د ـ أحمد بن علي المعشني:
استأجرت سيارة فور وصولي إلى مطار مسقط، شغلت السيارة و صورة المعرض وفعالياته تتزاحم في توقعاتي، كان الكتاب مهيمنا على تفكيري، وكنت أستحضر في عقلي مشاهد اقتناء الكتب بحضور نخبة من المؤلفين الذين سيوقعون إصداراتهم في ذلك المساء.
وعندما وصلت إلى مرتفعات المطار فوجئت بزحمة شديدة فعن يميني لاحظت دراجات نارية ومتسابقين، علمت لاحقا أنها فعالية لسباق الدراجات النارية، وأمامي رتل من السيارات المزدحمة في طريقها إلى المعرض.
كانت الاحترازات المرورية فعالة جدا، والإشارات والاعلانات تقود الجميع إلى مركز عمان للمعارض والمؤتمرات حيث تستمر فعاليات معرض مسقط للكتاب، بعد مسافة لم تستغرق طويلا خفت الزحمة وسرت في طريق فرعي وانعطفت يسارا فاستلمتني مواقف مبنى المركز التي تزدحم بالسيارات وتزدان بالحياة وحركة الناس وصخب نقاشاتهم الجميلة بين داخل وخارج إلى المعرض، كان أغلب الزوار من الشباب.
وجدتني في الساحة الخارجية للمعرض حيث تتواجد العديد من الأنشطة والفعاليات المتزامنة مع المعرض بين مقاهي و حلقات نقاش وأماكن لاستراحة زوار المعرض وماكينات سبح النقود وتأجير عربات صغيرة لحمل الكتب وأروقة محاضرات وفعاليات ثقافية بدأت منذ قليل، قراءات شعرية في الناحية الشرقية من المعرض وندوة بعنوان قراءة في كتاب عمان: الثقافة و الدبلوماسية بدأت في رواق آخر من المعرض.
تتزاحم الفعاليات والمناشط الجميلة، لم أتوقف عندها كنت أريد أن أصل إلى جناح دار كتارا للنشر حيث يتم تدشين كتاب جمهورية ابن سولع وأسفاره الذي يتضمن دراسات حول نصوص الكاتب العماني الراحل علي المعمري، صدرت تلك الدراسات في كتاب أنيق عن أدب الراحل وفكره، وأشرفت عليه المكرمة د.
عائشة الدرمكية وشارك في تأليفه نخبة من الكتاب والباحثين العمانيين، سطروا دراسات علمية ونقدية حول فكر الراحل الذي تضمنته نصوصه القصصية والروائية.
استعنت بالمعلومات التي تلقيتها من الدكتور حمود الدغيشي الذي شارك في تأليف الكتاب، ودشن كتابه بعنوان الخطيئة والصراع " القص القرآني بين المقاربة اللغوية والمضمون الأسطوري" كتاب متوسط الحجم يعرض في تركيز شديد تأملات الكاتب حول مكنونات النصوص القرآنية الكريمة، بعقل باحث وروح ناسك، ليخرج ببعض الآراء التي تثير اختلافات بين المهتمين بالدراسات القرآنية.
وصلت إلى مكان التوقيع بوقت كاف، علي أن أنتظر حتى الساعة السادسة مساء، موعد حضور المشاركين في حفل تدشين الكتاب، وجدت سعة في وقتي للطواف بأجنحة المعرض، باحثا بلهفة عن موضوعات كثيرة تشغلني، كان المكان يعبق برائحة الكتب وطاقة المكان تزدان بطاقة زواره كبارا وصغارا، وأغلبهم من الشباب، سرت مبتهجا أتنفس ذلك الجو الجميل، سمو الأفكار تدفع الناس في انسيابية أنيقة، بالرغم من أوزان الكتب التي تنتقل معهم من مكان إلى آخر، ضجيج أصوات الحوارات والاستفسارات لم يمنع تلك السكينة الجميلة التي استقرت في الناس والكتب، من حقي أن أفتخر كعماني بأن معرض مسقط للكتاب هو الأفضل عربيا على الأقل إن لم يكن عالميا، لقد حضرت معارض كثيرة في دول كثيرة لكن جو معرض مسقط للكتاب الذي أخرج الناس من ظلام الكورونا ومن مشاكلهم المالية كان جوا مبشرا وجميلا واستثنائيا لعام جديد حافل بالمنجزات، وهذا ما لمسته بنفسي، فقد عدت إلى جناح دار كتارا ولقيت العديد من الكتاب والمثقفين ممن حضروا تدشين كتاب جمهورية بن سولع، ولاحظت على وجوههم وفي أحاديثهم علامات التفاؤل بأن القادم سيكون أفضل، وأكد هذا الإحساس حضوري لحفل تدشين كتاب أخي وابن عمي الشيخ سعيد بن سهيل حويرار المعشني الذي أخرج لمحبيه ولجميع القراء باكورة انتاجه الفكري بعنوان أنت أعظم مما تتخيل، فعلا أنا وأنت وعمان والحياة كلها أجمل مما نتخيل.
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية