. وجاءت نهضتها المُتجدِّدة تحت القيادة السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ والمتمثله في رؤية "عُمان 2040" لتؤكد السَّير على النهج نفسه، وتحافظ على هذا النهج البيئي المتجذر في الموروث الحضاري العُماني. فالعُمانيون دائمًا يعتزُّون ببيئتهم البِكْر ويراعونها أيَّما رعاية أثناء سعيهم التنموي، لذا خصَّصت السَّلطنة يوم الثامن من يناير للاحتفاء بيوم البيئة العُماني، مشاركةً منها في الجهود العالمية المبذولة للحفاظ على موارد البيئة وصَوْنها، وتأكيدًا على الخصوصية العُمانية في التعامل مع البيئة بمفرادتها كافَّة. فالسَّلطنة كانت ولا تزال تدعو لصَوْن البيئة والحفاظ على تنوُّعها الأحيائي، والتشديد على المسؤولية العالمية المشتركة في تحقيق تلك الأهداف المُهمَّة.
ويحظى هذا الجانب المُهِم والحيَوي باهتمامٍ بالغٍ ومتابعةٍ مستمرَّة من جلالة السُّلطان المفدى ـ أبقاه الله ـ حيث يُولِي عنايةً دائمة بالشَّأن البيئي في مختلف الجوانب، لا سيَّما تلك التي تُعنى بصَوْن وحماية الحياة الفطرية، ويبرز هذا الاهتمام الفريد بإعداد استراتيجية وطنية لحماية البيئة أهدافها مرتبطة مع "رؤية عُمان 2040" وستعمل على تعزيز الأداء البيئي في السَّلطنة؛ استراتيجية ذات خصوصية نابعة من الخبرات العُمانية المتراكمة في المجال البيئي، ترتبط بما تزخر به البلاد من مفردات بيئية لا تزال بِكْرًا، تسعى كُلُّ الجهود في الحفاظ عليها، كما تُعنى الاستراتيجية بدعم التنمية المستدامة التي تراعي الجوانب البيئية وتعمل على صَوْن الحياة الفطرية العُمانية، وربطها بقطاعات السياحة التي تُعدُّ إحدى أهم قاطرات التنويع الاقتصادي المأمول.
وتؤكِّد السَّلطنة عنايتها بالبيئة بصورة دائمة، فقد أنجزت عشرات المشروعات والمبادرات خلال العام الماضي قاربت إلى 52 مشروعًا ومبادرة، نُفِّذت في مختلف القطاعات البيئية، سواء في قطاع صَوْن الطبيعة أو قطاع الشؤون البيئية، وكانت في مختلف الأولويات للقطاع البيئي، سواء في مجال جودة الهواء أو ضمان خلو بيئات الهواء الجوي من التلوُّث، فقد تمَّ تنفيذ مشروع تركيب منظومة محطَّات رصْد جودة الهواء، مع وجود تعاون بين هيئة البيئة والقطاع الخاص لتغيير مواقع بعض المحطَّات الحالية بما يضمن قراءة جودة بيئات الهواء الجوي في محافظة شمال الباطنة وفي ولاية صور، وأيضًا تركيب وتشغيل محطات إضافية، وهناك أيضًا برنامج مع المنطقة الحرَّة الصناعية بمحافظة ظفار لتركيب عددٍ من المحطَّات، بالإضافة إلى المحطَّات الحالية؛ لضمان المتابعة المستمرَّة لجودة الهواء في مختلف البيئات العُمانية في مناطق إحرامات المنظومات الصناعية والاستثمارية.
ويُعدُّ تركيب منظومات إلكترونية لرصد الروائح في المنشآت الاستثمارية التي تطلِق بعض الروائح العضوية والهيدروكربونية؛ إحدى الخطوات المُهمَّة السَّاعية إلى التأكُّد من أداء تلك المنشآت وفق الاشتراطات البيئية المُتعارف عليها والمُصادق عليها من قِبل تلك المنشآت، كما انضمَّت محمية جديدة إلى قائمة المحميَّات في السَّلطنة وهي محمية "خور خرفوت الأثري" وفقًا للمرسوم السُّلطاني رقم 58/2021 حيث تمَّ الانتهاء من خطَّة إدارتها المحلِّية، وسيكون لتلك المحميَّات دَوْر كبير في تعزيز السياحة البيئية في البلاد، وسيُساعد القائمين على السياحة في الترويج لهذا المُنتج السياحي الواعد داخل وخارج السَّلطنة. ومن أجْل نشر الخضرة في المُدن العُمانية، قامت السَّلطنة باستزراع أكثر من ٣٧٠ ألف شجرة ستكون نواة لمجتمع عُماني ومُدن عُمانية تتَّسم بالخضرة، ما سيُسهم في تعزيز الجانب البيئي في البلاد.