رواية «تحت ظل الظلال» استغرقت كتابتها أكثر من عامين ونصف

أجرى اللقاء ـ وحيد تاجا:
■■ محمد عبد الرحمن علي قرط الجزمي، من كتاب الرواية الذين بزغ نجمهم مؤخرا في عمان، وتخصص في كتابة أدب الخيال العلمي، صدرت له روايات (تحت ظل الظلال)، و(الدماء تعود إلى مجاريها) و(أرم ليس غاضبا)، و(من دون مرآة) بالإضافة إلى مجموعات قصص قصيرة (حُب أسود)، و(قد نموت ألف مرة).. وسلسلة الخيال العلمي (الرَّوامح).
التقته (الوطن) بمناسبة صدور روايته الجديدة (تحت ظل الظلال). ■■
✱ كيف يمكن أن نعرّف أدب الخيال العلمي؟ وماهي خصائصه؟
لا يوجد تعريف موحّد لأدب الخيال العلمي، وكلما جيء بتعريف أتى من يعارضه، سبب ذلك أن الخيال العلمي أعمق مما يبدو عليه، إذ إنه يعتمد على العلم والخيال، وكليهما متشعبٌ متجددٌ ومتغيرٌ، لا يمكن حصرهما في بوتقة واحدة ثابتة.
غير أنني أقول إن أدب الخيال العلمي هو: العلم، يُصاغ بقالبٍ أدبي، على أن يمتزج فيه الخيال الذي قد يخرج عن العلم، وأحياناً عن المنطق.. هذا ليس تعريفاً، إنما شرح متواضع له.
وأما عن خصائص أدب الخيال العلمي فهي (الأدب، الخيال، والعلم)، فإذا وُظِّف العلم بطريقة خيالية وبأسلوب أدبي، فهذا هو الخيال العلمي بشكله العام السطحي، مع العلم أنَّ كل عمل له خصائصه التي منها نحدد إن كان خيالاً علميًّا فعلاً، أم فانتازيا، أم مجرد أدب علمي محض.
✱ لماذا اتجهت إلى الكتابة في أدب الخيال العلمي؟ وكيف بدأت علاقتك به؟
طفولتي عشتها حيث البساطة بعيداً عن التكنولوجيا، في البحر وبين النخيل وفوق الجبال، بساطة امتزجت بانطوائية جعلتني أختلي بنفسي كثيراً، فنما الخيال في داخلي كبيراً.. وأما العلم، فانتقالك من السبعينات إلى الألفية، يجعلك تواكب الانتقال من البساطة إلى التطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن، هذا جعلني أنبهر بالعلم.. ومع هذا المزيج النفسي بين الخيال والعلم، لم يكن غريباً أن يكون أولُ عمل أكتبه عام 1994م، سلسلةَ روايات من الخيال العلمي الساذج الطفولي.
✱ ماهو تأثير هذا اللون من الأدب على المجتمع برأيك؟
الكثير من الكتّاب في مشارق الأرض ومغاربها يكتبون في الخيال العلمي، لذلك أنتجوا وأبدعوا، أما هنا فلم نهتم به فصرنا مجتمعات مستهلِكة ومستهلَكة.
الغواصة كانت مجرد فكرة في رواية (20 ألف فرسخ تحت الماء)، قرأها العلماء فجسدوها تماماً مثلما وصفها الكاتب، كما أن أغلب الأفكار في أفلام( Starwars) تحققت بأيدي علماء اهتموا بالخيال العلمي، وهكذا أغلب ما نعيشه الآن من اختراعات، هو في حقيقته نتاج الخيال العلمي.
✱ الخيال العلمي الموجّه للطفل، ما الأهمية التي يحملها؟
ميزة الخيال العلمي أنه يأتي بالغريب، وهو بهذا يخلق عقولاً مفكّرة، تخرج من الصندوق بل وتبتعد عنه، فلو تربى الطفل على أن يتقبل الأفكار الغريبة، أو ربما يصنعها بنفسه، فسوف يفكر خارج حدود التفكير ذاته، ساعتئذٍ سيكون مهيأ أن يغدو نابغة في عمله مستقبلاً، بعيداً عن الأفكار السائدة، فلو تربى الطفل على التفكير الذي يليق بما نقرأه في الخيال العلمي، سينبغ حتماً في مستقبله.
✱ اقتصر أدب الخيال العلمي في الآونة الأخيرة على مواضيع الفضاء، فهل شحت قريحة الأدباء، أم لم يبق سوى هذا الموضوع لتناوله؟
الفضاء لا شك يصنع الإلهامَ ويجذب العقولَ، غير أن هذه الثيمة ليست سوى نوع واحد ضمن أنواع كثيرة من الخيال العلمي.
ثمة كتّاب ربما لم يفهموا طبيعة الخيال العلمي جيداً، كل ما يفعلونه أن ينقلوا شخصياتهم إلى الفضاء أو إلى زمن آخر، ثم يكتبوا نصًّا أدبيًّا في هذا الإطار، والحقيقة أنَّ صنع بيئة خيالية ليس كافياً كي نصنف العمل أنه خيال علمي، بل لا بد أن يستند النص على حقيقة أو نظرية علمية، بغض النظر عن البيئة أو الزمن الذي تجري فيه أحداث الرواية، ومن المؤكد أن الاقتصار على الفضاء فقط، كثيراً ما يكون دلالةَ نقصٍ في الكاتب، خاصة حينما نتكلم عن الخيال العلمي باعتباره أدباً يحمل العشرات من الأصناف التي تعطي أفكاراً لا تنضب.
✱ هل يمكن أن تحدثنا عن سلسلة الخيال العلمي (الروامح)؟
السلسلة للناشئين فما فوق، لم يُكتب لها أن تستمر بسبب التكاليف المرهقة التي تحتاجها السلاسل الدورية، هي تحكي عن مدينة بُنيت في أعماق البحر، تحاول الوقوف على الكوارث العلمية التي تواجهها الأرض، فننتقل من مشكلة إلى أخرى، صدر منها ثلاثة أعداد فقط،الأول نُشر ورقيًّا، أما الآخران فنُشرا إلكترونيًّا من خلال دار Book-E في لندن، ثم توقفت.
✱ ما الجديد الذي تناولته في روايتك الأخيرة (تحت ظل الظلال)؟
هي أكثر الأعمال التي أرهقتني، استغرقت كتابتها أكثر من عامين ونصف، ولم أنشرها إلا بعد أن اخترت لها دار نشر لها باعها وصيتها، لذلك أنا متفائل جدًّا بهذا الإصدار، ومتفائل كثيراً بدار الفكر.
الرواية عن إنسالات تطمس كل معالم الأرض، فيعيش البشر زمناً بدائياً، ثمة تقنيات بسيطة على سطح القمر، لكن سكّان القمر عاجزون عن الوصول إلى الأرض يتقنياتهم البسيطة هذه.. سينفجر مفاعل بوشهر النووي، وستغيب الشمس والسماء كلها عن الأرض عشرات السنين.
غرَّدت ذات مرة ما معناه أنني أعطيت هذه الرواية الكثير والكثير والكثير، ولستُ أنتظر منها سوى الكثير فقط، وأنا على ثقة أنها لن تخذلني.