[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
لا خيار أمام الاقتصاد العماني إلا اعتماد التنوع في الإيرادات المالية غير النفطية وزيادتها خلال المرحلة المقبلة عن المعدل الذي ساد في العام الماضي 2014 والبالغ 17% من مجموع الإيرادات العامة بوصفه وسيلة من الوسائل الأساسية لإدامة زخم التنمية الوطنية في البلاد ذلك لأن الوسائل الأخرى ستكون أقل قدرة للإبقاء على هذا الزخم، خاصة أن اللجوء إلى خفض الإنفاق العام، وكذلك زيادة الاعتماد على القروض، وطرح بعض الأصول للبيع، ورفع سقف الضرائب، وإعادة النظر في بعض المشاريع ليس من شأنه أن يؤدي إلى ضمان تحقيق الأهداف المطلوبة في تقليل حجم العجز بالرغم من أهمية هذه العوامل على وفق المقاييس المعمول بها، والسؤال المشروع هنا عن نوعية القنوات التي يمكن اللجوء إليها لتنويع الإيرادات غير النفطية في السلطنة.
إن مثل هذه الخطوة تجد مجالها الرحب في تطوير أكثر من قناة انتاجية للإيرادات، لعل في مقدمتها زيادة الدخل المتأتي من الاستثمار في الثروة السمكية بالإفادة أكثر من المحيط البحري الواسع الذي يسيج السلطنة والغني بثروة سمكية كبيرة، لكن ذلك يرتبط باشتراطات أولها منع الصيد الجائر، والحفاظ على البيئة البحرية من آفة التلوث إذا أخذنا بالواقع الذي يشير أن هذه المنطقة المائية هي في الحقيقة ممرات لخطوط تجارة عالمية على درجة عالية من الحركة المستمرة، وما يترتب على ذلك من زحام لتقنيات الأساطيل التجارية، وبالتالي ضخ مخلفات وقودها التي هي نفايات ليس إلا، ولها تأثيرات سلبية قاتلة على الثروة السمكية، إضافة إلى أن الإفادة من هذه الثروة ينبغي أن يكون له وعاء صناعي وتجاري من شأنه أن يستوعبها وإيصالها إلى المستهلك داخل سلطنة عمان وفي المجالين الاستهلاكيين الإقليمي والعالمي.
وهناك عامل آخر لزيادة قابلية السلطنة على رفع معدل الإيرادات غير النفطية المتأتية من تطوير الإنتاج الزراعي وزيادة عدد القرى العصرية، مع تنويع المحاصيل الزراعية وتوسيع الاهتمام بالثروة الحيوانية وبيوت الدواجن، غير أن مثل هذه التوجهات لا يستطيع القطاع العام الحكومي أن يغطي كل الحاجة، لذلك لا بد أن يكون هناك غطاء استثماري نشط للقطاع الخاص، مع وجود بيئة اجتماعية ومصرفية محفزة للتمويل المالي والتقنيات الحديثة وإيجاد مخرجات واقعية للمنتجات في هذه الميادين.
وعمومًا لا تملك السلطنة حلولًا سحرية عاجلة لتنويع الإيرادات غير النفطية، لكن الأمر يظل رهن الحرص على تطبيق ذلك والتخلص تدريجيًّا من ثقل الاعتماد على الإيرادات المتمثلة بالريع المالي من مبيعات النفط والغاز، وما شهدته أسواق هاتين الطاقتين الأحفوريتين من تراجع شديد في أسعارهما إثر وصول الانخفاض فيها إلى دون الـ50% من السعر السائد، أي بما يشابه الضربة القاضية، علمًا أن ما يشفع لأهمية اعتماد تنوع الإيرادات غير النفطية عمانيًّا أنها أخذت تصاحب كل الخطط التنموية السابقة في السلطنة.
وفي كل ذلك لا يجوز الاعتماد على تنوع الإيرادات غير النفطية إذا لم ترافق الإجراءات الخاصة في هذا التوجه المثابرة على ذلك من زاوية أنها الإجراء الأقوى ضمانة من أية إجراءات أخرى، علمًا أن تنوع الإيرادات غير النفطية يعني توسيع قاعدة إيجاد فرص عمل أكبر، وإيجاد منطلقات للمنافسة التجارية، وكذلك للمنافسة الاستثمارية، وهنا تكون مسؤولية المواطن، أي مواطن في تحقيق ذلك ذات أهمية، تمامًا كما تفعل العائلة الواحدة المتضامنة في مواجهة انخفاض دخلها المالي والتفكير بتعويض ذلك من خلال تشغيل وإدامة فرص للكسب أوسع مما هي عليه.