عادل سعد:
أن تكون هناك ضمانة نسبية في اعتقاد شائع يشير إلى (أن رمي حجر قد يجلب الجواهر) فكيف لا تكون الضمانة أوسع من ذلك إذا كان التحرك على وفق مناهج تخطيطية ومتابعة حثيثة وقياس نتائج، ومعالجة إخفاقات، وتقدير حالة بين فترة وأخرى، واستمرار الرسم الميداني على أساس الحاضر والمستقبل. واستطرادًا، أن تكون معدلات الارتفاع هي المؤشر في التنمية أيًّا كان نوعها فإن في ذلك عناوين انتظار تطورات لنسبة المنجز وما يعكس من متغيرات لصالح البنية العامة للمجتمع، وبمعادلة هذا المنجز مع حجم التحديات التي يتعرض لها تكون الصورة أكثر واقعية وأهمية في ظل تجاوز التحديات، الأمر الذي يؤكد صحة المنطلقات التخطيطية، بل ومواكبة رصيد النمو وتطوراته، ضمن بُعدَيْه، الاجتماعي والاقتصادي.
لقد لفت نظري تقرير إحصائي أصدره المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات يشير إلى ارتفاع مهم في عدد المؤسسات المسجلة بهيأة تنمية المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنسبة 30 وأربعة بالمئة ليبلغ العدد الكلي 62 ألفًا و335 مؤسسة مقارنة بـ47 ألفًا و802 مؤسسة في الفترة المماثلة من عام 2020.
تتوزع الزيادة على محافظة مسقط التي جاءت في المرتبة الأولى، ثم محافظات، شمال الباطنة الداخلية، ظفار، جنوب الباطنة، شمال الشرقية، جنوب الشرقية، الظاهرة، البريمي، الوسطى، مسندم.
الحال، تعكس تلك الزيادات في أعداد هذا النوع من المؤسسات ذات الطابع الإنتاجي التنموي كم هو حجم الإصرار لدى العمانيين على مواصلة السعي المتواصل الذي يأخذ بالاعتبار عدم الرضوخ لمعوقات جسيمة أقلها ما فرضه وباء كورونا من تغييرات في أولويات التحرك، ومشاعر الخشية من الإصابة بالوباء.
كان يمكن للكثير من العمانيين أن يضعوا أسبقيات التهديد الذي يمثله "كوفيد19" في الاعتبار، ويستجيبوا للضرورات التي فرضها بالمزيد من الاستكانة والانتظار، لكن الذي جرى أنهم أخضعوا حياتهم للتسلح بالوقاية اللازمة من دون استسلام للاستكانة والانزواء.
إن الذي حصل عمانيًّا، تقيَّدْ بالضوابط الصحية العامة بما تحتمه وسائل الوقاية، وفي ذات الوقت عدم التخلي عن شروط التنمية على صعيد حاجات المواطنين أفرادا أو من خلال مؤسسات يديرونها، وكذلك تنفيذ مشاريع عمل.
كما تعكس هذه الزيادة في عدد المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة أن هناك توجُّهًا عمانيًّا عامًّا نحو تلك المشاريع، وأنها أصبحت قوة جذب للعديد من العمانيين في تقليل معدلات البطالة وتوسع الغطاء التنموي العام، خصوصًا وأن الخبراء يرون في إقبال البشر في السنوات الأخيرة على إقامة مشاريع بذات الاتجاه أحد الحلول المعقولة لتغيير أنماط التنمية المستدامة بحكم كلفها المالية البسيطة، ولأنها تعتمد التوظيف المتيسر للطاقات والاستفادة من البرامج التعليمية التطبيقية وفق قناعات أكدها خبراء تنمية بتكليف من الأمم المتحدة، أن أحد أركان مستقبل التنمية البشرية المستدامة الابتعاد عن انتظارات الحصول على وظائف وفق القياسات الشخصية، وإنما الدخول في مشاريع من هذا النوع أيضا.
لا شك أن هذه المعادلة بين طرفيها، ضغوط المخاطر التي تمثلها الزيادات السكانية وحجم التقلبات الاقتصادية والمتغيرات البيئية والتهديدات الوبائية، واستمرار متطلبات العمل الإنتاجي لا بد أن تحتم متغيرات في النظرة الحياتية، وفي التفتيش عن مفاتيح عمل منتج.