عادل سعد:
هل يتطلب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن التنمية المستدامة الصادر عام 1995، إضافات أو متغيرات تتكيف مع المستجدات التي طرأت على العالم أخيرًا، واستورثها العام الجديد 2022.
الحال، هناك متطلبات تفرض نفسها وتقتضي المعاينة والانتباه إليها من محتوى أن العالم بحاجة ماسَّة الآن إلى استيعاب دروس ذلك التقرير من أجل تسريع سياقات جديدة تلبِّي متطلبات المواجهة إذا أخذنا بضغوط وباء كورونا، والتداعيات المناخية القاسية، وضعف الإصحاح البيئي واستمرار الضغوط الأمنية والسياسية والاختلاطات المرافقة لعدد من الخصومات الثنائية، والإقليمية والدولية، وحزمة أزمات بعضها مستعصيًا على الحل بالرغم أن أغلبها يفتقر إلى أية مبررات سياسية منطقية مقْنعة في استمرارها، بل وفي حصولها.
لقد تضمن ذلك التقرير أسبقيات أُريدَ العمل بها منذ سبع وعشرين سنة ظلت زاخرة بالمزيد من الاحتدامات وضغوط النفوذ والمغالبة وتسجيل المواقف.
إن تصفُّح ما تحقق على الساحة العالمية من طموحات ذلك التقرير، يبين أن هناك المزيد من الإنجازات التنموية قد تحققت، لكن المشكلة تكمن في نوعية الإحاطة التنفيذية الملبية لمضامينه قياسًا إلى حجم التحديات المتفاقمة الزاحفة على العديد من الأوضاع الحياتية في عالم ما زالت تحكمه المناكفات، وليس المنافسات الشفافة.
لقد أورد التقرير خمسة عناصر هي: التمكين، الحاكمية، المساءلة، الإنصاف، الاستدامة، والمؤكد من الجسور المتواصلة بينها أنها متشابكة ومتداخلة لا يمكن تفضيل عنصر منها على آخر، بل هي متساوقة، لكن المستجد في الوقت الحاضر أن هذه العناصر بحاجة ماسَّة الآن إلى تطبيق فرضية التخادم بين الأطراف الدولية دولًا ومؤسسات إذا أخذنا بعين المعاينة أن الضرر لحِق البشرية من التداعيات الجديدة التي ضربت العالم عميقًا، وتسببت بأضرار كثيرة أصابت دولًا دون أي انتقاء بما فيها دول متقدمة في الحسابات التقنية والحضارية، ومع ذلك أخفقت نسبيًّا في إيجاد حلول للمعضلات التي تعاني منها.
عمومًا، لا يحتاج الباحث في هذا الشأن لأي جهود مضنية في قراءة ما يحصل الآن، بل يكفيه مراجعة المطبَّات العديدة التي توقفت عندها قمة المناخ في جلاسجو بشهادة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حين قال (لا يمكن أن نخدع أنفسنا، لم ننتصر على التغيرات المناخية)، وكذلك المعالجات التي استخدمت في التقليل من مخاطر كورونا في ظرف عالمي تحكمه انشطارات "كوفيد١٩" وظهور أجيال جديدة منه وسط تخبط ولجوء إلى التجريب، الوضع الذي حال دون الإمساك الفعلي المتمكن في التصدي الحازم لهاتين المعضلتين، لذلك لا يستقيم الموقف الدولي العام، إلا من خلال مناهج تضامنية تنطلق من اعتبارات المقاصد النبيلة التي تصدرت ميثاق الأمم المتحدة بعد ويلات أصابت العالم من جراء الحرب العالمية الثانية ١٩٣٩-١٩٤٥ كما انضافت الكثير من الصعوبات جراء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي آنذاك والولايات المتحدة الأميركية وما تبعها من تفكك للاتحاد السوفيتي بعد خسارة نفوذه في أفغانستان لتلحقها الخسارة الأميركية في البلد الآسيوي نفسه عام ٢٠٢١. ويحضرني أيضا أن أشير إلى أن نظام العقوبات الذي بدأته الولايات المتحدة ضد كوبا ثم العراق، ثم ضد إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية قد أخفق في تكوين نفوذ أميركي دولي متوازن خلافًا لما ظلت تعتقده واشنطن، أما النسخة الأقرب زمنيًّا في هذه المناكفات فهو ما يحصل في أوكرانيا بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، وكذلك شكوى الرئيس الصيني شي جين بينج في منتدى دافوس الافتراضي من أن العالم يفتقد إلى التنسيق التضامني العام بين الدول.
إن عيوب العالم الآن ليست قليلةً أصلًا، وإذا كان من المنطق اغتنام الفرص، فإن من العدالة أن يجد التنسيق الدولي الشامل حيزه من التطبيق.