[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
” داعش احتل مدنا سورية وعراقية وخطف أبناءها ونساءها واعتقل صحفيها وإعلاميها، وشرد وأعدم بعضا منهم، وتمدد خارجها، هل جرى اهتمام بهذه القضايا؟! لماذا لم يتخذ مجلس الأمن الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية قرارا بما يخص هؤلاء الضحايا كما فعل بعد ذبح الصحفيين الغربيين؟”
ـــــــــــــــــــــ

ما حصل في فرنسا يوم 7/1/2015 شغل العالم، (مقتل 12 إعلاميا ورسام كاريكاتير وحارس في مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة، شارلي ابدو). فالحدث بالتأكيد ليس عاديا، ولكن لم يسأل اغلب من انشغل به في الاسباب والتداعيات لكل ما قامت به فرنسا رسميا، ولم يتعظ الحكام في فرنسا وخارجها من هجماتهم العسكرية وحروب عدوانهم على الشعوب والأديان والحريات. رغم فداحة الخسارة في ارواح من قتلوا في الحدث الفرنسي وما سيتلوه من كرة ثلج دائرة ومهما أخذت السلطات الفرنسية وشقيقاتها الأوروبيات من حيطة وحذر دون معالجة حقيقية ومراجعة استراتيجية لما اقترفوا ضد حقوق الإنسان وحريات الشعوب، فلن يسلموا من عواقب الأحداث. ولعل الاهتمام الكبير بما حصل بفرنسا يعطي دروسا جديدة ويذكر بالممارسات الفاشية التي تقودها سياسات استعمارية وتمثلها وقائع ما نفذته عصابات داعش وأمثالها. ونتائج تلك الأعمال الوحشية ضحايا قد يكون بعضهم، اذا لم يكن أغلبهم أبرياء، لا قرار بيدهم ولا دور لهم بما يقرره حكامهم وحكوماتهم، ولكن لابد من التساؤل هنا عن الضحايا الأخرين الذين خسروا حياتهم قبل هذا الحدث، ولماذا لم يؤشر لهم ويوضعون في ذات الاهتمام؟. ولماذا لم تعتبر الحكومات وأصحاب القرار من تهديدات داعش بعد قطع رقاب صحفيين أميركيين وبريطاني وغيرهم من الجنسيات الغربية التي نشرت صورهم في وسائل الإعلام الجديدة، في اليوتيوب وغيرها، ونشرتها وسائل الإعلام الاخرى المؤيدة لداعش او المعادية لها. شجب الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون استنكارا لهذه الجرائم وأمثالها، وأيضا لم يعتبروا منها، وتجاهلوا مخاطرها وأنكروا دورهم فيها، بل زادوا امعانا في دعم الارهاب بأشكال لم تعد سرية، وصولا الى الإمداد العلني بالمعدات والعُدد. من يستمع الى تصريحات المسؤولين الغربيين يتساءل: كيف تعرف الأجهزة الأمنية الغربية أعداد مواطنيها الذين توجهوا الى تنظيم داعش ويحاربون معه الان؟ وعن اية طرق ذهبوا؟ وكيف وصلوا ومن عاد منهم؟ وما هي الاجراءات التي قاموا بها لمنعهم او الحيلولة دونهم؟ الأجوبة على هذه الاسئلة تؤكد مشاركة كل الحكومات وأجهزتها في تجنيد داعش وتنظيمه ودعمه وتقويته واستخدامه لستراتيجيات الهيمنة والتفتيت للمناطق التي ابتليت به او المهددة منه.
داعش احتل مدنا سورية وعراقية وخطف ابناءها ونساءها واعتقل صحفيها وإعلاميها، وشرد واعدم بعضا منهم، وتمدد خارجها، هل جرى اهتمام بهذه القضايا؟! لماذا لم يتخذ مجلس الامن الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية قرارا بما يخص هؤلاء الضحايا كما فعل بعد ذبح الصحفيين الغربيين؟ ويطلب من العالم وقفة صمت من اجلهم؟ وتقديم اعتذار دولي لهم عن المصائر التي الت بأغلبهم؟
ازاء كل ما حصل الان كانت الاراضي العربية المحتلة اول من حصل فيها مثل ما حدث في باريس، وان بأشكال او صور اخرى. فحسب الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين في العراق، أن 10 صحفيين عراقيين قتلوا، خلال العام الماضي، على يد داعش الذي أمر باعتقال أي صحفي عراقي. وتابع بيان للجمعية أن 60 صحفيا من الموصل، نزحوا إلى إقليم كردستان، وإلى بغداد، وأكثر من 20 صحفيا خارج البلاد. والوقائع تثبت ان الأهالي، بين وقت وآخر يعثرون على جثث الصحفيين، بعد إعدامهم من قبل داعش رميا بالرصاص، في النهر، أو عند مدخل المدينة من الناحية الجنوبية.
مرصد الحريات الصحفية في العراق (وكالات 05/1/2015) بؤكد ان داعش يحتجز 6 كتاب وصحفيين ومصورين في محافظة نينوى منذ العاشر من يونيو الماضي بالإضافة الى الصحفيين الثلاثة الذين اختطفهم الاسبوع الماضي، منهم الكاتب والصحفي فاضل الحديدي والإعلامي الشاب مهند العكيدي. فيما يلف الغموض مصير مقدمي البرامج في قناة الموصلية الفضائية ميسلون الجوادي وجمال المصري ومراسل قناة سما الموصل الفضائية قيس طلال.
بينما ذكرت تقارير صحفية أن تنظيم داعش اعدم الإعلامي سهيل الدليمي في محافظة الانبار. وقالت التقارير الصحفية الواردة من الانبار (3/1/2015) إن داعش أقدم على إعدام الصحافي سهيل الدليمي بعد اعتقاله لساعات في محافظة الأنبار ليسجل بذلك أول عملية قتل بحق الصحفيين لعام 2015.
وأورد المرصد تعرض اعداد كبيرة من الصحفيين العراقيين للإبادة والتهجير القسري والموت في المعتقلات، بينهم إعلامي مصري، على يد داعش، خلال نصف عام فقط. كما توصل المرصد الى معطيات تفيد بان الصحفي علي النوفلي، الذي لم يُعرف مصيره في وقت سابق، لازال معتقلا لدى تنظيم داعش بعد اعتقاله من داخل مدينة الموصل قبل شهرين.
أكدت وزارة حقوق الانسان في العراق (7/1/2015)، ان عصابات داعش الإرهابية أعدمت الصحفي عصام محمود الذي يعمل مراسلا في قناة (سما الموصل) رميا بالرصاص في معسكر الغزلاني بالموصل.
من جهة اخرى افادت مصادر حكومية محلية إن الجناح الإعلامي في تنظيم داعش يتابع بدقة النشرات الإخبارية لمختلف وسائل الإعلام ويرصد ردود أفعال المسؤولين والأفراد حيال ما يفعله التنظيم ضمن المناطق التي تخضع لسيطرته. وأضافت أن التنظيم يرد على منتقديه عبر وسائل الإعلام، في المناطق الخاضعة لسيطرته في محافظة ديالى مثلا عبر حرق المنازل أو تفجيرها بعد نهب محتوياتها بذريعة أنها تعود إلى من يسميهم بالمرتدين أو قتل أو احتجاز أسرهم أو أقاربهم أو مصادرة كافة ممتلكاتهم.
رغم عدم وجود معلومات تؤكد أو تنفي مقتلهما في ليبيا من مصادر مستقلة او رسمية حتى الان. الا ان وكالة الأنباء الفرنسية نشرت (8/1/2015) بأن تنظيم داعش في ليبيا إعدم صحفيين تونسيين، سفيان الشورابي ونذير القطاري، كانا محتجزين منذ أشهر لديه، نقلا عن موقع مقرب منه.
في كل الاحوال هذه اخبار متفرقة ولكنها تشير الى استهداف داعش للصحفيين، من بين من يستهدفهم ويحاربهم ووظف ضدهم، وهي صورة حال بحاجة للتدقيق والرصد والمسؤولية القانونية والإخلاقية. والمفارقات المحزنة أن كثيرا من الضحايا لا يهتم بهم كما حصل في باريس او غيرها. فلم يتذكرهم مجلس الأمن ولا حكوماتهم أو منظماتهم أيضا بما يؤكد حمايتهم ودعمهم والحرص على حياتهم وحقوقهم الإنسانية والحريات والديمقراطية وشرف المهنة!.