مسقط ـ «الوطن»:
ودعت الساحة الثقافية العمانية أمس الشاعر والأديب هلال بن محمد العامري، الذي انتقل إلى جوار ربه، عن عمر ناهر الـ(70) عاما، بعد حياة حافلة مع الشعر والأدب، حيث يعد الراحل من العلامات البارزة في الساحة الشعرية داخل السلطنة وخارجها، وله مكانته في المشهد الشعري التي أكّدتها دواوينه؛ مثل: (هودج الغربة)، و(الكتابة على جدار الصمت)، و(قطرة حب دم للعذراء)، و(الألق الوافد)، و(رياح للمسافر بعد القصيدة)، و(للشمس أبابها كي تغيب)، وتم طباعة أعماله الشعرية في مجلد واحد صدر عن دار الانتشار العربي ببيروت 2013م.
ولد هلال العامري في 1 أكتوبر 1953م بولاية سمائل، وتلقى تعليمه قبل الجامعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتنقل في المرحلة الجامعية بين بيروت وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وتخرج في جامعة دينفر الأميركية عام 1978م بدرجة البكالوريوس في تخصص الإدارة والاقتصاد.
حصل العامري على دبلوم عال في التخطيط السكاني من تونس، وعلى دبلوم في إدارة القنوات التلفزيونية من جامعة مانشستر ببريطانيا، وعلى دبلوم عال في إدارة الجامعات في جامعة دوك بكارولينا الشمالية في الولايات المتحدة.
عمل نائبا لمدير إدارة الإسكان، ثم مديرا بالوكالة لدائرة الدخل القومي بمجلس التنمية، ثم مديراً لدائرة المشاريع بمكتب وزير الدولة محافظ ظفار, ثم انتقل إلى المجال الإعلامي وعمل مديرا عاما للتلفزيون العماني عام 1985م، ثم انتقل إلى سلك التعليم العالي نائبا لأمين عام جامعة السلطان قابوس خلال الفترة من 1985م إلى عام 1990م، ثم مشرفا عاما على المركز الثقافي العماني والمنتدى الأدبي أيضا، كما عمل مديرا عاما للثقافة بوزارة التراث والثقافة.
ويرجع الشاعر والأديب الراحل هلال بن محمد العامري الفضل في إتقانه للشعر العمودي إلى بيئة الجامع في القرية حيث درس النحو والفقه وعلوم الشريعة وهو طفل صغير.
وقد تدرج العامري في كتابة الشعر بدءًا بالقصيدة التقليدية، منتقلا إلى شعر التفعيلة، فالشعر الحر ثم قصيدة النثر، وشكل تجربة شعرية طويلة مليئة بالخصوبة والتفاعل الإنساني مع مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية ولم تقتصر فقط على الفضاء المحلي، بل كان له حضوره في القضايا العربية المشتركة، أهمها القضية الفلسطينية التي كانت تشحذ عاطفته الشعرية المتقدة مع الضمير العربي الذي يرفض الاحتلال والتفريط بمقدسات الأمة.
وقد جمع النادي الثقافي ممثلا في البرنامج الوطني لدعم الكتاب أعماله في كتاب باسم (الأعمال الكاملة للشاعر هلال العامري) 2013. وقد كتب العديد من الدراسات والبحوث والمقالات التي نشرت في مختلف الصحف والمجلات الثقافية في السلطنة وعدد من دول الخليج المجاورة.
صدر للشاعر إضافة إلى الأعمال الكاملة مجموعات متفرقة، منها ديوان (هودج الغربة) 1983م، وديوان (قطرة في زمن العطش) 1985، و(الكتابة على جدار الصمت) 1987، وديوان (الألق الوافد) 1991، و(رياح للمسافر بعد القصيدة)، وآخر دواوينه (للشمس أسبابها كي تغيب). كما نشر مجموعة كتابات نثرية تحت عنوان (استراحة في زمن القلق) عام 1989م.
ويدين الكثير من الكتاب والشعراء بالفضل إلى الشاعر الراحل هلال العامري في تشكل وعيهم وتبلور تجربتهم ليس بوصفه شاعرا فقط ولكن بوصفه مسؤولا سابقا عن النشاط الثقافي في السلطنة في واحدة من أهم المؤسسات المعنية بالثقافة. وفي الوقت الذي يجمع جيل من الكتاب بأن العامري هو الأب الروحي لمشروع الملتقى الأدبي الذي كانت تنظمه وزارة التراث والثقافة سابقا، والأب الروحي لتجاربهم الإبداعية ليس من حيث التأثر بتجربته الشعرية ولكن من حيث كونه الموجه والأستاذ والناقد.. والناقد الصارم أحيانا كثيرة. وهو لم يكن متبنيا لقالب أو تيار فكري واحد على حساب التيارات الأخرى. كان يشجع القصيدة الحديثة ويتبناها ولكنه في المقابل كان يشجع القصيدة الكلاسيكية ويدفع بها للفوز أيضا.. كان باختصار مع الإبداع بأي شكل كان.
حصل الشاعر هلال العامري على وسام السلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون عام 2006م، وفي عام 2009م حصل على وسام التقدير للخدمة المدنية الجيدة، وفي عام 2013م حصل على وسام المشاركات الأدبية والثقافية من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وكرمته الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في أكتوبر 2018م باعتباره شخصية العام 2018م الثقافية، كما اختارته المنظّمة العربيّة للتربية، والثقافة، والعلوم (الألكسو) للاحتفال به في الدورة السابعة لليوم العالمي للشعر الذي يصادف في21 مارس من كلّ عام، وذلك في 21 مارس 2021م.