■ محمد الكندي: هويات الثقافة العمانية كفيلة بصناعة سينما عمانية حقيقية
■ أنور الرزيقي: الخصوصية عنصر قوة يسهم فـي انتشار وشعبية السينما
■ مريم الريامية: مخزون الثقافة العمانية يجب أن يصاغ بخطة استراتيجية مدروسة
■ هيثم سليمان: المشكلة فـي عدم فهم شريحة من السينمائيين العمانيين لأساسيات التشكيل والبناء السينمائي
■ صالح المقيمي: الثقافة العمانية ما زالت معينا لا ينضب كي تعطي قصصا مختلفة

■ ■ مسقط ـ العمانية:
دائما ما يرتبط الفن السينمائي بثقافات الشعوب، فهو نوع من الفنون ذات الشعبية الكبيرة في العالم، وتعددت رسالاته بتعدد أنماطه، وقد عمل السينمائيون العمانيون على إيصال أفكارهم ورؤاهم من خلال السينما، على الرغم من بعض التحديات التي تواجه صناعة السينما على المستوى المحلي. ومما لا شك فيه فإن الثقافة العمانية مليئة بالتنوع وتفرد الخصائص، وقد شكلت واقعا فكريا مغايرا في كل ما من شأنه النهوض بالفن السينمائي في كافة المجالات.
■ ■
ولكن في الإطار ذاته ثمة تساؤلات تطفو على الواقع السينمائي المعاش بين حين وآخر، من بينها كيف لخصوصية الثقافة العمانية ومساراتها المتقاطعة أن تسهم في صناعة سينما عمانية حقيقية مغايرة؟ وفي الإطار ذاته أيضا فللسينما أن تقتنص تداخل تلك الخصوصية الخاصة بالثقافة العمانية لتكون أكثر احترافية في واقعها البصري لدى المتابع.
يجيب المخرج السينمائي محمد الكندي على تلك التساؤلات قائلا: للثقافة العمانية خصوصية تعرف عليها القاصي والداني منذ القدم، من خلال علاقاتها السياسية، والتجارية والاقتصادية حيث كانت تمخر السفن العمانية عباب البحار والمحيطات متجهة إلى الدول الكبرى منها العربية كمصر والعراق والمغرب العربي وغير العربية كالهند، والصين، والمملكة المتحدة وأميركا، فمن بين هذه الخصوصيات التي اتسم بها العُماني الصدق والأمانة والأخلاق الرفيعة كهوية اجتماعية له، مع المظهر الجميل في ملابسه ولغة حضوره وثقافته العالية، مما انعكس إيجابا على هوية الشخصية العمانية، مرورا بمؤلفاته وأشعاره التي شكلت الهوية الأدبية.
ويضيف: الثقافة العمانية ومجموعة من الهويات المتناسقة والمترابطة كفيلة بأن تقوم بصناعة سينما عمانية حقيقية مغايرة، وعندما يقوم الزائر بزيارة سلطنة عُمان فإنه يتعرف على الخصوصية العمانية من جانب آخر وذلك من خلال العمارة والعادات والتقاليد بمختلف تنوعها بما فيها الاستقبالات بالأهازيج والأشعار وإكرام الضيف، مرورا بالإخاء الاجتماعي للعائلة الواحدة والنسق الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع بين العوائل الأخرى، كل ذلك يدل على أن الهوية العمانية متفردة في العالم أجمع ولن تجد في أي مجتمع في العالم العربي والأوروبي شبيها له، تلك هي خاصية ثقافية عمانية.
أما المخرج السينمائي أنور الرزيقي فيشير إلى أن السينما هي إحدى الوسائط التي تعرّف الآخر بثقافة الشعوب المادية وغير المادية المتصلة والمرتبطة بالبشر في ذلك المكان والزمان.وذكر أن أهمية السينما تعود إلى أنها وسيلة يمكن أن تقدم من خلالها العديد من الموضوعات والأفكار غير الملموسة التي يمتلكها الناس عن ثقافتهم.
وتتميز الثقافة العُمانية والتاريخ العماني بالثراء الكبير الذي يحقق لصناعة السينما في سلطنة عُمان النجاح الذي ينشده أي مستثمر أو منتج مهتم بصناعة السينما إذا ما تم التركيز على تقديم المحتوى الفني ذي الجودة والمنافس للسينما العالمية ويقول أنور الرزيقي: الخصوصية والهوية في السينما تمثل عناصر قوة تسهم في انتشار وشعبية السينما، ومثال ذلك ما تحظى به السينما الهندية من شعبية على مستوى العالم، فهي تقدم اللغة والأزياء والثقافة والتاريخ الهندي للجمهور وفي الوقت ذاته تحقق نجاحًا كبيرًا على مستوى الصناعة السينمائية ولم تكن الخصوصية تحدّيًا لنجاح الفيلم الهندي وانتشاره. ونشاهد الرواج الكبير والواسع للدراما والسينما التركية التي اتسمت أيضا بتقديم الخصوصية والثقافة والتاريخ والقضايا المتصلة بالمكان والشعب التركي وهذا يقودنا إلى البحث عن أسباب نجاح السينما الهندية والتركية والقياس عليها كتجربة لتطوير السينما في عُمان.
في الإطار ذاته تقول مريم الريامية عضو مجلس إدارة بالجمعية العمانية للسينما والمسرح: إن الثقافة هي الوجود الروحي والإنساني بها تتفتح الأفق المعرفية للمجتمعات، وخصوصية الثقافة العمانية شاملة ومتفردة بإرث تاريخي وحضارات عريقة تقاطعت على أرض السلطنة، ويجب أن يصاغ هذا المخزون الثقافي بشكل مدروس وبخطة استراتيجية طويلة المدى تسعى إلى حمايته وتسجيله وعرضه بأشكال مختلفة تتوافق مع التقدم والتطور الحالي، على أن تتضمن الاستراتيجية المتطلبات والمسؤوليات اللازمة لتطوير الصناعة السينمائية العمانية التي تحمي وتحفظ الإرث العماني. وتضيف: السينما بوابة منفتحة على العالم يجب استغلالها بطريقة صحيحة للوصول إلى العالم وتعريفه بموروثنا الحضاري والثقافي. ويقول السينمائي العُماني هيثم سليمان: لكل شعب من الشعوب في العالم أجمع خصوصية ثقافية يحرص على أن يقدمها إلى بقية الشعوب من حوله، هذه الخصوصية تتكون من ثلاثة مكونات هي الهوية والتكيف والتوجه، وعندما نتحدث عن مجتمع كالمجتمع العماني الموغل في القدم بخصوصيته الثقافية وإرثه الضخم فإننا نلاحظ أن الاشتغال السينمائي في الفترة الزمنية القصيرة من بداية المشوار السينمائي لدينا يتأرجح بين المكونات الثلاثة المذكورة أعلاه. ويضيف: السينما العمانية تركز كثيرا على عناصر الهوية وتجسداتها بشكل كبير جدا، وتحاول التكيف بين ما يتمسك به العمانيون وما يقدمونه من ثقافة، وبين متطلبات ثقافية عصرية ملحة في الطريق نحو التوجه الذي سيقرر أخيرا كيف يمكن أن تتشكل صناعة سينمائية حقيقة لدينا في السلطنة. ووضح هيثم سليمان أن مشكلة القطاع السينمائي في السلطنة تتمثل في عدم فهم شريحة كبيرة من المشتغلين السينمائيين العمانيين لأساسيات التشكيل والبناء السينمائي سواء كان الفيلم مستمدا من موروث أو قصة شعبية أو أسطورة من الأساطير أو حقيقة تاريخية، وهنا أتحدث عن الجانب الروائي من المشكلة، فالجانب الوثائقي قطعنا فيه شوطًا جيدا ولا بأس به ولكن الروائي يظل في نقص ملحوظ. ويتحدث المخرج السينمائي صالح أحمد المقيمي عن خصوصية الثقافة العمانية ومساراتها المتقاطعة، وكيف من الممكن أن تصنع سينما حقيقة مغايرة فيقول: الثقافة العمانية كغيرها من الثقافات تحظى بخصوصية وتتسم بالتشعب والتباين في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال تختلف اللهجات المحلية بين محافظة وأخرى بل من ولاية إلى أخرى، إن لم تختلف بين القرية والأخرى أيضا، كذلك العادات والتقاليد وما يسمى بالسجع وسنن الجماعة، ورغم كل هذا الاختلاف يرفد المخزون السينمائي بشقيه الوثائقي والروائي بقصص وحبكات لها مسوغاتها الدرامية والفنية ذات مرجع وثيق، فما إن يقصد الكاتب قرى عُمان أو سيوحها أو سواحلها إلا ويكتشف كنوزا ينهل منها وربما يزداد دهشة، لينقل هذه الدهشة والفرد إلى المتلقي والمشهد السينمائي العماني والعربي والعالمي.
ويضيف المقيمي: رغم تشابه بعض القصص والأساطير مع بعض الثقافات الأخرى إلا أن الثقافة العُمانية ما زالت معينا لا ينضب كي تعطي قصصا مختلفة تقدس خصوصية الثقافة العُمانية بل وتنفرد بذلك دون غيرها.