هيثم العايدي:
من بين السيناريوهات الخمسة الممكنة في الأزمة الأوكرانية يبرز سيناريو مراوحة الأزمة مكانها واستمرارها لفترة طويلة؛ باعتباره الأقرب لمجريات الأحداث، وكونه أيضا يتفق مع قاعدة يتناولها المحللون عبر العالم مفادها أن قرار بدء الحرب يملكه من اتخذه، لكن الخروج منها يخضع لاعتبارات تتعلق بأطراف متعددة.
وفي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية تم تلخيص السيناريوهات المتوقعة في خمسة سيناريوهات مع توضيح العوامل التي تعيق تحقيق كل سيناريو منها، حيث إن أول هذه السيناريوهات والذي صرحت القوى الغربية به هو سقوط نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستندين إلى العقوبات التي تستهدف اقتصاده، غير أنه سيناريو محاط بشكوك كبيرة، حيث يقول أندري كوليسنيكوف من مركز كارنيجي في هذا الشأن إن بوتين ما زال يحتفظ بشعبيته وفق ما أظهرت تحليلات مستقلة والعقوبات تحول الطبقة السياسية الروسية إلى "مؤيدين ثابتين".
وفي السيناريو المعاكس الذي يتمناه بوتين نفسه والمتمثل في رضوخ أوكرانيا، فإن هذا السيناريو ـ ورغم تفوق الجيش الروسي على القوات الأوكرانية وقدرته على دخول المدن الأوكرانية ـ فإنه يصطدم بالقدرة على الاحتفاظ بالسيطرة وإدارة هذه المدن على المدى الطويل، كما أنه بالنسبة لتنصيب نظام موالٍ لموسكو في كييف فإنه إن كانت لروسيا القدرة على ذلك فقد كان من الأولى أن يتم تنصيب هذا النظام عبر تحريك احتجاجات من الداخل بما يغني عن الدخول في عملية عسكرية كبيرة أو أن تكون العملية مكملة لهذا الأمر.
أما عن توسع النزاع وتحوله إلى حرب بين روسيا وحلف الناتو فإن ذلك أمر يستبعده ولا يسعى إليه الجانبان، ويستوي في ذلك سيناريو المواجهة النووية والتي يبقى الحديث عنها مجرد تلويح.
أما السيناريو الذي ترشحه مجريات الأحداث وبقوة حتى الآن فهو استمرار النزاع في الداخل الأوكراني، حيث إنه وعلى الرغم من الخسائر التي تكبدتها أوكرانيا منذ اليوم الأول للعملية العسكرية فإن هناك تعبئة في الجانب الأوكراني وعدم انهيار للإدارة والجيش كما كان متوقعا مع التحفيز المستمر للمقاومة.
ويضاف إلى ترجيحات هذا السيناريو الدعم المنتظر من الغرب بالأسلحة اللازمة لاستمرار المقاومة، وهو ما يتجلى في تصريح وزير الدفاع البريطاني بن والاس الذي قال فيه إن بلاده ستدعم أوكرانيا، لا عن طريق إرسال قوات بريطانية للقتال ولكن بدعمها حتى تتمكن من القتال في كل الشوارع باستخدام كل أنواع المعدات التي يمكن لبريطانيا الحصول عليها.
وهناك أيضا دعوات استجلاب المقاتلين الأجانب مع فتح باب التطوع للأجانب والتي لم تجد استنكارا من القوى الغربية، بل ويدعمها أيضا قانون "أسس المقاومة الوطنية"، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 يناير الماضي، وينص على تشكيل قوات للدفاع المحلي في جميع أنحاء أوكرانيا، وهو ما يعني أن الساحة الأوكرانية ستكون ميدانا لحرب شوارع لسنوات قادمة.