صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية تحمل تاريخا خاصا في جرأتها للسخرية من الرموز الدينية والسياسية وتوجهها اليساري مستغلة كل ذلك فيما يسمى بـ"حرية التعبير". تعاقبت عليها فترات تمويلية صعبة منذ بداية إنشائها عام 1969م، واختفائها ـ والذي كان سببه نضوب الموارد وقلة الاشتراكات ـ كان أبرزها انقطاعها في عام 1982م لتعود للظهور مرة أخرى بعد عقد من الزمن في عام 1992م. وتعود مرة أخرى بنفس التوجه، كانت نتيجته أنها أعادت في عام 2006م نشر رسوم مسيئة لنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ تضامنا مع صحيفة دانماركية كانت قد أثارت غضبا واسعا لدى المسلمين بعد إقدامها على عرض تلك الرسوم. معتبرا الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك أن شارلي إيبدو قامت بـ"استفزازات جلية" للمسلمين. تبعها أيضا مواقف أخرى مثل ما حدث في عام 2011 من إحراق مقر الصحيفة في باريس وتعرض موقعها الإلكتروني للقرصنة بعد ما أعلنت نيتها نشر عدد يتضمن إساءة لنبي الإسلام. وفي 2013 م نشرت الصحيفة إصدارا يحتوي صورا وصفت بالصادمة عن حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
والأسبوع الماضي استيقظ العالم على حادثة قتل 12 شخصا نتيجة الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو، نفذه مشتبهون تبنتهم حركة تنظيم القاعدة في اليمن، من خلال تسجيل صوتي حمل شعار مؤسسة "الملاحم". وأشاد التسجيل بالمنفذين، داعيا الفرنسيين إلى الكف عن محاربة المسلمين. في حين أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في خطاب له إن "هؤلاء المتعصبين لا علاقة لهم بالدين الإسلامي"، وإنه يجب "التفرقة بينهم وبين الإسلام". في حين أعلن قادة أوروبا مشاركتهم مسيرة تضامنا مع فرنسا بسبب هذه الحادثة بالإضافة إلى أن العاصمة الفرنسية ستحتضن مؤتمرا دوليا حول محاربة "الإرهاب" يحضره وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ويبدو أن مصطلح "الإرهاب" سيكون ملتصقا بالمنطقة التي يقطنها المسلمون أكثر في المحافل الكبرى، بسبب من يسمون أنفسهم شهداء! أكثر من مسميات مثل "هدى" و"زينة"، وإن كانت قاسية ببرودتها بعض الشيء وتفتك وتقتل المسلمين الأبرياء من السوريين والفلسطينيين!

محمد بن سعيد القري