[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
لا يكاد يمر علينا عطلة كل اسبوع الا ونجد انفسنا نتجه نحو الشرق الظفاري، وغالبا يكون نحو مرباط، حيث نرمي عناء خمسة ايام من العمل فوق شواطئها الفضية وخلجانها الجميلة أو نهرب من ضجيج المدينة وازدحاماتها المقلقة إلى احد اودية جبالها الساحرة أو نبحث عن شجرة مظلة فوق احد قمم جبالها التي تروي قصصا عن نضالات سابقة، فنرجع إلى صلالة بشحنات معنوية جديدة اكتسبناها بالمتغير المكاني، وفي كل اسبوع، نتساءل، متى سيرى مشروع إنارة وازدواجية طريق طاقة مرباط (36 كم) النور؟ وفي كل زيارة كذلك، نتساءل، متى ستحظى هذه الولاية بنصيبها من البنية التحتية الأساسية التي تخدم التنمية الاجتماعية عامة والسياحة خاصة؟
ومرباط هي الامتداد التلقائي والمباشر لحاضرة محافظة ظفار،، صلالة،، وهي تشكل متنفسا اجتماعيا وداعما سياحيا قويا للسياحية الاقليمية على مدار العام، فكل من يزور صلالة من العرب والأجانب، لا بد أن يزور مرباط مرورا بولاية طاقة الواقعتين على المحيط الهندي، كل من يزورها وبالذات مرباط القديمة، سوف يخرج من زيارته الاولى، بضرورة اعادة تخطيط هذه الولاية التاريخية السياحية،، بامتياز،، ولو توالت زيارته، بالتأكيد سوف يحكم بأن الوقت قد تجاوز الضرورة، وان هذه الولاية تتعرض لحالة نسيان تنموي خدمي واضح، مما اصبح الحكم السلبي يلقي بظلاله على آليات العمل الحكومية والقطاع الخاص، ومهما كانت بعض الاجتهادات الخدمية والتنموية، فإنها لن تأخذ الزخم الملموس ما لم يتم اعادة تخطيط مرباط خاصة الاماكن القديمة حتى تعكس الوجه الحضاري لبلادنا، وضمن هذا المشروع المقترح يمكن استيعاب إقامة شوارع داخلية مرصوفة، وإزالة البيوت القديمة التي سقطت، وترميم الآيلة للسقوط، ولو لا تدخل صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة لإنقاذ بيت سيدوف التاريخية من الاندثار وتحويلها إلى مركز للثقافة، لقلنا بيقين إن قوتها التاريخية محكوم عليها بالزوال، وحتى لو كان هناك ادنى اهتمام خدمي بها، فهو يفتقر لرؤية تطوير شاملة، اقليمية ومركزية على السواء، حتى اجتهاد الاستثمارات الفردية التي يقيمها المواطنون ليست بتلك الجاذبية التي تدفع بتقدم الولاية مستقبلا، وإنما تكرس التخلف التنموي والاقتصادي بمباركة من المؤسسات المحلية بما فيها البلدية، فالمحلات التجارية التي تقام على بعض شوارعها الرئيسية تذكرنا بالوضع الذي كان سائدا قبل عام 1970، فلماذا لا تشترط البلدية على المستثمرين المحللين هيكلية عصرية للمحلات التجارية كتلك التي تشهدها صلالة مثلا، فالتطور التنموي والاقتصادي يجب أن يرفع من مستوى الولاية وليس العكس، والا، فكيف للولاية أن تواكب التقدم؟ هذه مسئولية الجهات الحكومية الإقليمية والمركزية التي ينبغي أن تشترط مواصفات عصرية للتطور عوضا من ترك التطور يتحكم فيه رجال الأعمال يطغي عليهم هاجس الربح الكبير والسريع، كما أن المقومات السياحية لهذه الولاية في أمس الحاجة العاجلة إلى الخدمات الاساسية واللوجستية لكي تكون في مستوى حجم السياحة الداخلية والخريفية، فكيف لو نظر لمستقبلها السياحي في ضوء توجه الدولة نحو رفع نسبة مساهمة قطاع السياحة إلى (7%)، ولو كانت هناك إرادة ورؤية حقيقية لمستقبل السياحة في بلادنا، لتمكن قطاع السياحة من الوصول إلى مضاعفة تلك النسبة، فالقطاع السياحي في كل ولاية من ولايات بلادنا يحتاج إلى مقومات اساسية سواء في البنية التحتية أو المرفقية لكي يكون جاذبا، ومرباط نموذجا، لن ندلل هنا بمقومات هذه الولاية سواء من حيث شواطئها أو مقوماتها السياحية الأخرى ككهف طيف أكبر كهوف العالم .. فقد تناولناها في عدة مقال، ورغم محدودية المرافق والخدمات السياحة، وقد يرى البعض انعدامها، الا أن السياحة الداخلية في تزايد وبصورة منقطعة النظير، ففي العطل الاسبوعية من كثرة تدفق الأسر والشباب على مرباط من ولاية صلالة تحديدا، تظن أن سكان صلالة كلهم قد نزحوا نحو مرباط مما يشكل ذلك ضغطا كبيرا على خدماتها ومرافقها المحدودة جدا وحتى على عدد من امكانياتها الاقتصادية المحدودة كذلك. وحتى حلم الولاية خاصة وكل المواطنين في ظفار عامة في إنارة ازدواجية طريق طاقة مرباط قد تأخر كثيرا رغم أن المشروع قد اسند في شهر مايو من عام 2014 لشركة متخصصة بقيمة/055ر483 ر40 ريالا عمانيا ، وفي ليلتها، تحدث كبار المسئولين في وزارة النقل والاتصالات لوسائل الاعلام الحكومية عن قرب تنفيذ هذا الحلم، فأين هو الآن من الواقع؟ وهذا التأجيل/التأخير لا علاقة له أبدا بهبوط اسعار النفط، فقد كان قبله بفترة زمنية طويلة، إذن، اين تكمن المشكلة؟ لا يعقل ابدا، أن يتم مخاطبة الرأي العام، وتقطع الوعود الزمنية، ولا يتم الوفاء بها حتى الآن، فقد قيل رسميا إنه قريبا سيتم تنفيذه، فكم المدة الزمنية من شهر مايو وحتى الآن؟ إننا نتحدث الآن عن (8) اشهر، فهل هذه المدة الزمنية تعد قصيرة أم طويلة وفق مفردة ،، قريبا ،، إن وعد القريب قد صار بعيدا، والبعيد يحبط النفس، ويعمق فقدان الثقة في التصريحات والوعود وفي تنفيذ المشاريع، ولدى مجتمعنا تاريخ سلبي مع عدم تنفيذ المشاريع وتأجيلها والبطء الشديد في تنفيذها، ويمكن الاستدلال هنا على الكثير من المشاريع سبق وأن تناولناها في مقالات سابقة، إذن، ما هى الاسباب التي تحول دون تنفيذ هذا المشروع رغم الوعد بتنفيذه قريبا؟ هذا التساؤل نوجهه إلى وزارة النقل والاتصالات المعنية بهذا المشروع مباشرة، ونترقب الاجابة عليه سريعا، لأن كل يوم تأجيل /تأخير قد اصبح مؤلما على الآلاف من المواطنين والزائرين الذين يجوبون هذا الطريق على مدار الساعة، فعليه حمولات اجتماعية وسياحية ثقيلة وتداعياته المعنوية والمادية قد أصبحت معلومة بالضرورة ، وقد تناولناها في عدة مقالات سابقة، وقد افاد لنا مصدر رسمي رفيع بأن المشروع يجري عليه بعض التعديلات الفنية لخفض تكلفته المالية، ولو تم ذلك، فأي من الجوانب الفنية سوف تتضرر؟ هل سيتم تقليص الجسور أو الإنفاق أو الحمايات أو جودة الطريق .. الخ وهنا يجب لفت الانتباه من ارتكاب نفس الأخطاء الفنية على طريقي صلالة طاقة ومرباط حاسك اللذين تم إقامتهما دون مراعاة الظروف البيئية المحيط بهما، فالكثير من مجاري السيول تقطعهما، وفي الأنواء المناخية تنقطع تلك الولايات عن صلالة برا، ويزداد قلقنا على الوضع المعيشي والصحي للمواطن هناك، فمتى سيتم الإفراج عن هذا المشروع الاستراتيجي؟ وهل سنرتكب نفس الأخطاء السابقة ؟ وحتى حين اردنا استدراك الخطأ على طريق مرباط حاسك، كانت العملية مكلفة ماليا، ولا يزال هذا الاستدراك قائما على الأرض حتى الآن.