د. يوسف بن علي المُلَّا:
لطالما كان الوباء يمثل مشهدًا سلوكيًّا خادعًا للأفراد فينتشر فيما بينهم ويتنقل. لكن الآن، يبدو الأمر كما لو أننا جميعًا ـ إن صحَّ لي القول ـ نسير في برزخ بين جزر الرهبة والخوف، فالبر الرئيسي لا يزال بعيدًا عن الأنظار!
وحقيقة في كل نقطة على طول هذه الفترة المتواصلة وخلال العامين الماضيين، لا يزال بعض الناس يحاولون تقليل المخاطر بقدر ما يستطيعون، وبشكل وبآخر نحاول جميعًا اتخاذ قرارات لأنفسنا، وما زال كل خيار للجائحة يؤثر علينا جميعًا مرة واحدة.
ولعلَّ أفضل خطوة في الوقت الحالي هي عدم الغوص في حفرة مزرية بدون الاستمرار بالالتزام بالإجراءات الصحية، ناهيك أنه لا يجب أن نستسلم للبقاء وبدون حركة، بقدر ما قد تبدو خياراتنا ثنائية في بعض الأحيان، فمن الممكن التخلص من بعض قسوة الجائحة مع مساعدته على الوصول إلى نهاية أقل كارثية. وبلا شك فالتواصل الاجتماعي والاستمتاع بالأشياء على المستوى الشخصي، لا نساومها بصحة المجتمع.. أوَليس كذلك؟
وعلى أقل تقدير، لم يتغير نموذجنا الأساسي للوقاية من العدوى! ففي هذه المرحلة، يمكن للعديد من الأشخاص قراءة القواعد أثناء نومهم! الأماكن الخارجية أفضل من الأماكن المغلقة، والتجمعات الأصغر أفضل من التجمعات الكبيرة؛ الكمامات، والتهوية، والاختبارات، واللقاحات، والمسافة يمكن أن تكون جميعها آمنة.
ومع ذلك لا تزال إمكانية المخاطرة الصغيرة والكبيرة تعتمد بشكْلٍ كبير على الظروف، والحظِّ مثلًا في أن تكون بصحة جيِّدة وشابًّا. لذلك من المفيد تذكير أنفسنا دائمًا بالفائدة المحتملة التي يمكن أن تفعلها الإجراءات الصغيرة لأولئك الذين يستطيعون ارتداء الكمامات، أو إجراء اختبار، أو تقليل التجمعات. ألست معي بأن الأمر لا يتطلب الكثير، عندما نأخذ بالأسباب مقابل الحماية التي قد يحصل عليها الآخرون؟
ختامًا، إذا كنَّا نتَّجه حقًّا إلى فترة تهدئة منخفضة العدد، فهذا هو الوقت الفعلي للاستعداد؛ للوصول إلى تفاهم متبادل حول المخاطرة بحكمة، واختيار الأشياء المبهجة بحكمة، وتوزيع الحماية على نطاق واسع ومنصف قدر الإمكان. وقطعت خلال الجائحة، ستكون هناك دائمًا خسارة: المرض، والموت، والتجنب، والقيود. ولكن في ظل هذه الأزمة يجب أن نعي فرصتنا الجماعية للاعتناء ببعضنا البعض! فلا يجب أن تدور المرحلة التالية من الجائحة حول ما لا يمكننا فعله، بل التركيز على كيفية استعادة الحياة الطبيعية مع بعضنا البعض، كأفراد في هذا المجتمع.