أ.د. محمد الدعمي:
لم يتأخر "الدب الروسي" طويلًا للتكشير عن أنيابه النووية الفتاكة، خصوصًا عندما أخذ يشعر بخطر إخفاق مشروعه لتركيع "أوكرانيا"، الجمهورية السوفييتية السابقة.
وهناك عدة عوامل لا بُدَّ أن تساعد القيادة الأوكرانية على صد الاندفاع العسكري الروسي القادم من عدة محاور، وأهم هذه العوامل، وهي:
أولًا: إخفاق خطوط الإمداد التعبوي للقوات الروسية المندفعة داخل الأراضي الأوكرانية، إذ تواجه الماكينة العسكرية الروسية العملاقة فشلًا ذريعًا في التزود بالوقود، وفي المحافظة على زخم الهجوم، وذلك بتزويد جنودها بما يحتاجون إليه من مواد ضرورية كالغذاء والعتاد والرعاية الطبية.
وثانيًا: يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضغطًا شعبيًّا داخليًّا وخارجيًّا (تظاهرات واحتجاجات) على سبيل ثنيه عن مواصلة غزوه لأوكرانيا حتى احتلال كييف.
وثالثًا: إطلاق دول العالم الغربي حزمة العقوبات الاقتصادية، ومنها حرمان موسكو من الاستفادة مما يسمى بآليات نظام "سويفت" Swift البنكية التي تمكنها من تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر الأنابيب مقابل أثمان، ناهيك عما فرضه العالم الغربي من عقوبات اقتصادية أخرى على شخصيات "أوليغاركية" روسية بذاتها، ومنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين نفسه، زيادة على وزير خارجيته "سيرجي لافروف"، إضافة على عدد آخر من أصحاب الملايين المحيطين بالرئيس بوتين.
زد على هذه الروادع، نلاحظ وحدة الصف الغربي في موقفه الرافض لقسرية العسكريتارية الروسية، وذلك عبر تجهيز جماعات المقاومة الأوكرانية بالأسلحة والعتاد اللازمين للحفاظ على زخم الاندفاع الروسي داخل أوكرانيا من أجل جعله باهظ الثمن، ماديًّا ومعنويًّا، درجة أن موسكو لم تعد تتمكن أن تديم قوة اندفاعها العسكري نحو كييف وسواها من الحواضر الأوكرانية الرئيسة. ومقابل تصاعد صلابة المقاومة الشعبية الأوكرانية للقوات الروسية، تقفز التكاليف المادة والبشرية الباهظة لمواصلة اجتياح أوكرانيا على نحو منظم سوقيًّا وتكتيكيًّا إلى أعلى القائمة، ناهيك عما فعلته العديد من دول العالم بحرمان الروس من استخدام مجالاتها الجوية بحرية!
وتأسيسًا على ما جاء في أعلاه، وافق الرئيس بوتين، دون تأخير كما يبدو، على عقد محادثات مع القيادة الأوكرانية في أسرع وقت ممكن، وذلك في نقطة ما على الحدود بين الدولتين!