[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]

لم يتفاجأ الشعب السوري بنتائج جنيف ـ2، كانت المفاجأة لو أنه انجز ما لم يكن متوقعا انجازه .. ومثل السوريين العالم ايضا، وخاصة الأميركي والروسي اللذين لكل منهما سببه في تحديد الفشل الذي قد يكون ضرورة له .. ففي سورية بحث عن حل وليس اصطياده، من الممكن فرضه، لكن طبيعة القوى لاتسمح بذلك.
لا غنى إذن عن جنيف مهما وصل عدّاد الأرقام، لأن المهم في العملية الجارية تطويع النفوس قبل النصوص، وتأكيد امكانيات الحوار بعد العجز عن جمع المتحاورين، والقول بان الحوار من شأنه ان يكون الحل وان يجلبه حتى من علم الغيب، فسورية تحتاج الى راحة، لكن لا أحد يريدها لأن المعارضة بكافة أشكالها ومن ورائها يريدون الضغط المتلاحق الذي قد يصيب في لحظة، ومع هذا يعترف الاميركي وجماعته ان الجيش العربي السوري يبدي عملا ميدانيا في غاية الصعوبة والتعقيد لكنه يربح في كل مرة، وعندما يريد يحقق.
تفترض جهات متابعة ان جنيف القادم سيكون أكثر بحبوحة من هذا الجنيف الذي مر .. وحتى لو تغيرت الوجوه فلن يتغير الاقبال على الحوار. أما الروسي والأميركي فمن قريب ومن بعيد يبني على ما يسمع ويرى، يحرك الأميركيون المعارضة، تركوا لها مرجعا دقيق المتابعة، السفير فورد الذي يعتبر نفسه متخصصا في الشأن السوري، ويحمل برنامجا محددا فيه البنود المفترضة وفيه المساحة المقبولة من الكلام والتنازل ومن شكل العبارات والسماح أو عدمه للقاءات .. ويعرف الأميركي ان الوفد السوري الحكومي يملك هامشا أكبر ولديه ارتياح في الحركة كما أنه غير معقد من لقاء الآخر، بل إنه يشعر وكأن هذا الآخر غير موجود، وفي احسن الظروف، فلديه المعرفة المسبقة عن طبيعة الكلام الذي سيقوله هذا الآخر والمواقف التي سيأخذها.
وفي جنيف القادم، يفترض الشعب السوري أن لا أمل فيه، وقد لايكون افضل مما سبق .. يعتقد ان تعداد مؤتمرات جنيف سيكون مثل الدواء يشفي من خلال تراكمه في الجسم، لكن أفضل الدواء لم تبدأ دورته بعد، مازال الباندول مؤسسا لما هو أكثر تأثيرا، عندما يتاح للمفاوضين السير وسط الحوارات المعمقة الباحثة حقيقة عن الحل ويتم كتابة البنود ، عندها تبدأ دورة الدواء الناجع كما يعتقد.
عندما عاد الوفد السوري الحكومي من جنيف وجد له وطنا يعيش فيه قرير العين، لايخاف غده فلديه جيشه المظفر، ولا يعبأ بالمخاطر بعدما صارت وراءه، فهو يعرف أن أكثر من ثلاثين ألف جندي سوري من المعارضة عادوا إلى الجيش النظامي، وهنالك ما يشجع على المزيد من استسلام مقاتلين بعد تجربة المعضمية وبرزة، وان متغيرات جوهرية أصابت حتى الذين وقفوا في بداية الحرب ضد الدولة والنظام، فكيف الذين هم على الحياد والذين يشكلون القسم الأكبر من السوريين وقد مالوا بمعظمهم الى الدولة وصاروا من عشاقها.
اما المعارضة فلسوف يعودون الى الفنادق من جديد، ستطول إقامتهم، وقد لا يعودون أبدا الى حيث يحلمون، مع أن حلمهم مقتصر أولا وأخيرا على طبيعة الكرسي الذي سيجلسون عليه وعلى مسماه. صار وطنهم مجرد رسالة بريد، بعدما صارت دنياهم الجديدة عمولة وقبض أموال ومقايضة الموقف بأثمان نقدية او محولة على مصارف. حتى أن لسان حال بعض من كبروا في العمر منهم،" ليتنا كنا أصغر سنا".