وليد الزبيدي:
في كل حالة طوارئ تحصل في العالم سرعان ما يحصل استنفار في عالمنا العربي، وفي كل مرة نكتشف حجم الخلل في بنيتنا التحتية، الأمنية والثقافية والغذائية وغيرها، نتأثر بقوة عندما تحصل أزمة في أسواق المال، وليس بعيدا عنّا الأزمة المالية التي عصفت بالأسواق العالمية في العام 2008، وسرعان ما ترتبك أوضاعنا عندما تضطرب أسواق النفط بصورة خاصة والطاقة على وجه العموم، ونصبح في الواجهة في حال حصل اضطراب أمني في دول العالم، وفي جميع الأحوال يكتشف المرء هشاشة أوضاعنا التي تنعكس على مجتمعاتنا وشعوبنا بصورة عامة.
في واقع الحال، فإن أزمات العالم المختلفة تفضح سلبياتنا وتكشف للرأي العام مدى الخراب الذي نعيشه ومدى ضعف الأداء والتخطيط الحكومي عند الكثير من حكوماتنا، وعلى الطرف الآخر يعرف القاصي والداني من الشعوب العربية والصغير قبل الكبير مدى رصانة الأجهزة الأمنية وعلى وجه الخصوص تلك الأجهزة المكلفة بالحفاظ على الحكومات بعيدا عن غضب الشعوب وتذمرها من الأداء المتردي في مختلف القطاعات.
وأقرب الأمثلة إلى الموضوع الذي نحاول مناقشته تأثيرات الأزمة الأوكرانية على الأمن الغذائي العربي بصورة خاصة، وحجم الخلل في البنية الغذائية التي نعيشها وخطورة هذا الواقع الذي يهدد جميع الأجيال. ويؤكد الخبراء ومراكز الدراسات والأبحاث العالمية المتخصصة بالإنتاج الزراعي أن الدول العربية من أكبر المستوردين للقمح في العالم، ويتم استيراد من قبل هذه الدول بنسبة 25 في المائة من استيرادات العالم، ويفصل ذلك حسب الدول العربية. فعلى سبيل المثال، تمتك السودان الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة التي يخترقها نهر النيل، لكن رغم ذلك تستورد السودان ما نسبته واحد في المائة من الاستيراد العالمي، وتتصدر مصر دول العالم الأخرى بنسبة تزيد عن العشرة في المائة، وطبعا يعرف الجميع توافر المياه في مصر من خلال نهر النيل والأرض الصالحة للزراعة والأيدي المصرية العاملة في بلد يزيد عدد سكانه عن المئة مليون نسمة، لكن رغم ذلك، فإن حجم استيراداتها من القمح يصل إلى ما يقرب من خمسة مليارات دولار سنويا، وهناك دول عربية تستورد القمح بكميات كبيرة، المغرب واليمن والسعودية وغيرها، وليس هناك دولة عربية فيها إنتاج غذائي يسد الحاجة المحلية وثمة فائض للتصدير ما عدا سوريا قبل الأزمة، ولا أعرف حجم تأثر هذا القطاع الحيوي بسبب الحرب والتشرد الذي عصف بسوريا خلال عقد من الزمن.
لقد مررنا بعواصف وزوابع وزلازل أمنية واقتصادية ومالية وغيرها الكثير، لكن، هل تحسبت الحكومات؟ وهل تم وضع الخطط الكفيلة بتقوية البنى التحتية في هذه المجالات وفي مقدمة ذلك الأمن الغذائي اللصيق بأمن المجتمعات والأمم؟