[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]

” ألا يكفي ما يتعرض له المجتمع من غزو فكري وثقافي يستهدف ثوابته وثقافته ومبادئه وعاداته وتقاليده وعقيدته عبر وسائل الإعلام والنت والمنتجات والعروض التي تستقبلها الأسواق وما تكتشفه الجهات المختصة وتعلن عنه من مخالفات في هذا الجانب حتى نضيف إليه بإرادتنا وقرارنا ومسعى منا ما يزيد الطين بلة وما يضيف إلى تلك المخالفات مخالفات أكبر وأنكى وأشد؟”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

استيقظ المواطن العماني البسيط المعتز بدينه وقيمه ومبادئه, الفخور بإسلامه, المؤمن بعقيدته, الحريص على ممارسة الشعائر في أوقاتها, النابضة روحه بالوطنية الصادقة,( استيقظ ) مفزوعا على رنين هواتفه النقالة, وعلى مقاطع فاضحة لم تتبين له مقاصد ودوافع الإرسال ساعتها, ولم يدر بخلده أن المقطع مصور في مكان عام وعلى أرض عمان الطيبة التي تشرفت وأهلها بقول وشهادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم (( رحم الله أهل الغبيراء آمنوا بي ولم يروني)), بدأ الغضب يتصاعد تدريجيا مع كل إجابة يحصل عليها إثر كل سؤال يطرحه, من يستهدفه بهذا المقطع المكرر على وسائل التواصل وفي جميع المجموعات التي هو عضو فيها بل وتصله كذلك من هواتف لا يعرف هويات أصحابها لأنها غير مسجلة لديه؟ لماذا هذا المقطع بالذات ؟ وما علاقته هو بما يحدث في الكبريهات والمراقص الليلية في أوروبا وشرق آسيا؟ هل هو مقلب مبيت بليل من صديق أراد أن يعكر صفوه؟ هل أصيب نقاله بفيروس أربك ذاكرته بداء الجنون؟ ومن هؤلاء الذين يعتمرون الكمة العمانية والمقطع الملتقط للحدث يظهر صورهم وكأنهم يتابعون هذا الرقص المنحط ؟ والمكان هذا كأنه ليس بصالة رقص في فندق أو مرقص وإنما ساحة عامة في الهواء الطلق؟ هل هي واحدة من الخدع المحبوكة والمركبة تستهدف العماني في وطنه؟ بدأت ثورة الغضب في الصعود مع التعليقات والمقالات والصور والبيانات الصحفية والتوضيحات والتأكيدات التي تتوالى وتتدافع على هاتفه ومعها الصورة تتضح شيئا فشيئا, إنه واحدة من فعاليات مهرجان مسقط, والمكان حديقة النسيم التي تستقبل زوارها من النساء والأطفال والأسر العمانية الذين جاءوا للاستمتاع بمدينة الألعاب والمطاعم والقرية التراثية والمكان الطلق الفسيح, انتهاك غير مقبول لمشاعر المواطن ولخصوصياته وأماكنه العامة ولتلك الثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية والوطنية التي أشار لها المقال في بداياته, انتهاك أقام الدنيا ولم يقعدها, خاصة وقد تم (( الزج بالأطفال والشباب للرقص مع راقصات في مشاهد خجولة جدا)), عشرات الآلاف من المداخلات والاستنكارات والتعبيرات الغاضبة على بلدية مسقط والمنظمين للمهرجان, في وسائل التواصل والمنتديات ووسائل الإعلام ومن عدد من أعضاء مجلس الشورى وكتاب وشخصيات مختلفة, وفي محض رده على هذا الحدث طالب مجلس الشورى ((بلدية مسقط باتخاذ الاجراءات المناسبة تجاه أي جهة تسيء إلى عادات وقيم المجتمع العماني)) جريدة الوطن 29 /1 / 2014م. هل تفيد التبريرات والتوضيحات في شيء, وهل يمكن لها أن تقنع أحدا بشأن ذلك العرض الفاضح والمقطع الماجن الذي قدمته فرقة نسائية لم يبقين شيئا مستورا ومغطى من أجسادهن إلا بعضا أو اليسير من المناطق الحساسة أو العورة التي لم تسلم أجزاء منها من العرض المقدم أمام الأسر العمانية؟ وفي مكان عام ووطن فرض احترامه ومكانته على الآخرين بأخلاقه وقيمه وتدينه وإرثه الحضاري؟ ألا يكفي ما يتعرض له المجتمع من غزو فكري وثقافي يستهدف ثوابته وثقافته ومبادئه وعاداته وتقاليده وعقيدته عبر وسائل الإعلام والنت والمنتجات والعروض التي تستقبلها الأسواق وما تكتشفه الجهات المختصة وتعلن عنه من مخالفات في هذا الجانب حتى نضيف إليه بإرادتنا وقرارنا ومسعى منا ما يزيد الطين بلة وما يضيف إلى تلك المخالفات مخالفات أكبر وأنكى وأشد؟ هل هي إضافة جديدة وتطوير آخر مهم أرادت به بلدية مسقط أن تفاجئ به جمهورها الكريم فجاءت ردة الفعل غير متوقعة وقد تكون غير مبررة وغير مستساغة عند المنظمين والمخططين للبرنامج والمتعاقدين مع منفذيه؟ هل هي خطوات تسعى لرصد وتقييم ردة فعل المجتمع, وما يحتاجه من أشكال الترفيه؟ وما إذا كان ما زال محافظا على أصالته وتاريخه وثوابته, أم أن الضعف والتراجع والتهاون قد أصابها ؟ فيمضي المخططون والمنفذون بعد ذلك في سياسة تقديم برامج المجون والعري؟. قالت بلدية مسقط في محض ردها على المقطع الذي تم تداوله بشكل واسع بأن (( العرض الذي يتم تداوله في قنوات التواصل الاجتماعي قامت به إحدى الشركات المتعاقد معها من أجل توفير عروض دولية ولم يكن العرض المتداول مدرجا من ضمن العروض المتعاقد عليها وبكل تأكيد فإن بلدية مسقط ترفض رفضا قاطعا كل ما يتعارض مع قيم وعادات المجتمع العماني ..... )) وهو تبرير يطرح عشرات الأسئلة عن الشركة وأهدافها ولماذا تبرعت بهذا العرض للمجتمع العماني خارج إطار التعاقد؟ وكيف وصلت هذه الفرقة أصلا إلى أرض السلطنة وما اختصاصاتها وأعمالها؟ أوليس هذا هو عملها الرقص بهذا المستوى والنوع ؟ وأين المراقبة والمتابعة؟ أما آن لنا أن نستفيد من هذه الأخطاء إذا ما اعتبرتها الجهة المختصة أخطاء؟ وهل نسعى إلى أن تتداعى ثقة المجتمع بمؤسساته وما تقوم به من جهود أم يفترض أن نعمل على إصلاح وتعزيز هذه الثقة؟ إن المسألة تتطلب أكثر من اعتذار وتوضيح وتفنيد يصعب استساغتها بالتبريرات التي تضمنها التوضيح, إننا بحاجة إلى وقفة ومراجعة وتقييم وتصحيح وتطوير وإلى برامج وفعاليات وأنشطة ترتقي بالوعي والإبداع وتعزز قيم المجتمع وتحصن ثقافته من أية شوائب وعروض, ونرفض كل ما من شأنه تجاهل قيم المجتمع وإجماعه ولا يأبه لمشاعر المواطن.