أصبحت ثقافة حرية الحوار وتقبل الأخر حاجة أساسية ملحة تحتم المعطيات الحالية بأبعادها المختلفة في وقتنا الحالي زرعها في الأجيال من خلال بوابة التعليم عبر المدارس والجامعات والكليات والمعاهد، من أجل أن تكون هذه الأجيال قادرة على القيام بمسؤوليتها في المراحل الزمنية القادمة بهدف تحقيق خاصية الكمال في الفكر بعيدا عن سمة التخريب القائمة على إشباع الحاجات الفردية الضيقة المتمثلة في إيذاء حقوق الآخرين، وفق قاعدة معرفية صلبة متفق عليها أن حرية الآخرين تنتهي عند بداية حرية الأطراف الأخرى في الحوار، ولاسيما أن مبادئ وقيم ديننا الإسلامي الحنيف تكفلت حق الاختلاف كضرورة منطقية أساسية تفرضها قوانين الطبيعة في عقل الإنسان من خلال الصلة الوثيقة بين العقل والحرية القائمة على تطوير أدوات الإنتاج العقلي والمعرفي، وبالتالي حق الاختلاف حسب منظور ثقافتنا الإسلامية مكفول بقواعد وآداب وفق اطر أخلاقية وإنسانية في منظومة التسامح بعيدا عن النظرة الفردية الضيقة المحدودة في الاختلاف في الآراء بهدف تشريع الفوضى المتمثلة في السب والتجريح ومساس مشاعر الآخرين بالقذف من اجل إلغاء فكر الأخر بشتى الطرق المتنوعة على حساب الفضيلة وقيم التسامح والعفو المتأصلة في ثقافتنا الإسلامية التي تدعوا في أن يكون الاختلاف في الآراء والأفكار والمعتقدات في سلة العقل الفكري الحضاري من أجل توظيف تلك المقومات خدمة للوطن الواحد، وخير مثال على احترام الأخر بالمواقف والمناسبات في ثقافتنا الإسلامية عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحاور بلطف وهدوء مع الكفار شارحا وموضحا لهم قيمة الإسلام ومكانته في الحياة البشرية من أجل أن يخلصها من الرذيلة والظلم والاضطهاد، ولكن الكفار أصروا على منهجيتهم بأبشع الألفاظ في إصرارهم على موقفهم وعدم التنازل عنه في أن الحق بجانبهم وهم متمسكون به كما يعتقدون، وما كان من سيد البشرية سينا محمد عليه الصلاة والسلام أن يحسم معهم الحوار بلغة المنطق والفكر أيضا وتقبل الأخر، في ترك حرية اختيار الحكم لهم ضاربا أروع الأمثلة في منهجية احترام الرأي الأخر وفق ضوابط أخلاقية وإنسانية متأصلة في ثقافتنا الإسلامية التي تؤكد على قيمة الحوار وتشعبه في إثراء الفكر بأدوات المعرفة والإنتاج العقلي وما ورد بالقرآن الكريم في سورة سبأ( أنا أو إياكم لعلى هدى أو في ظلال مبين).

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]