د. يوسف بن علي المُلَّا:
مع رفع الكثير من الإجراءات الاحترازية المتعلقة بجائحة كورونا، كما هو الحال بالنسبة لارتداء الكمامات في بعض الدول، وانتشار عدوى فيروس كورونا الجديدة، هناك الكثير من الالتباس حول ما إذا كان يجب ارتداء الكمام ومتى؟ وحقيقة ـ وبشكل لا ريب فيه ـ فهذا أصعب شيء على الإطلاق حاليًّا؛ لأنه لا يتعلق فقط بالمخاطر والفوائد التي ستعود عليك من استخدام الكمام، بل نحن هنا نتحدث عن المخاطر والمنافع للأشخاص من حولك! فهل لي أن أُؤطر المشكلة وأن أسأل: من هو الشخص الأكثر ضعفًا في دائرتك المباشرة؟
فإذا كانت مناعتك قد تعرضت للخطر أو ضعف بسبب أو بآخر ـ على سبيل المثال ـ، أو كنت تعيش مع شخص مناعته ضعيفة نتيجة لعدَّة عوامل صحية، فمن الجيِّد الاستمرار في ارتداء الكمام والحفاظ على مسافة محددة، خصوصًا في الأماكن الداخلية التي بها هواء ثابت، فهي بيئة خصبة لتجمع الفيروس. ومع ذلك فالكمامات مهمة أيضًا إذا لم يأخذ الفرد لقاحًا ضد هذا الفيروس أو إذا كان ذلك الشخص يقضي وقتًا مع آخرين غير محصَّنين. ناهيك وأن هؤلاء الأشخاص غير المحصنين معرضون بشكل كبير لخطر دخول المستشفى وتدهور حالتهم الصحية، ثم الوفاة جراء الإصابة بهذا الفيروس (كوفيد19).
ولذلك فإن كنت بصحة جيدة وتلقيت اللقاح وجرعاتها المعززة، فإن خطر إصابتك بمرض خطير مع فيروس كورونا يكون ضئيلًا للغاية. ولعلَّه عندها نستطيع القول بأنه يتماشى مع المخاطر الأخرى التي يتعرض لها الأشخاص كل يوم، مثل قيادة السيارة. ومع ذلك فكثير من الناس يودون حقيقة أو قد يرغبون في العودة إلى طبيعتهم، بل ويكونون على استعداد لقبول القليل من المخاطرة من أجل اكتساب مستوى من البساطة كانوا قد عرفوه آخر مرة في عام 2019.
ولعلِّي هنا أذكِّر الجميع بأنَ هنالك أيضًا دائمًا خطر إصابة شخص ما بفيروس كورونا ـ إن صحَّ لي القول ـ طويل الأمد، حتى لو تم تطعيمه، فالكثير عن هذه الحالة لا يزال غير معروف! وأرى أنه وبكل بساطة، إذا كانت معدلات الإصابة في المكان الذي تعيش فيه مرتفعة، والتي كانت إلى حد كبير في كل مكان خلال موجة متحور (ميكرون)، فإن الأفضل الاستمرار والتوصية بارتداد الكمامات في معظم الأماكن المغلقة. ومع ذلك وفي كثير من المواقف، يصبح قرار ارتداء الكمام قرارًا شخصيًّا.
والأرجح حقًّا، أنه إذا كنت قريبًا مع الناس وفي اكتظاظ في مكان ما ـ والكتف بالكتف مثلًا ـ فقد يكون هنا ارتداء الكمام حتميًّا، على الأقل في الوقت الحالي. ما أود الإشارة إليه هنا ـ إذا ما أخذنا بمثال التدخين ـ وكان هنالك شخص ما يدخن، فبكل تأكيد ستملأ رائحة السجائر ومذاقها الهواء بسرعة، حينها ـ إن اتفقت معي في ذلك وكانت إجابتك بنعم ـ فتأكد سيكون الفيروس كذلك. حينها ـ بلا شك ـ ستكون ذكيًّا في ارتداء الكمام. أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن غير المرجح أن تصاب بالعدوى.
وبطبيعة الحال، فعلى متن الطائرات مثلًا، يجب عليك بالتأكيد ارتداء كمام الوجه. فإلى الآن هناك دول لا تتطلب تحصين ركاب الخطوط الجوية، لذلك حتى إذا تم تطعيمك، فأنت لا تعرف حالة الأشخاص من حولك. وأيضًا، لا تريد إفساد إجازتك أو رحلة عملك من خلال الإصابة بالعدوى والاضطرار إلى الحجر الصحي، حتى لو ظل خطر إصابتك بمرض خطير منخفضًا.
ختامًا، فيروس كورونا ليس الوحيد الذي يطفو بيننا، كما أنه ليس الوحيد الذي يمكن أن يكون ضارًّا للأشخاص ضعيفي المناعة مثلًا، فمن المحتمل أن تنتقل الإنفلونزا ونزلات البرد بنفس طريقة انتقال (كوفيد19). فإذا شعرت بقليل من المرض، فقد تتسبب في إطلاق الفيروس في الهواء ونقله إلى أشخاص آخرين. الأجدى أن تبقى في المنزل، أو ترتدي كمام الوجه إذا اضطررت للخروج. ودائما ضع في الاعتبار أين ومتى يمكنك خلع واحدة بأمان!