د. سعدون بن حسين الحمداني:
إن مثلث الحياة العصرية المدنية الحديثة التي يركز عليها علم الاجتماع في نظرياته وحلقات العمل التي يشرف عليها؛ لما فيها من دلالات ومعانٍ وسمو الحياة المدنية، هذا المثلث هو (القيادة، البروتوكول، والإتيكيت).
مقالنا اليوم وباختصار سوف نتطرق فيه لبعض السمات الجوهرية عن مثلت الحياة وهي من أهم صفات القائد المحنك والدبلوماسي المتميز في عمله أينما كان، سواء مدير مدرسة أو رئيس جمعية تعاونية أو مسؤول علاقات عامة في وزارة معيَّنة لأقل منصب إداري في هيئة حكومية أو أهلية؛ لأنه يعكس صورة بلده وكذلك يعكس مدى ثقافته واطلاعه وإدراكه بشؤون عمله اليومي.
وكل إنسان هو قائد في عمله من أقل وظيفة إلى هرم الدولة وأي خلل في سمات وعناصر القيادة والبروتوكول والإتيكيت سوف يعكس صورة سلبية ومشوشة على القائد أو الدبلوماسي؛ لأن بدون هذه العناصر الجوهرية كأن شخصًا يعيش في كهف لا يعرف ماذا يجري حوله؟ لذلك سوف أتطرق ولو بشيء مقتضب عن أهم النقاط والسمات لأي قائد أو دبلوماسي أو حتى المواطن العادي كيف يجب أن يكون متميزًا في موقع عمله وحياته اليومية، حتى وإن كان في البيت، وأنا شخصيًّا أضع مثلث الحياة تحت مظلة علم الاجتماع وفن الدبلوماسية؛ لِمَا فيه من تصرفات شخصية وذوق وسلوك مهذب فردي راقٍ لِمَا يمسُّ التصرفات العامة والالتزام أمام المقابل.
وتُعد الدبلوماسية بكل تفرعاتها ومثلث الحياة هي من أهم مجالات الحياة، فالثلاثة يشكلان قمة النجاح في الحياة اليومية، سواء في سعادة أفراد العائلة أو على المستوى الاجتماعي بين العائلات، مرورًا بالدوائر، وصولًا إلى سلطة الدولة العليا في التعامل مع المحيط الخارجي، من خلال الاعتماد على هذا المثلث الجوهري في التعامل مع كل معطيات السياسة المحلية أو الخارجية.
وتحاول أغلب المدارس الدبلوماسية والإعلامية صياغة وتدوين النظريات والمفاهيم المتطورة والحديثة لفن الدبلوماسية مع التطور التكنولوجي في وسائل التواصل الاجتماعي الحاصل بالعالم، بحيث نقدر أن نحصل على ما هو جديد في هذا المجال أو غيره في ثوانٍ معدودة، معتمدين على مبدأ القيادة والبروتوكول والإتيكيت.
وتعرف الدبلوماسية بأنها السياسة الخارجية للدولة أو هي رعاية المصالح الوطنية في السلم والحرب، أما التعريف الشامل لها والمتفق عليه فهو (أنها مجموعة المفاهيم والقواعد والإجراءات والمراسم والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين، والشركات والقطاع المختلط والخاص؛ بهدف خدمة المصالح العليا للجميع).
إن مفهوم وأداة الدبلوماسية هي كيفية إدارة مثلث الحياة ومدى تأثيرها في تحقيق الأهداف المخطط لها من حيث تواصلها والنتائج المتوخاة من ذلك. وإن مثلث الحياة (القيادة والبروتوكول والإتيكيت) ينبع من حاجة المجتمع في عالمنا اليوم، حيث أصبح اليوم ضروريًّا؛ لأن هذا المثلث يعتمد ويدرس سلوك وحاجة واحتياج الأفراد والجماعات والحكومات، وأن تنظيم العلاقات بين اثنين، شخصيًّا أو رسميًّا، فرديًّا أو جماعيًّا، يعتمد كليًّا على الثقة والتفاهم والمنفعة المتبادلة، بالإضافة إلى الصدق ووضوح الهدف بشرط عدم المساس والانتقاص من الطرف الثاني، وهذا من شعار فن الدبلوماسية بل من أهم جوانبه.
ويعتمد فن الدبلوماسية إلى درجة كبيرة على هذا المثلث؛ لتشابك النظريات والأهداف معًا في أغلب وجهات المجتمع، سواء الفردية أو الرسمية، خصوصًا في مجال التنمية والشراكة الاقتصادية مما نتج عنه ظهور الدبلوماسية الاقتصادية التي تهدف إلى تبادل وتطوير مصالح البلدان تحت مظلة التبادل المنفعي، الذي يستند بصورة مطلقة إليها، التي تشجع عجلة التنمية، سواء على مستوى الشركات الفردية أو مستوى الحكومات، ولذلك فإن الإدارات الحكومية يجب أن تقوم بنشاط إخباري إعلاني واسع تحاول بواسطته إعلام الجمهور عن أنشطتها، وبث كمية ضخمة من المعلومات من خلال السلك الدبلوماسي أو البعثة الدبلوماسية الموجودة في تلك البلدان، واللذين يعدان مرآة البلد الآخر وأساسا للتعامل في هذه العناصر الثلاثة.
أما مثلث الحياة (القيادة والبروتوكول والإتيكيت) فهدفه الجوهري التواصل والاتصال المنفعي الصادق والأمين لغرض الوصول إلى الهدف، معتمدًا على عدة مؤهلات وأهمها: سمات المفاوضات، جمع المعلومات، إدارة المفاوضات، نظرية ترتيب الأولويات، نظرية التأثير المباشر (قصير المدى)، ونظرية التأثير التراكمي (طويل المدى)، كما أنها تسهم مساهمة فعالة في مد الجسور لإقامة أقوى الروابط بين المؤسسة وجمهورها، والمساهمة الجادة في رسم الصورة اللائقة عن نشاطات وسياسات هذه المؤسسة، وبذلك فإنَّ للدبلوماسية دورًا كبيرًا في التأثير إيجابيًّا أو سلبيًّا في أجندة هذا المثلث من حيث إنها تستند إلى المعلومات الأساسية التي تمرر من قبل الجهات الدبلوماسية أو الجهات المسؤولة.
ويُعد فن الدبلوماسية الواجهة البحرية الواسعة لهذا المثلث لما يحمله من كمٍّ هائلٍ من المعلومات الأكاديمية والحرفية والمهنية، لذلك فإنَّ القيادة في المؤسسات والمؤهلات الشخصية للأفراد العاملين، التي تعد حجر الأساس في التقدم والتفوق على الآخرين، وخصوصًا في المجال والبيئة الدبلوماسية، ومن هذه المؤهلات المطلوبة هي: (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لباقة الكلمة، حُسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، الكياسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التعامل مع المفاهيم الإدارية، إمكانية صنع واتخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكبة التطور والمناهج الحديثة، وأخيرًا الاهتمام بفن الإتيكيت بكافة تفرعاته).