مسقط -العمانية: لطالما كان للصورة الفوتوغرافية وقعها الاستثنائي وهي تقدم حقيقة ماهيتها، تلك الماهية التي يسافر من أجلها الفوتوغرافي ليحقق مراده مع الإبداع، حيث جمالياتها وما يصاحبها من تفاصيل متعددة في شأنها الفني.
المصور الفوتوغرافي محمد بن خميس الرزيقي، مصور مغامر، ألفته الطبيعة وحيثياتها منذ وقت ليس بالقصير، فهو إلى جانب كونه محبا للمغامرات، تجده مكتشفا لحقيقة اللون وسرّ المكان.
ويتحدث المصور الرزيقي عن تجربته الفنية وتطورها، وأهم ما تحقق من إنجازات بشأنها في الفترة الأخيرة، ويقول: (لقد ألهمتني الطبيعة بتنوّعها وتفرّد جمالها ومنذ أمد بعيد، فكانت الطريق الأول الذي حفزني للإبداع لأكون أكثر قربا من الصورة الفوتوغرافية، فإن اكتشاف حقائقها وأسرارها من خلال التقاط صور لها لهو أمر غاية في الأهمية خاصة إذا صاحب هذا الاكتشاف نوع من التحدي والمغامرة، مرورا بحياة الناس وبساطتهم وجمال أرواحهم، فتلك المقومات الخاصة بالإنسان كانت تضيف نوعًا من المتعة والتحدي غير منقطعين مع الصور وتفردها، لقد بدأتُ مشواري مع الصورة في عام 2016م صاحب ذلك المزيد من الشغف المقرون بالتعليم وخوض التجارب المتعددة مرورا بالبحث والتقصي في شأن التعامل مع الكاميرا وخصائصها، وعن المنجز فأنا أحسبه ذلك الكم النوعي من الجمال الذي يصاحب إخراج الصورة للمتلقي، فأنا أشعر بسعادة غامرة بعد السنوات الـ5 التي قضيتها مع الصورة، وأقول إنني أوجدت لي مساحة خاصة مع زملائي وأصدقاء الضوء في ولاية صور على وجه الخصوص وفي محافظة جنوب الشرقية على وجه العموم).
وحول البيئة الثقافية والاجتماعية الجغرافية لمحافظة جنوب الشرقية وتأثيرها في مسيرته الاحترافية في مجال التصوير الفوتوغرافي يوضح الرزيقي: تتميز محافظة جنوب الشرقية بتنوعها الجغرافي والثقافي والاجتماعي الإنساني، فالمتتبع لحقيقتها في الشأن يجد (جغرافيًّا) تلك السهول الممتدة والشواطئ البيضاء البكر، والمناطق الجبلية التي تدعو محبي التصوير للاكتشاف وحب الاطلاع في آن واحد، بالإضافة إلى الصحراء التي تمد الروح بروعة تكوينها ونسماتها حيث حياة البدو وجمال أرواحهم وقيم عاداتهم وتقاليدهم الضاربة في عمق التاريخ، أضف إلى ذلك المناطق الجبلية التي تدعو الزائر إليها إلى التواصل مع مكوناتها بما فيها نقاء أفئدة قاطنيها وبهاء تقاليدهم الزكية، فترى الأودية والأفلاج ووفرة المياه والهدوء والسكنية، مرورا بالعادات والتقاليد والتنوع الثقافي لأهالي هذه المحافظة التي أجد فيها كل أمر هو بحد ذاته (استثناء)، للإبداع، فالمصور يجد ضالته في فنونها، فتجد للبحر فنونه الخاصة، وللسهل والجبل والوادي تلك الرزحة والقصافي والعازي، مع العادات والتقاليد التي لا يشوبها التكلف مرورا ببساطة أهلها وتفرد تواصلهم الاجتماعي، وأؤكد أن كل ما يتعلق بالعادات والتقاليد الاجتماعية لهو أمر إيجابي في الإضافة النوعية لتعاملي مع الصورة التي تكون ذا جماليات متعددة وهي بين ناظري المشاهد والمتابع لها.
ويقترب المصور الرزيقي من المجالات المحفزة للتصوير التي تشده عادة، ودائما ما تكون حافزا للإبداع الفوتوغرافي لديه، وهنا يتحدث: عن أن السفر غاية كل إنسان، ومن خلاله يكتشف المصور عادات وتقاليد الشعوب، واختلاف أفكارهم وأجناسهم، وهذا الأمر يحقق غاية مهمة في رحلة المصور مع الصورة الفوتوغرافية واكتشاف ذاته وصقل مهاراته في الوقت نفسه.
ولكن أقول إنني ارتبطت كثيرا بمحافظة جنوب الشرقية وتنوع جمالها، لقد أخذت من وقتي الكثير في مجال التصوير، وهذا أمر يسعدني جدا، ويشكل لديّ حافزا للإبداع في كل مرة أخوض فيها تجربة تصوير، وكما أسلفت القول فأنا محب للطبيعة وتجلياتها، وأجد أن حضور الإنسان في صوري الفوتوغرافية هو الإنجاز الأعظم بالنسبة لي، ذلك الإنسان الذي تقاطعت السنوات في مخيّلته وأفكاره، وتراها بارزة بكل وقار وعزم على وجهه المشرق بالذكريات.
وفيما يتعلق بالبيئة الجغرافية العمانية عموما وتعدد أنماطها وعلاقتها بجماليات الصورة الفوتوغرافية يلفت الرزيقي إلى أن: المصور العماني لم يكن ليبدع لولا التنوع الجغرافي الذي تحظى به سلطنة عُمان من مسندم إلى ظفار، شرقها مع غربها، وجنوبها مع شمالها، فقد وصل المصور العماني إلى مسابقات عالمية وتحصّل على جوائز مهمة تضاف إلى ما تحقق لإنسان عُمان من إنجازات نوعية، كل ذلك بفضل التنوع البيئي والطوبوغرافي مرورا بالعادات والتقاليد والمكون الثقافي للسلطنة، وأجد أن بلادنا (أرض استثنائية)، قد لا تتشابه في الكثير من المقومات مع غيرها، وهذا بحد ذاته كفيل أن تكون هناك صورة فوتوغرافية نوعية تقدم سلطنة عمان للمتلقي في الداخل والخارج باحترافية المصور المبدع المحب للاكتشاف والمغامرة أيضا.
وحول التجريد في عالم التصوير الفوتوغرافي وعلاقته به يقول المصور محمد الرزيقي: “لا أخفي قولا فقد تعرفت على هذا النوع الفني في عوالم الصورة وبحثت في حقائقه، فهو يضيف الدهشة للصورة الفوتوغرافية، ومتبع بشكل كبير من قبل محترفي التصوير، ولكن للآن لم أخُضه كتجربة حقيقية، والعمل على المفهوم التجريبي غير الموضوعي وكما يطلق عليه بالمفاهيمي يستدعي الكثير من العمل، مرورا بمعرفة حقائقه خاصة إذا ما علمنا أن الصورة في هذا العالم لا تتصل بعوالمنا الحقيقية الملموسة، فهي غير واقعية كونها كونت بمواد وعمليات التصوير الفوتوغرافي غير الواقعية، وهذا النوع من الصور إنما تدخل في إنشاء منظومة صورية مبتكرة بعيدة عن الحقيقة أو قريبة منها بتدرج نسبي غير مستقر، فاللون والأضواء والظلال قد تكون مفتعلة لنقل الأحاسيس والانطباعات والمشاعر، وأنا لست قريبا من هذا الواقع الفني ولم أخض تجاربه بعد، ولا أعلم ما إذا سيجد ذلك القبول في مسيرتي يوما ما أم لا، علما بأن البعض يراه تقدما في مجال الصورة وعوالمها الرقمية إلا أن نبض الصورة وحقيقتها هي عوالم لا بد أن تكون متصلة في مشروعي الفني الذي أسعى إلى تكريس نتاجه وتصاعد تجربته.
ويضيف: الحضور الفني للمصور في المحافل المحلية والدولية أمر غاية في الأهمية بما في ذلك المسابقات النوعية الخاصة بالتصوير الفوتوغرافي، فإن مثل هذا الحضور لهو أداة تسويق وتعريف بالفنان والمصور الفوتوغرافي، ولقد حظيتُ بمشاركات عديدة في عددٍ من المسابقات الفنية في السلطنة ، كما نُشرت لي عدة تقارير على قنوات ومنصات أخرى عالمية بما في ذلك (سي أن أن العربية)، وتم اختيار إحدى صوري لعرضة الخيل لعام 2020 لتكون على طابع بريدي ضمن طوابع (بريد عُمان) بالإضافة إلى المشاركة في مسابقة (قمرة تثري السياحة) عن التصوير الجوي، ومسابقات رمضانية خاصة بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، ولدي مشاركات في العمل الفني الوثائقي (حكاية صورية)، يقدم تاريخ ولاية صور البحري، وهناك أعمال أخرى كثيرة تجارية أيضا من أجل كسب وتبادل الخبرة في المجال الفني الرقمي، وهذا كله أوجد الاستفادة لدي وسوّق لأعمالي الخاصة مما شكل رافدًا نوعيًّا لنتاجي الفني.