تتنامى أهمية التنمية السياحية نظرًا لدورها البارز الذي تلعبه في النمو الاقتصادي، وكونها أحد المصادر المتنوعة للدخل الوطني، وتؤمن موارد مالية إضافية للسكان، وتعمل على تحسين ميزان المدفوعات، وتمثل عنصرًا أساسيًّا من عناصر النشاط الاقتصادي، حيث يؤثر رواج صناعة السياحة بشكل مباشر على الاقتصاد ورواج الصناعات والأنشطة المرتبطة بصناعة السياحة، لذا تولي حكومة السلطنة عناية بالغة بهذا القطاع الواعد وبتوجيهات من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.
وبحكم هذه الأهمية المتنامية احتل قطاع السياحة في الرؤية الاقتصادية 2020 للسلطنة مكانًا كبيرًا، ويتمحور دور القطاع في هذه الرؤية حول عدد من الأهداف منها: جعل السلطنة أحد المقاصد السياحية المهمة في دول المنطقة، وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي، ودعم وتشجيع القطاع الخاص في تنمية وتطوير القطاع السياحي، وتحقيق نسب تعمين عالية في القطاع السياحي.
وتعد المهرجانات إحدى ركائز قطاع السياحة لما تلعبه من دور كبير في تنشيط الحراك الاقتصادي وحركة البيع والشراء، وسعيها الدائب للبحث عن التنويع في وسائل الترفيه والخدمات وجذب الناس، وكذلك لما تتضمنه من أنشطة وفعاليات متعددة تساعدها على توفير الكثير من فرص العمل. ولذلك يعتبر مهرجان مسقط الذي أطلق فعالياته وأيامه الجميلة أمس في نسخته الخامسة عشرة تحت شعار "عُمان تبهر" واحدًا من المهرجانات التي ينظر إليها على أنها مصدر من مصادر الدخل والترفيه والثقافة والفكر، نظرًا للاهتمام الكبير الذي توليه الجهة المنظمة وهي بلدية مسقط بضرورة توسيع المناشط ووسائل الترفيه والتسلية والرياضة والثقافة والمعرفة، والعمل على تنويعها في محاولة جادة ليس لجذب أكبر عدد من الزوار فحسب، وإنما لإرضاء طموحهم وتحقيق مآربهم التي جاؤوا من أجلها، بمعنى أن هناك سعيًا حثيثًا من قبل المنظمين إلى احتواء ذلك التنوع في الأذواق والرغبات وتقديم ما جاءت من أجله بصورة سهلة وميسرة ومُشْبِعة، مع إيلاء التعريف بالسلطنة قدرًا كبيرًا يتفق وتاريخها وحضارتها، ويتضح ذلك بداية من خلال شعار المهرجان "عُمان تبهر" ليدلل على إبهار السلطنة ومكانتها بين مصاف دول العالم لما تزخر به من مقومات سياحية وتنوع في التضاريس والبيئات وانسجام مفردات التراث ومكنونات الحضارة مع الحداثة، وكذلك من خلال تعدد مواقع المهرجان بجانب الموقعين الرئيسيين حديقة العامرات العامة وحديقة النسيم العامة إضافة إلى شاطئ السيب (منطقة الحيل الشمالية) ومسرح المدينة ونادي عُمان للسيارات ومسارات الطواف وجمعية الكتاب والأدباء وجمعية التصوير الضوئي وجامع السلطان قابوس الأكبر والنادي الثقافي وعدد من المعارض والأروقة والساحات، حيث ستكون هذه المواقع حافلة بالعديد من الفعاليات والأنشطة التي ستجمع بين العلوم والابتكارات والقرية الثلجية والقرية التفاعلية والقرية التراثية العمانية، وسوق الصناعات الحرفية وسوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والسوق الشعبي (للبخور والعطور) والمقهى الشعبي والمأكولات الشعبية والحلوى العمانية، وتجسيد البيئة الزراعية والبيئة الحضرية البيئة البدوية، ودور القرية التراثية في التعريف بالبيئات العمانية والمساهمة في التنمية الاجتماعية، ومعرض التمور والعسل.. وأيضًا الحرف والفنون للدول المشاركة، بالإضافة إلى الفعاليات الرياضية وما تتضمنه من مختلف الألعاب والسباقات، والفعاليات الثقافية وما تصاحبها من ندوات ومحاضرات واللقاءات التي تتزامن مع فعاليات نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية.
إلا أنه ورغم هذه الغزارة في التنوع والمكاسب المتوقع تحقيقها، فإن من الأهمية بمكان تعزيز بنيته التحتية وتأمين منافذ سهلة للوصول إلى المواقع وتلافي بعض الأخطاء التنظيمية كالتدافع الشديد على البوابات خشية نفاد تذاكر الدخول، ضرورة مراجعة سقف الأسعار المقررة لألعاب التسلية ومراعاة ظروف الأسر، وإفساح مجال أوسع للفنانين والمبدعين العمانيين، وإتاحة الفرصة أمام الشباب للمشاركة والكسب، وقبل ذلك كله إجراء دراسة تقييمية ومراجعة شاملة لهذه الدورة تأخذ في الحسبان تصورات ومرئيات الجمهور من أجل مهرجان أكثر إمتاعًا واكتمالًا يواكب سحر المكان ويليق بأجمل العواصم.