د. علي ساجد:
يُعدُّ كلٌّ من الأسرة والمدرسة والأقران جزءًارئيسيًا من السياق الاجتماعي، ويؤدي التفاعل فيما بينها إلى ظهور السياق الثقافي الذي يسهم بشكل فاعل في بناء شخصية الطفل بشكل عام والناحية الاجتماعية بشكل خاص.
وتتشكل الثقافة التي يعيش الطفل في ظلها في مجموعة من العادات، والتقاليد، والقيم المشتركة، والظروف المعيشية، وتؤثر في شخصية الطفل بشكل مباشر وينعكس ذلك في كل شأن من شؤون حياته.
وتتعدد الوسائل التي تؤدي إلى تنمية الشخصية الاجتماعية للطفل، إلا أن أفضلها على الإطلاق تلك التي تنطلق من خلال إذكاء جانب التفاعل النفسي في الطفل في الموقف التعليمي ليصبح مشاركًا للمعرفة وصانعًا لها بدلًا من كونه هدفًا للمعرفة ربما يتلقاها ببرود وفتور ظاهرين.
وإذا كانت الأبحاث الحديثة قد توصلت إلى أن اكتشاف مهارة الطفل من خلال الأشكال ودلالتها ميزة مهمة جدًّا تفوق أثر الحوار الذي يصعب أن يفهمه لأن قدراته الدماغية لم تكتمل بعد، فإننا نجد التعبير عن مستقبله، ولذا أن النبي الكريم والمربي النفسي الأول خاطب الأطفال بأسلوب بسيط بدون تانيب أو زجر يقلق الطفل ويعكر مزاجه.
فعن عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنهما ـ قال:(كنت غلامًا في حجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك)، فما زالت تلك طُعمتي بعد. (متفق عليه).
ومن روائع هذا الحديث أن الراوي له هو عمر بن أبي سلمة ذلك الطفل الذي وعى هذا النصح الودود من النبي الكريم، وأعلن في نهاية الحديث تخلقه بهذا الخلق بعد تلك الحادثة بقوله: (فما زالت تلك طُعمتي بعد).
فعلينا إذا أردنا اكتشاف صياغة شخصية الطفل بطريقة صحيحة أن نخاطبه ونوجهه بدون لا الناهية أي لا نقول له لا تعمل كذا ولا تفعل كذا، ولماذا عملت هكذا؟ فكل ذلك مما لا يستوعبه عقل الطفل بشكل جيد، وإنما ندله برفق إلى ما ينبغي القيام به كما في الحديث المتقدم.
والأبحاث العلمية النفسية تثبت أن رسومات الأطفال وسيلة تعكس مخاوف الطفل أو سعادته، وبها نستكشف حالة الطفل النفسية دون مضايقته بأسئلة لا يملك لها أجوبة، كما أن تحليل شخصية الطفل من طرق رسمه تمكن الآباء والمعلمين من مساعدة الطفل في أموركثيرة كـ(شخصيته، نفسيته، طموحاته، أحلامه المستقبلية، ما يكرهه وما يحبه).
* جامعة ملايا بماليزيا