طالب بن سيف الضباري:
تعمد العديد من منشآت القطاع الخاص على تشغيل القوى العاملة الوطنية ليس حبا منها في ذلك، وانما لتفادي الوقوع في مواجهة مع الجهة المعنية عن التشغيل تحقيقا لنسب التعمين المقررة عليها ، وتستخدم في ذلك العديد من الأساليب تسهم في قتل الابداع وكسب المهارة والخبرة لدى الشباب الطموح على بناء مستقبلة ، وترجمة مال حصل عليه من تعليم طوال سنوات دراسته في الجامعة والكلية، صرفت عليه الحكومة في ذلك عشرات الالاف من الريالات ، الا ان تلك المنشآت تجمد اولئك الشباب تحت ما يسمى بالتدريب على رأس العمل او التدريب المستمر ، فهناك شباب يعملون في بعض منشآت القطاع الخاص التي تدار من قبل ادارات وافدة وتمثل فيها نسبة التعمين قليلة جدا ، تصر ان تضعهم تحت برنامج التدريب لاكثر من سنتين ، المشكلة ليست هنا وانما في عدم اعطائهم الفرصة للتدريب الفعلي من خلال ممارسة العمل على ارض الواقع ويكتفى فقط بمراقبتهم للعاملين الوافدين لديها ، وكان التعليم من خلال النظر وليس الممارسة ، فأين الجهات المعنية عن مثل هذه المنشآت التي تصل بالشباب الى درجة الاحباط ونسيان ما حصلوا عليه من تعليم فني وتقني ؟ والأمر الآخر لماذا كل هذا الفترة الطويلة من التدريب لشاب حصل على درجة البكالوريوس في التخصص وقضى اكثر من خمس سنوات في الكلية او الجامعة ؟ ألا يدل ذلك على عدم ثقة الشركة بالمستوى التعليمي الذي حصلوا عليه وكذلك بالإمكانيات التي يمتلكها الشباب وقدرته العمل ؟ .
ان الاستخفاف الذي تمارسه بعض الشركات اتجاه الجهود التي تبذلها الحكومة ممثلة في اجهزتها المعنية ، لتمكين القوى العاملة الوطنية من المشاركة في قوة العمل التي يتطلبها الاقتصاد ، وكذلك تأمين فرص تعمل تسهم في ايجاد مورد رزق لافراد المجتمع ، يجب ان يواجه باجراءات وآليات عمل تحمى قوانا البشرية من هذا العبث اللامسؤول ، فالمواطن عندما يرشح للعمل اعتقد انه لايحتاج الى هذه الفترة من التدريب لتخصصه هو يدرك ما هو حتى وان كان الجانب النظري اكثر من العملي ، حيث انه يمتلك الارضية لفهم التطبيق على ارض الواقع وتعامله مع الاجهزة والتقنية المتبعة في مجال تخصصة لن يكون بتلك الصعوبة ، الا اذا كانت هذه المنشآت تستغل ذلك في ابقاء الاجر كما هو عليه من خلال اطالة مدة التدريب وانه لا يحق له المطالبة بالزيادة لانه متدرب ، فلماذا يترك لهذه المنشآت حرية تحديد فترات التدريب ؟ ولماذا لا تخضع لمراقبة مستمرة حتى لا تنطفئ لدى كوادرنا البشرية شرارة حب العطاء والابداع وكسب المهارة ، فالتدريب بالفرجة دون الممارسة يحبط تلك الهمم التي يعول عليها الوطن في تحمل مسؤولية المشاركة والمساهمة في دعم عجلة المسيرة للنهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان ـ حفظه الله ورعاه ـ .
هذا ليس تجنيا على المنشآت التي تمارس هذه الاساليب وانما هناك حالات لابد من الوقوف معها ، ومعالجتها بشكل عاجل وسريع حتى لا تتفاقم ويصبح الشاب الذي اجتهد في دراسته لتأمين مستقبله ضحية لهذا التصرف اللامسؤول وغير المدرك لمسؤوليته الوطنية اتجاه القوى العاملة الوطنية ، والتي يعول عليها الوطن في المشاركة بفعالية عبر نهضته المتجددة ، وبالتالي اذا تلك الادارات او حتى قيادة الشركات لم تصل الى هذه الدرجة من المسؤولية ، فعلى الجهات المعنية ان تسارع في تطبيق الاجراءات القانونية الرادعة في حق من يتعمد تقزيم الادوار المطلوبة من الشباب في عملية بناء الوطن ، وضمان تنفيذ الخطط والبرامج التي بطبيعة الحال تشتمل عليها رؤية عُمان خلال العشرين عاما القادمة.

أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]