[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]

بعد نحو عشرة أشهر من إعلان الدستور، تم تنفيذ خطة خلع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، إذ خططت الصهيونية للتخلص منه نهائياً، وهكذا نجد أن الجيش الذي أسقط عبد الحميد قد انطلق من سلانيك وأن الفرق الاربع التي اتجهت من هناك نحو العاصمة كان يقودها (رمزي بك) وهو من يهود الدونمة في سلانيك، وبعد وصوله إلى العاصمة، مارس الانقلابيون ضغوطهم على مفتي الاسلام (محمد ضياء الدين) لاصدار فتوى الخلع. وفي يوم الثلاثاء 27-ابريل 1909 اجتمع (24 عضواً) من مجلس الاعيان، وقرروا خلع عبد الحميد وتسلم الحكم بصورة شكلية السلطان محمد رشاد، اما الحاكم الحقيقي فكان رجال جمعية الاتحاد والترقي، واشرف على اركان الدولة يهود الدونمة وعد اليهود يوم عزل عبد الحميد عيداً لهم، وادلى (رفيق مانياسي زاده) بتصريح صحفي قال فيه (لقد كان للمساعدات المالية والمعنوية التي تلقيناها من الجمعيات الماسونية الأثر الكبير في حركتنا) وقال (أود أن أوجه شكري إلى الجمعية الماسونية الايطالية التي امدتنا بالعون العظيم نظراً لارتباطنا الوثيق بها).
وبعد خلع عبد الحميد من السلطة، عبرت الصحف اليهودية في سلانيك عن غبطتها، وأخذت تزف البشائر بالخلاص من مضطهد (اسرائيل) الذي رفض الاستجابة لطلب هرتزل مرتين، والذي وضع العراقيل أمام هجرة اليهود إلى فلسطين.
يقول السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته (لابد للتاريخ أن يفصح عن ماهية الذين سموا أنفسهم - تركيا الفتاة - أي (جمعية الاتحاد والترقي) وعن ماسونيتهم، استطعت أن أعرف من تحقيقاتي إن كلهم تقريباً من الماسون وأنهم منتسبون إلى المحفل الماسوني الانجليزي).
ويقول النائب البريطاني (اوبدي هربرت) أن يهود سلانيك الذين يعرفون بالدونمة كانوا مدبري الثورة الحقيقية على السلطان عبد الحميد الثاني، وهؤلاء هم من العرق اليهودي، ولم يكن احد يعلم عنهم الكثير إلا العلماء، وما من احد كان يتنبأ بأن هذه الفئة اليهودية المغمورة المعروفة بـ(الدونمة) سيكون لها دور رئيسي في ثورة كان لها نتائج خطيرة في سير التاريخ، ويقول السلطان عبد الحميد الثاني (إن هؤلاء الاتحاديين - يقصد جمعية الاتحاد والترقي - قد اصّروا عليّ بأن اصادق على تأسيس وطن لليهود في الاراضي المقدسة فلسطين، وبرغم اصرارهم لم اقبل اطلاقاً ، واخيراً وعدوا بتقديم مائة وخمسين مليون ليرة انجليزية ذهباً ، فرفضت وقلت لهم : لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً ، فلن اقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي ، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة فلم اسود صحائف المسلمين..وبعد جوابي هذا اتفقوا على خلعي وابلغوني أنهم سيبعدونني إلى سلانيك فقبلت بهذا التكليف هذا وحمدت الله وأحمده أنني لم اقبل بأن الطخ العالم الاسلامي بهذا العار الابدي الناشيء عن تكليفهم باقامة دولة يهودية في الاراضي المقدسة فلسطين).
إن لجنة سالونيك قد تشكلت تحت رعاية ماسونية بمساعدة اليهود والدونمة في تركيا ومركزهم في سلانيك، وأن يهوداً مثل عمانويل قره صو وسالم وسامون وقارجي وحزلياج ومن الدونمة مثل جاريد وعائلة بالجي قد لعبوا دوراً بارزاً في تنظيم اللجنة وفي مداولات جهازها المركزي في سلانيك، يضاف إلى ذلك تلك التفاصيل المسهبة عن انتشار المحافل الماسونية في العاصمة وانضمام الكثير من ضباط الجيش وكبار الموظفين إليها، والتي تبدو أنها موجهة وموصى بها من قبل اليهود، ووصف انتشار الماسونية بأنه بتخدير الشعب اليهودي، وكذلك ما أكدته النشرة العربية في ما بعد عن أهمية الدور الذي لعبه اليهود والدونمة في الماسونية التركية، حتى أن قره صو قد اختير لمرافقة مندوبي المبعوثين إلى لندن عام 1909 لأنه كان رأس الهيكل الماسوني في سلانيك، ولذلك قال طلعت أنه يجب أن يذهب إلى لندن لأن كل الماسون الانجليز من ذوي الأهمية سوف يرحبون به.