عبدالله بن سعيد الجرداني:
جاءت مفردات الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه - مؤكدة عمق الفهم السامي لمتطلبات العصر والإحاطة بتحدّياته بغية الاستمرار في المسيرة والنهضة المتجددة بكل عزيمة وثبات بفضل تماسك أبناء الوطن ووحدتهم.
وقد أشار مضمون الخطاب بأن الحكومة الرشيدة ماضية في بناء المستقبل الزاهر وإكمال طريق النماء والازدهار لأبناء الوطن بكل حكمة واقتدار، ولن تتوانى عن بذل كل ما هو متاح لتنفيذ الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية وفق رؤية (عمان 2040)، حيث أدّت خطة التوازن التي رسمها جلالته ـ حفظه الله ورعاه - إلى تحسن الأداء الاقتصادي والمالي خلال السنة الماضية وحققت معدلات نمو مرتفعة.
ويرى جلالته ـ أعزه الله - في الشباب الهمّة العالية، فقد جعلهم في أولويات اهتماماته باعتبارهم العصب الاستراتيجي للمجتمع، حيث أشار في خطابه:
(لقد جعلنا الشبابَ في صميمِ اهتمامنا واهتمام حكومتنا، مُتابعِين الجهودَ المبذولة لإشراكهم في بناءِ الوطن)..
الأمر الذي يبشّر خيرًا في استكمال ملف التوظيف وتوفير فرص العمل للمؤهّلين منهم وتأهيل من يحتاج إلى مهارات ـ كما ذكر جلالته في خطابه السامي.
ويؤكد جلالته كما ورد في الخطاب على عزمه في الأخذ بأيدي أصحاب المشاريع الخاصة من روّاد ورائدات الأعمال وتقديم الحوافز المالية الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حرصًا منه على دعم هذه الشريحة الهامّة اقتصاديًا واجتماعيًا وبالتالي الإبداع والتطوير في نوعية المشاريع التي سيطلقونها مستقبلًا، وقد وجّه جلالته خلال لقائه بمشايخ المحافظات بمساندة روّاد ورائدات الأعمال، وتنفيذًا لتوجيهات جلالته ـ أبقاه الله - فقد أعلن بنك التنمية العماني عن زيادة ميزانيته المخصصة لتمويل المشاريع لتصل إلى 86 مليون ريال عماني لعام 2022م من خصصت أغلبها لمشاريع ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وحثّ جلالته ـ أيده الله - في خطابه السامي على استثمار رؤوس الأموال محليًا لتنويع مصادر الدخل القومي، فقد هيّأ جلالته خلال الفترة الماضية البيئة المساعدة فأطلقت الحكومة العديد من البرامج منها برنامج (إقامة مستثمر) الذي يهدف إلى جلب الاستثمارات النوعية للسلطنة التي تسهم في نمو الناتج المحلي ورفد الاقتصاد الوطني، إلى جانب حزمة التسهيلات التي أعلنتها مسبقًا وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
ويتطلّع جلالته - أبقاه الله - بأن تكون سلطنة عمان واجهة استثمارية رائدة، مؤكدًا بأن الحكومة ستسخّر جهودها لتنمية المحافظات وتوفير أولويات الاستثمار لتكون جاهزة لجذب المستثمرين وفق أهداف استراتيجية حتى تصبح التنمية متوازنة وعادلة تعزّز الميزة النسبية والتناسبية للحواضر وللمحافظات، إلى جانب المشاريع الاستراتيجية الأخرى التي تنفّذها الحكومة ضمن خططها الخمسيّة، كما أشار جلالته في خطابه السامي لتشمل حركة التنمية كل أرجاء الوطن، مؤكدًا حرصه خلال المرحلة القادمة على تبسيط الإجراءات وإرساء حلول شاملة تكون نتائجها الاستدامة المالية ورفاهية الشعب في المقام الأول.
العديد من التوجهات المستقبلية تضمنها الخطاب السامي، ومنها تبني أفضل منهجيات التخطيط الحضري للحد من آثار الأنواء المناخية، فوجود تشريعات منظمة للعمران تعتبر من الأدوات الأساسيّة والمؤثّرة في مستوى تحضّر المدن، وحيث أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين نظرًا لما تعرضت له بلادنا، كما أوضح جلالته ـ حفظه الله ـ للأنواء المناخية عدة مرات، يجب أن تقوم عملية التخطيط العمراني على أسس ومقومات علمية ومنهجية وخبرات متميزة ورائدة في هذا المجال، وهذا ما أكّد عليه جلالته موجّهًا الحكومة للإسراع في التخطيط الحضري للمدن.
ولأن النهضة الحقيقية للمجتمعات لا تقوم بدون أساس أخلاقي، فقد أهاب جلالته ـ أبقاه الله ـ أبناءه وبناته بالتمسك بالمبادئ والقيم حاثًّا إياهم بالاعتزاز بالهوية والمساهمة بنشاط وفاعلية في تحقيق الاستقرار لوطنهم، داعيًا جلالته المواطنين إلى (الانفتاح على العالم والتفاعل معه بإيجابية دون نسيان الهوية وفقدان الأصالة)، فالانفتاح لا يعني الانسلاخ عن القيم بل هو انعكاس للرسالة السامية التي تحملها بلادنا المتمثلة في الدعوة إلى السلام العالمي وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

* مراسل (الوطن) بولاية العامرات