كيري في إسلام أباد لبحث القضايا الأمنية

بيشاور (باكستان) ـ عواصم ـ وكالات: عاد التلاميذ في بيشاور وجميع انحاء باكستان أمس الى مدارسهم لأول مرة منذ المجزرة التي ارتكبتها حركة طالبان والتي أوقعت 150 قتيلا بينهم 134 طفلا في ديسمبر في مدرسة تابعة للجيش في هذه المدينة.
والهجوم الذي وقع في 16 ديسمبر واستهدف المدرسة التي تستقبل بشكل اساسي اولاد عسكريين، كان الأكثر دموية في تاريخ هذا البلد واثار صدمة كبيرة في باكستان، البلد المسلم البالغ عدد سكانه حوالى 200 مليون نسمة والذي يشهد اعتداءات شبه يومية.
واستقبل حوالى عشرين عسكريا بينهم قائد الجيش الجنرال راحيل شريف أمس التلاميذ وعائلاتهم في المدرسة العامة التابعة للجيش في بيشاور وسط تعزيز للاجراءات الامنية في المدينة.
وبات يترتب على كل من يود الدخول الى المدرسة المرور من بوابة مجهزة بكاشف للمعادن.
ودعت السلطات المدارس في باقي الانحاء الى توخي الحذر واقامة اسوار تعلوها اسلاك شائكة حول مبانيها وتعزيز وجود الحرس قدر الامكان.
وبالرغم من التدابير الامنية تبقى العودة الى المدرسة صعبة جدا وحتى اليمة لشاه روخ خان (16 عاما) الذي اصيب بالرصاص في ساقه في اعتداء بيشاور.
وقال لوكالة فرانس برس "فقدت 30 من رفاقي في هذا الهجوم، كيف ساتمكن من الدخول الى صف فارغ؟ كيف سانظر الى كل هذه المقاعد الفارغة بجانبي؟". واضاف "قلبي محطم. كل رفاقي في الصف ماتوا، قلبي لم يعد بكل بساطة يود العودة الى المدرسة".
وان كان الاطفال الصغار عادوا الى المدرسة او الحضانة غير مدركين لحجم ما جرى، الا ان التلاميذ الاكبر سنا اجروا مناقشات جدية مع اهلهم تحضيرا لهذا النهار.
وقال محمد ظاهر احد ذوي التلاميذ "كان ابني مذعورا لكننا تكلمنا معه، لا يمكننا ان ندعه مسجونا بين اربعة جدران في المنزل، لا بد لنا من الصمود بوجه المتطرفين".
ولا يزال الناجون من الاعتداء الذي اودى ب134 طفلا من بين 150 ضحية يروون كيف تعقب المهاجمون التلاميذ الى تحت المقاعد وصفوهم ليعدمونهم امام انظار رفاقهم.
وزاهد ايوب (16 عاما) الذي اصيب اصابة طفيفة في الهجوم عاد الى الصف وهو عازم على تحدي حركة طالبان الباكستانية التي تخوض نزاعا مسلحا منذ ثماني سنوات ضد النظام وقد تبنت هذا الهجوم غير المسبوق.
وقال "لست خائفا، لا يمكن لاي قوة ان تمنعني من العودة الى المدرسة. وانا اقول للمهاجمين +نحن لسنا خائفين منكم+".
كما ينطوي استئناف الدراسة على مخاوف بالنسبة لاهالي التلاميذ في جميع الانحاء من كراتشي (جنوب) الى اسلام اباد (شمال) اذ يخشون وقوع هجمات جديدة مماثلة.
وكتبت سيما جميل اشرف وهي ام من كراتشي على شبكات التواصل الاجتماعي "حين توجهت هذا الصباح الى المدرسة في نور الشمس الخافت كان هناك هدوء مخيم وكان ملايين الوالدات تصلي بصمت وهن يرافقن اولادهن الى المدرسة".
وردا على هذا الهجوم، رفعت السلطات تجميد عقوبة الاعدام في حالات الارهاب واعدمت تسعة اشخاص وصادقت على انشاء محاكم عسكرية لمحاكمة مدنيين بتهمة الارهاب وقصفت معاقل طالبان.
وتجمع مواطنون امام بعض المساجد التي تعتبر متطرفة لارغام الحكومة على توقيف الائمة الذين يدعون الى الحرب ضد الهند المجاورة والى ارتكاب اعمال عنف ضد الاقليات.
من جهة اخرى اجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع المسؤولين الباكستانيين قضايا الامن في زيارة لم يعلن عنها من قبل لحث الحكومة على بذل مزيد من الجهد لقمع الجماعات المسلحة.
وخلال زيارته التقى كيري برئيس الوزراء نواز شريف وبقائد الجيش.
ميدانيا قتل سبعة من عناصر ميليشيا محلية موالية للجيش الباكستاني امس في هجوم شنه على موقعهم للمراقبة متمردون انفصاليون من اقليم بالوشستان الغني بالغاز في جنوب غرب باكستان.
ووقع الهجوم على هذه الوحدة من حرس الحدود في قطاع لورالاي النائي الذي يبعد حوالى 200 كلم شرق العاصمة الاقليمية كويتا، حسب ما قال منذور احمد المتحدث العسكري.
كما اكد نيراك بالوش، المتحدث باسم جيش تحرير بالوشستان، احدى المجموعات المتمردة في هذا الاقليم، مسؤولية مجموعته عن الهجوم.
ويشهد اقليم بالوشستان الغني بالغاز، ويناهز حجمه مساحة ايطاليا، والمتاخم للحدود الايرانية والافغانية، نزاعا جديدا منذ عشر سنوات بين التمرد المحلي وقوات الجيش.
ويركز متمردو بالوشستان هجماتهم على قوات الامن ورموز السلطة والمنشآت الاستراتيجية مثل انابيب الغاز والسكك الحديد.
من جهتها، تتهم منظمات الدفاع عن حقوق الانسان اجهزة الاستخبارات بخطف وتعذيب وقتل المشتبه بتعاطفهم مع قضية بالوشستان. ويطلق على هذه الممارسة ايضا اسم "اقتل وارم"، بسبب العثور على جثث الناشطين المفترضين مرمية على جوانب الطرق.