مقدمة:
يرى الكثير من المحللين السياسيين ان قرار دولة فلسطين بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، قرار مفصلي سيؤسس لحرب دبلوماسية شرسة مع كيان الاحتلال ، في المحافل الدولية ، ولعل ما يميز هذه المرحلة عن نظيرتها من مراحل النضال الفلسطيني ويجعلها اكثر ضراوة ، هو فقدان دولة الاحتلال لميزة الحماية من حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة وذلك لان التحرك داخل المحكمة وبعض الهيئات الاخرى لا يخضع للفيتو الاميركي التي تفننت واشنطن في استخدامه على مدار العقود التي تلت النكبة ، وهو ما يفسر هذا السعار الاسرائيلي وهذه الحملة الشعواء ضد التوجه الفلسطيني ، التي بدأت بوقف اموال الضرائب الفلسطينية وتعالت الاصوات الاسرائيلية بمزيد من العقوبات ، فدولة الاحتلال لاول مرة في تاريخها اصبحت كما قال احد القادة الفلسطينيين داخل نطاق المحاسبة دون حماية اميركية او غير اميركية ، لهذا شحذت اسلحتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ضد الفلسطينيين.
ــــــــــــــــ .
فور اعلان القيادة الفلسطينية توقيعها لعدد من الاتفاقات الدولية التي تتيح لدولة فلسطين الاشتراك في الهيئات والمنظمات الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية ، شنت دولة الاحتلال الاسرائيلية كعادتها حملة شعواء ضد القيادة الفلسطينية شاهرة لسيف العقوبات المتنوعة، في محاولة منها لمنع التوجه الفلسطيني ، وتبارى قادة دولة الاحتلال في التهديد والوعيد فمن جهته اكد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، انه لن يسمح بمثول احد من جنود الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب محتملة. وزعم نتنياهو ان من يجب أن يقاضى ويحاسب هم قادة السلطة الفلسطينية مهددا بانه لن يقف مكتوف الأيدي ولن يسمح بجر قادة وجنود جيشه إلى المحكمة الدولية". حسب قوله . وكانت اولى العقوبات الاسرائيلية وقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية ، معلنة على لسان وزير مخابراتها يوڤال شتاينس ، إن لم تتراجع السلطة عن توجهها الى المحكمة الدولية ستكون هناك سلسلة عقوبات أخرى أشد منها. ملوحا الى أنها قد تصل الى حل السلطة الفلسطينية نهائيا.
فلماذا هذا الهلع الاسرائيلي من توقيع السلطة الفلسطينية اتفاقية الانضمام للجنائية الدولية؟!!
مع قبول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طلب فلسطين الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وإبلاغه الدول الأعضاء في المحكمة بقرار قبوله الطلب، واعلانه في بيان أصدرته الأمم المتحدة إنه تأكد بأن الوثائق التي تم تسلمها تطابق المعايير قبل قبولها لإيداعها". ، خرجت وزارة الخارجية الأميركية، تقول انها لا تعتقد أن فلسطين دولة ذات سيادة ولذلك فهي غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية الدولية، على حد نص قول الخارجية الاميركية، لتنضم تلك التصريحات بجانب التهديدات الاميركية الاسرائيلية التي تسعى للحول دون انضمام دولة فلسطين الى المحكمة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا الهلع الاسرائيلي الاميركي من هذا القرار؟
الامر ببساطة ان هذه الاتفاقية ستتيح للمحكمة فتح قضايا ابتداء من الأول من إبريل حول جرائم خطيرة ارتكبت على الأراضي الفلسطينية. وسيكون بإمكان فلسطين مقاضاة مسؤولين اسرائيليين على كل الجرائم التي يرتكبونها ضد الفلسطينيين وهي بموجب القانون الدولي تشمل الاستيطان ومصادرة الاراضي والاعتقال وهدم المنازل في جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ بما فيها القدس. وقد تأسست المحكمة الجنائية الدولية سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وهي:" منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة – وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مئه ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفضائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
نجد الاجابة على تساؤلنا تصبح اكثر وضوحا على لسان أيال جروس احد استاذة القانون الدولي في دولة الاحتلال في مقال نشره في «هآرتس» حيث رأى أنه خلافاً لملفات سابقة رفضت المحكمة الولوج فيها تتعلق بشكاوى ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال عدوان 2012 بداعي أن فلسطين دولة لكنها ليست عضواً في الهيئة العامة إنما بصفة مراقب فقط، فإن «انضمام فلسطين إلى المحكمة يغير الصورة تماماً»، إذ إنه سيحق لكل دولة عضو في المعاهدة أن تتقدم بشكوى كهذه في حال نفذت جرائم حرب في أراضيها. وزاد أن من شأن هذا الانضمام أن يوسع صلاحيات المحكمة لتطبّق على كل المساحة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة|، بمعنى ان قبول دولة فلسطين كعضوة في المحمة الجنائية الدولية سيتيح لها مطاردة الاحتلال على جرائمه المتواصلة منذ عقود امام المحكمة الدولية ، وهذا ما دفع رئيس وزراء دولة الاحتلال لدعوة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى رفض طلب الفلسطينيين، ووفق النظام الداخلي للمحكمة فأن دولة فلسطين ستصبح عضوًا فى الجنائية الدولية فى شهر مارس المقبل.
باختصار فإن تلك الخطوة تسمح بمقاضاة الجيش والحكومة الإسرائيلية على جرائم الحرب في الأراضي المحتلة. وتستطيع المحكمة ملاحقة الأفراد المتهمين بالإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي حدثت منذ الأول من يوليو 2002، أي منذ أعلن عن معاهدة روما المؤسسة للمحكمة،وهذه الخطوة تأتي كجزء من استراتيجية تحاول خلق دينايمية جديدة تغير من مسار الحركة الذي سمح لإسرائيل بتدمير مساعي السلام من طرف واحد"، و "أن أساس أي حركة في المرحلة القادمة هو القانون الدولي كجزء من مرحلة فلسطينية جديدة وعصر جديد".
اولا: التهديدات الاسرائيلية الاميركية بعقوبات اقتصادية والواقع الفلسطيني
1ـ عقوبات اقتصادية اميركية
دخلت اميركا على خط العقوبات فبحسب موقع يديعوت أحرونوت ان توقيع الرئيس عباس على معاهدة روما، التي بموجبها يمكن للفلسطينيين رفع دعوى قضائية لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، يمكن أن يوقف المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية. واضاف الموقع ان أحد بنود قانون منح المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، تتوقف الولايات المتحدة عن منح مساعداتها المالية البالغة ۳۷۰ مليون دولار للسلطة، في حال طلبت فتح تحقيق دولي ضد "اسرائيل". وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية إن تسليم الفلسطينيين وثائق الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية للأمم المتحدة سيؤثر على المساعدات الأميركية.
ولتبيان حجم تأثير المساعدات الاميركية على الاقتصاد الفلسطيني وبحسب بيانات تم جمعها من التقارير الصادرة عن وزارتي التخطيط والمالية الفلسطينية، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية قدمت القسط الأكبر من المساعدات والمنح خلال الفترة من 1994-2003 بما مجموعه أربعة مليارات و283 مليون دولار، وبنسبة 65.4%، بينما قدمت الدول العربية مجتمعة مليارا و203 ملايين دولار بنسبة 18.4%، وقدمت اليابان 482 مليون دولار بنسبة 7.4%، والمؤسسات الدولية 435 مليون دولار بنسبة 6.6%، وتصدرت الولايات المتحدة -كبلد منفرد- قائمة الدول المانحة بما مجموعه مليار و28 مليون دولار وبنسبة 15.7%. وفي الفترة من 2007-2013 تابع الاتحاد الأوروبي -من خلال الآلية الفلسطينية الأوروبية - والولايات المتحدة دورهما الحاسم والحيوي في دعم ميزانية السلطة، فقدمت الآلية الفلسطينية الأوروبية مليارين و702 مليون دولار أي بنسبة 33.3% من مجمل الدعم الدولي (وما يساوي مجموع الدعم العربي تقريبا)، وقدمت الولايات المتحدة دعما للميزانية في الفترة نفسها مقداره مليار و204 مليون دولار أي بنسبة 14.8% من مجمل الدعم الدولي. وكانت الولايات المتحدة قد خفضت مساعداتها لميزانية السلطة في سنتي 2011 و2012 إلى 51.7 مليون دولار، وصفر على التوالي بالترافق مع تعطل مسار التسوية السلمية، ثم قفزت مساعداتها إلى 349 مليون دولار سنة 2013 مع إعادة انطلاق مسار التسوية في صيف تلك السنة. وقدم البنك الدولي مساعدات بقيمة مليار و374 مليون دولار بنسبة 16.9% من الدعم الدولي. وهذا يعني أن الدعم الغربي والمؤسسات -التي يهيمن عليها البنك الدولي- ظلا اللاعب الرئيسي في الدعم الخارجي القادم للسلطة الفلسطينية، ويظل الدعم العربي وتوسيع رؤية الاقتصاد الفلسطيني هي اسلحة فلسطينية ذات جدوى كبيرة لمواجهة التهديدات الاميركية بمنع المعونات.
2 ـ العقوبات الاقتصادية الاسرائيلية
اعلنت دولة الاحتلال عن عقوبات اقتصادية بحق السلطة تتعلق بثلاثة جوانب: الأول تجميد تحويل العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية ، والثاني خفض سقف ودائع البنوك الفلسطينية إلى البنوك الاسرائيلية، والثالث وقف مشروع التنقيب عن الغاز في غزة ، كما تملك اسرائيل التضييق على العمال الفلسطينيين ، ووقد استخدمت ذلك ابان انتفاضة الأقصى، فخفضت الأيدي العاملة الفلسطينية في اسرائيل من 130 ألف عامل إلى أقل من 10 آلاف عامل، وعادت خلال السنوات الأخيرة لتشغل الأيدي العامل الفلسطينية ليصل العدد حاليا بين 130- 140 ألف عامل داخل الخط الأخضر وفي المستوطنات، وهذا مفتاح مهم ايضا، لسبب بسيط أن 130 ألف عامل يعني 200 ألف أسرة، وبالتالي أي لعب بهذا المفتاح في ظل اقتصاد فلسطيني منهك سيكون تأثيره مضاعفا ، كما تمتلك الأدوات اللازمة لإعاقة الاستيراد والتصدير والحد من الحركة وفصل الضفة وغزة تحت ذرائع أمنية وفصل كلاهما عن العالم الخارجي، فالاحتلال يمتلك كافة الموانئ والمعابر، وتستطيع اتخاذ خطوات تصعيدية أكثر شدة منها قطع الكهرباء والماء ومنع امداد الأراضي الفلسطينية بالوقود، وبالتالي ربما ذلك سيدخلنا في حرب اقتصادية شاملة.
وقد بدأت اسرائيل فعليا بوقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية ، ولعل خطورة هذا القرار يتضح في عدم قدرة السلطة على توفير فاتورة الرواتب لموظفيها البالغ عددهم أكثر من 160 الف موظف في الضفة والقطاع، بالإضافة للموازنات التشغيلية للوزارات والأجهزة الحكومية، وحيث ان الرواتب التي تبلغ أكثر من مائة وخمسون دولار شهرياً، تعتبر المحرك الرئيسي لعجلة الاقتصاد الفلسطينية فإن الأزمة ستكون شاملة وعميقة، وستشل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وسينتج عنها أزمات متتالية مرتبطة بها؛ الأمر الذي يهدد عملياً بتآكل السلطة ويهدد قدرتها على البقاء وينذر عملياً ببدايات تفككها وانتشار الفوضى في حال طول الأزمة، ويظل عجز موازنة السلطة الكبير ومضاعفة احتياجاتها المالية، لا سيما بعد التداعيات الاقتصادية الاجتماعية للحرب العدوانية على غزة.
واعتبرت السلطة الفلسطينية في تصريحات مختلفة صدرت عن مسؤوليها أن ما قامت به 'اسرائيل' ليس إلا سرقة وسطو بالقوة في وضح النهار على هذه الأموال، التي تشكل العمود الفقري لمدفوعات الرواتب للموظفين العمومين التابعين للسلطة الفلسطينية، ومستحقات الشركات والقطاعات الخاصة والعامة التي تتعامل مع الحكومة الفلسطينية، ووصف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، القرار الاسرائيلي بانه "قرصنة إسرائيلية وجريمة حرب أخرى.
الرد الفلسطيني على العقوبات ما بين شبكة الامان العربية ومطاردة مالية الاحتلال:
جاء الرد الفلسطيني الرسمي على لسان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مؤكدا إن القيادة الفلسطينية تدرس التوجه للمؤسسات الدولية ضد استمرار حجز إسرائيل أموال عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية. وذكر الحمد الله ، في بيان صحفي ، أن التوجه الفلسطيني لمؤسسات المجتمع الدولي يستهدف “وقف سياسة إسرائيل في العقاب الجماعي والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني”. واعتبر الحمد الله أن “استمرار احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية عمل غير قانوني، ومنافي للأعراف والقوانين الدولية”. وأشار إلى أن هناك عددا من الخيارات المقبلة للتوجه إلى المزيد من المؤسسات الدولية في حال استمرار إسرائيل بسياسة العقاب الجماعي والتنكيل تجاه الفلسطينيين واحتجاز أموال الضرائب. فيما دعت الحكومة الفلسطينية إلى تحرك عربي مساند لها لمواجهة حجز إسرائيل على أموال الضرائب الفلسطينية .وحثت الحكومة على تقديم شبكة أمان مالية للسلطة الفلسطينية ردا على قرار إسرائيل احتجاز وتجميد تحويل أموال الضرائب الفلسطينية. وأكدت الحكومة ضرورة تحمل الدول العربية مسؤولياتها بتقديم شبكة الأمان المالية التي أقرتها القمم العربية في عدة مناسبات لتفادي مخاطر تداعيات الإجراء الإسرائيلي. من جهته قال المندوب الدائم للسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة السفير رياض منصور أن الشعب الفلسطيني وقيادته مازالوا يواجهون التدابير القمعية وغير الشرعية والتخريبية من جانب إسرائيل. واتهم منصور في رسالة بعث بها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسي مجلس الأمن والجمعية العامة إسرائيل بسرقة عائدات ضرائب الشعب الفلسطيني. وشدد على أن «العوائد المحتجزة والتمويلات التي تجمعها إسرائيل نيابة عن فلسطين والتي هي ملزمة بتحويلها لنا بمقتضى اتفاقيات موقعة تشكل فعل سرقة فاضحا وعقوبة جماعية». وأكد أن عائدات الضرائب تكون من صلب ميزانية المؤسسات الحكومية وتمول قطاعات التعليم والصحة والأمن العام والصرف الصحي. الخبراء ينقسمون حول العقوبات ما بين مقلل ومن يراها محفزة وتفاوتت ردود الفعل بين خبراء الاقتصاد والسياسة الفلسطينيون ما بين مقلل من جدية اسرائيل في اطالة امد العقوبات ورأى البعض انه رغم التهديد الاسرائيلي المعلن بفرض المزيد من العقوبات فإن اسرائيل تجتهد لإخفاء حقيقة مخاوفها من انهيار السلطة، حيث لا زال بقاء السلطة يشكل مصلحة اسرائيلية عليا، فكما لا تريد اسرائيل العودة لاحتلال غزة فهي لا تريد أيضاً العودة لتحمل أعباء الاحتلال المباشر للضفة الفلسطينية، كما ان قرار تجميد تحويل الأموال انتقد من قبل الكثير من المحافل الأمنية الاسرائيلية باعتباره يشكل خطراً حقيقياً على قدرة أجهزة السلطة على الاستمرار في توفير الاستقرار والهدوء الأمنيين، وأحدهم شبه تجميد نقل الأموال بقطع غصن شجرة تجلس علية إسرائيل والسلطة معاً. فلا إسرائيل ولا المجتمع الدولي يقبل بتفكيك السلطة، فيما رأى بعض الخبراء ان سلطات الاحتلال قدمت فرصة ذهبية للفلسطينيين، لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية لدولة فلسطين، والتخلص من التبعية الاقتصادية للاحتلال. وظهرت دعوات تطالب وزارات ومؤسسات وإدارات السلطة الوطنية الفلسطينية وجميع المواطنين الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة لمقاطعة شاملة لجميع منتجات الاحتلال الاسرائيلي ردا على القرصنة التي تمارسها حكومة اسرائيل من جديد بحجز أموال المقاصة.
3ـ عقوبات اجتماعية
منها سحب التسهيلات، وممارسة المزيد من تضييق حرية الحركة، وتصعيد الإجراءات الاحتلالية على الأرض، ومن بينها شرعنة بعض البؤر الاستيطانية والمزيد من مصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني، وسحب الهويات من المقدسيين وهدم المنازل في الضفة وابتلاع مزيد من الاراضي الفلسطينية ، المماطلة في اعمار غزة وتشديد الحصار على الضفة والقطاع ، بالاضافة للعنف الاستيطاني ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وحرياتهم في زرع حقولهم وجني محاصيلها عقوبة دائمة في وقت يواصل فيه قطعان المستوطنين ممارسة العنف والعدوان ضد الفلسطينين ويتمثل هذا الهامش في تساهل السلطات الاسرائيلية مع عنف المستوطنين، ووجود ازدواجية قانونية في الأراضي المحتلة بين قانون مدني متساهل للتعامل مع المستوطنين، وقانون عسكري متشدد آخر يلاحق الفلسطينيين دون هوادة وتصادر بموجبه الأراضي الفلسطينية بجرة قلم، وبقرارات عسكرية صارمة، ولدى الاحتلال الاسرائيلي 'بنك عقوبات' يفرضها على الشعب الفلسطيني وعلى السلطة الفلسطينية. غير أن العقوبات الدائمة التي يعانيها الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال عام ١٩٦٧ يتصدرها الاحتلال نفسه. وهو احتلال شرس وإحلالي استيطاني هدفه تهويد الأراضي الفلسطينية، وتفريغها من أصحابها الشرعيين.
وتعكس الاحصاءات ان الخطوات الاسرائيلية في التصعيد الاستيطاني لا تخضع لمبدأ العقوبة لكنها مستمرة ومتواصلة بغض النظر عن رد الفعل الفلسطيني وتعكس هذه الاحصاءات تنامي الاستيطان الاسرائيلي. بلغ عدد المستعمرات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلةعام 2014 ، 205 مستعمرات، بالإضافة إلى 257 بؤرة استعمارية جديدة |، وفي عام 2013 صادقت حكومة الاحتلال على إقامة ما يزيد على 23 ألف وحدة استيطانية، تركزت في المستعمرات في محيط القدس، حسب التقرير السنوي الصادر عن دائرة العلاقات الدولية بمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2013م في الضفة الغربية 482 موقعاً؛ أما عدد المستعمرين في الضفة الغربية فقد بلغ 563,546 مستعمراً حتى نهاية العام 2012م ليرتفع عدد المستوطنين اليهود في هذه المستعمرات عام 2014 لحوالي 750,000 مستعمر. ويتضح من البيانات أن 49.2% من المستعمرين يسكنون في محافظة القدس؛ فقد بلغ عـددهم حوالي 277,501 مستعمراً؛ منهم 203,176 مستعمراً في القدس المحتلة. وتشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 21 مستعمرًا، مقابل كل 100 فلسطيني؛ في حين بلغت في محافظة القدس حوالي 69 مستعمرًا، مقابل كل 100 فلسطيني؛ ما يجعل من مدينة القدس المدينة التي تنكب بالعدد الأعلى من المستوطنين. وتلتهم هذه المستعمرات والبؤر حوالي 200,000 دونماً من الأراضي الفلسطينية. وتغلق هذه المستعمرات ما مساحته حوالي435,000 دونماً؛ بحجة الأمن؛ وتعتبر هذه المساحات احتياطي استيطاني قد سقطت بقبضة الاحتلال بحكم الأمر الواقع. يبلغ طول الطرق الالتفافية الاستعمارية التي تربط هذه المستعمرات حوالي 980كم. وتبلغ مساحة الأراضي التي التهمتها هذه الطرق الالتفافية حوالي 196,000 دونم. وتبلغ مساحة الأراضي غير القابلة للاستخدام لأسباب أمنية حول الطرق الالتفافية حوالي 98,000 دونم. وتقام معسكرات لجيش الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية لحماية هذه المستعمرات على 55,000 دونم. ويبلغ عدد الحواجز الأمنية والإغلاقات التي تحاصر المدن والقرى الفلسطينية وتقطع أوصالها حتى عام 2014م 468 حاجزًا. ويبلغ طول جدار العزل العنصري حوالي 780كم؛ نفذ منه حتى الآن 467 كم، و63 كم قيد الإنشاء، ومخطط 244كم. وعزل هذا الجدار خلفه حوالي 724,000 دونم من الأراضي الفلسطينية ومعظمها مزروعة بالأشجار. بالإضافة إلى عازل أمني لحماية الجدار من الجانب الفلسطيني بعمق 200م تبلغ مساحته حوالي 156,000 دونم. كما عزل هذا الجدار حوالي 96 تجمع سكاني فلسطيني منها 43 تجمعًا عزلاً كاملاً ، فيما يبلغ عدد الفلسطينيين الذين عزلهم الجدار حوالي (514,400) نسمة، منهم حوالي 65,665 نسمة عزلاً تاماً. ويبلغ مجموع مساحات الأراضي الضائعة من الفلسطينيين بسبب الاستيطان وحماية المستعمرات وطرقها والجدار العازل حوالي (1864) كم وهذه تشكل ما نسبته 33 % من مجموع مساحة الضفة الغربية ، كما تبلغ نسبة مساحة الأراضي المصنفة (A+B) والتي يعيش عليها ويعتاش منها الفلسطينيون حوالي 36.1 % من مساحة الضفة الغربية، وحوالي 8% فقط من مساحة فلسطين التاريخية ، تبلغ نسبة مساحة الأراضي المصنفة (C) والتي تخضع للسيادة التامة الإسرائيلية من أراضي الضفة الغربية حوالي (63.9%) من مجموع مساحة الضفة الغربية.
وكما الحال في ملف الاستيطان فإن مسلسل تهجير الفلسطينيين من القدس يعتبر سياسية اسرائيلية عدوانية واضحة لا تحتاج لمزاعم او مبررات فبحسب دائرة العلاقات الدولية والقومية في منظمة التحرير الفلسطينية، فأن قوات الاحتلال الإسرائيلية هدمت ودمرت نحو 23100 منزلا فلسطينيا في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، ولقد عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس لعام 1973م، برئاسة جولدا مائير، والتي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيون في القدس 22% من المجوع العام للسكان، وذلك لإحداث خلخلة في الميزان الديمغرافي في المدينة، لذلك فقد لجأت سلطات الإحتلال إلى إستخدام الكثير من الأساليب لتنفيذ هذه الوصية والتي كان آخرها سحب الهويات من السكان العرب في القدس، ولكن بالرغم من إقدام السلطات على سحب الهويات من أكثر من خمسة آلاف عائلة مقدسية إلا أن الفلسطينيون يشكلون حوالي 35% من مجموع السكان داخل حدود المدينة، وذلك نتيجة عودة آلاف المقدسيين للسكن داخل حدود القدس.
الرد الفلسطيني
تعتبر الجنائية الدولية هي الحل الانجع لمواجهة جرائم الاحتلال الاجتماعية من استيطان وهدم منازل وتقطيع اواصر وسحب هويات المقدسيين ، لان كل الجرائم تتجمع تحت مسميات جرائم ضد الانسانية كالقتل العمد والتعذيب والتهجير القسري وحرمان أي شخص محمي من حقه في محاكمة نزيهة وعادلة وهدم الممتلكات والإستيلاء عليها بشكل لا تبرره الضرورة العسكرية وخاصة الحرب الاخيرة على قطاع غزة المحتل والمحاصر والذي تسبب بمقتل ما يقارب 2142 فلسطينيا من بينهم حوالي 1800 مدني منهم 510 طفل و286 امرأة وجرح أكثر من 11ألف فلسطيني ثلثهم من الاطفال وقتل عائلات بأكملها اضافة الى تدمير كلي وجزئي لاكثر من 18 الف منزل وعمارة سكنية و تهجير حوالي نصف مليون فلسطيني من أماكن سكنهم وهو خرق فاضح للمادة 147 من إتفاقية جنيف الرابعة ويعتبر عدم الالتزام بهذه المبادئ قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مع التأكيد على واجب جميع الأطراف السامية المتعاقدة عملا بالمادة 146 من الإتفاقية فيما يتعلق بالعقوبات الجنائية ، و بموجب المادة 148من الاتفاقية لا يجوز لأي طرف متعاقد أن يتحلل من المسؤوليات التي تقع عليه بسبب الانتهاكات الجسيمة. ولاتزال اسرائيل مستمرة في سياسة الاستيطان غير القانونية الهادفة إلى تدمير المنازل ومصادرة الاراضي والموارد المائية والطبيعية والنقل الجبري للمدنين في دولة فلسطين المحتلة في خرق للمادة 49 من إتفاقية جنيف والتي تنص "بحظرالنقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أيا كانت دواعيه، بالإضافة إلى ذلك فإن سياسة الإستيطان المستمرة تعيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وبذلك تعتبر سياسة الإستيطان خرق للقواعد الآمرة في القانون الدولي وهي وفقا للجنة القانون الدولي القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني بما في ذلك حضر التمييز العنصري وإحترام حق تقرير المصير. وبحسب القانون الدولي فأن جدار الفصل العنصري هو جزء من المشروع الاستيطاني والذي يسعى لخلق سياسة "الأمر الواقع" والتي قد ترقى الى الضم الفعلي للارض الفلسطينية المحتلة والذي يشكل خرقا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بالاضافة الى ان اقامة الجدار والسيطرة على الاراضي الخاصة يعتبر اعتداء على الاملاك الخاصة مما يشكل خرقا للبنود 46 و52 من لوائح هاغ للعام 1907 والمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة. ومما سبق يتضح ان ما ترتكبه اسرائيل يعتبر جرائم ضد الانسانية تدخل تحت نطاق السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية.
4 ـ حل السلطة الفلسطينية ما بين الخيار الفلسطيني والتهديد الاسرائيلي
يعتبر خيار حل السلطة احد الخيارات الفلسطينية المتاحة نظرا لاغلاق دولة الاحتلال لافق حل سياسي ينهي الصراع ، ولما سيكون له من اثر سلبي على دولة الاحتلال ، الا ان خيار الحل الذاتي الفلسطيني يقابله تصريحات تهديد من مسؤوليين اسرائيليين على رأسهم وزير خارجية دولة الاحتلال المتطرف أفيجدور ليبرمان الذي اعلن أن توجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي وما تبعها من خطوات يؤكد انهيار اتفاقية أوسلو، مؤكد في تساؤل مغلف بالوعيد ، إن اتفاقيات أوسلو قد انهارت، والسؤال المهم ماذا علينا القيام به في اليوم التالي؟" كما أعرب القطب الليكودي ووزير الطاقة الاسرائيلي سيلفان شالوم عن اعتقاده بأنه يجب على إسرائيل دراسة احتمال اتخاذ إجراءات أحادية في المناطق رداً على توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن وقرارهم الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية ومؤسسات دولية أخرى. وزعم شالوم إن الفلسطينيين خرقوا الاتفاق الذي يحظر على الجانبيْن القيام بإجراءات أحادية فيما هم يطالبون إسرائيل بمقتضى نفس الاتفاق تحويل مستحقاتهم الضريبية.
وبعيدا عن التهديدات الاسرائيلية ففكرة حل السلطة قد راودت الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات نفسه، ويرى بعض المقربين منه ان تفكيره في هذا الاتجاه قد دفع الاحتلال إلى التسريع في قتله ، وهذا ما يفسر الحملة الاسرائيلية الشعواء ضد ابو مازن ووصفه باللازعيم والشريك غير الجدي من قبل دولة الاحتلال وصولا لاتهامه بمعادة السامية ، ويعتبر حل السلطة أحد ثلاث مراحل وردت في تصور الرئيس الفلسطيني محمود عباس للرد على المماطلات وعمليات التسويف الإسرائيلية ، المرحلة الأولى هي العودة إلى الحضن الطبيعي للقضية وهو مجلس الأمن الدولي غير أن هذا القرار فشل على خلفية الوعد الأميركي لإسرائيل بالوقوف الى جانبها، واستخدام حق النقض ، تأتي المرحلة الثانية التي تتمثل بالانضمام إلى المنظمات الدولية، لا سيما محكمة الجنايات الدولية، وذلك لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على الجرائم التي ارتكبوها خلال الحرب على قطاع غزة التي استمرت 51 يوماً، وغيرها من جرائم الاحتلال الموصوفة. أما المرحلة الثالثة، فهي وقف التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية، ففي حال توقف هذا التنسيق الذي ترعاه الولايات المتحدة، فإن الضغوط ستتزايد على إسرائيل، ليس هذا فحسب، بل إن السلطة ستعيد النظر في كل علاقتها مع إسرائيل، مع ما ينطوي عليه ذلك من تحميلها كامل المسؤولية عن الضفة الغربية باعتبارها دولة احتلال ، او بمعنى ادق (حل السلطة الفلسطينية).
ونرصد المخاوف الاسرائيلية من قرار وقف التنسيق الامني من خلال تحذير مصدر أمني إسرائيلي كبير من تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية في حال أقدمت السلطة الفلسطينية على تنفيذ تهديداتها بوقف التنسيق الأمني. وعن حل السلطة يرى محللون اسرائيليون ان هذا الخيار يشكل كارثة سياسية وأمنية يصعب على إسرائيل احتمال عواقبها. لكن هناك ثمة من ينظر الى الأمر(حل السلطة) بجدية كبيرة. وقد كتب كبير المعلقين السياسيين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنيع قبل فترة، أنه «إذا نفذ الفلسطينيون تهديدهم فستكون لذلك نتائج دراماتيكية... وسيضطر الجيش الإسرائيلي إلى أن يجد طريقة لملء فراغ السلطة: إنشاء شرطة والاهتمام بالتربية والصحة والماء والصرف الصحي. وسيتوقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اللذان يحولان اليوم أكثر من بليوني دولار إلى السلطة كل سنة، عن تقديم المنح. وستضطر حكومة إسرائيل إلى سد النقص، لكن ذلك سيكون فقط جزءاً من النفقة المالية المطلوبة. وبحساب حذر، فإن النفقات الإسرائيلية في السنة الأولى على الأقل من الاحتلال المجدّد، ستبلغ عشرات بلايين الشيكلات». وتتحسب إسرائيل لأعباء عودة سيطرتها الأمنية الكاملة على الضفة الغربية ومسؤوليتها عن التعليم والصحة وشتى مجالات الحياة الأخرى. وقد كشف بحث أجري لمصلحة المستوى الرسمي الإسرائيلي عن أنه إذا انتقلت الضفة إلى مسؤولية إسرائيل، فإن هذا سيكلفها نحو 3.5 مليار دولار سنوياً، وذلك من دون الحديث عن تبعات أخرى.
(الحل) الكابوسي
تنهض الكلفة السياسية لقرار حل السلطة الفلسطينية كجانب بالغ الأهمية، إذ سيعود الاحتلال إلى وجهه القذر القديم، ذلك الذي تخلص منه بعد نشوء السلطة حين صار الصراع بين دولتين وليس بين احتلال وشعب محتل وسيناريو حل السلطة وبعض حيثياته لخصه الكاتب الإسرائيلي يهودا ليطاني في صحيفة يديعوت أحرونوت من خلال سؤاله "ماذا يحصل إذا أعلن ذات صباح عن حل السلطة الفلسطينية؟" وقد وصفه الرجل بأنه "السيناريو الكابوس". يعدد يهودا ليطاني المشاكل التي ستترتب على الإسرائيليين من جراء حل السلطة وأولها اضطرار "الجيش الإسرائيلي إلى البقاء هناك لزمن غير محدد، ما يعني أن عليه -إضافة إلى المهمات الأمنية العادية- أن يقوم بـ "حماية رجال الحكم الإسرائيلي الذين سيتولون مسؤولية إدارة جهاز التعليم والإغاثة والمواصلات والمياه والكهرباء والبلديات". وبالطبع، فإن ذلك سيتطلب "إيجاد التمويل للنشاط المدني الذي تقدر كلفته بعشرة مليارات شيكل (حوالي 2.7 مليار دولار) في السنة على الأقل".
الخيار الثالث
ويرى انصاره بأنه بدلا من التفكير في خيار حل السلطة، يجدر التفكير في كيفية تحسين أدائها، وقدراتها، والتأكيد على وحدانيتها، من خلال إنهاء الانقسام السياسي، والعمل على استعادة هيبتها من خلال تجديد شرعية السلطة الفلسطينية، والمحافظة على إنجازاتها، والبحث عن مرجعية سياسية جديدة لها تقوم على الإرادة الشعبية، وعلى الانتخابات . السلطة في حاجة إلى الفاعلية، وتجديد الشرعية، والوحدانية وليس التفكير المتعجل في حلها. فمحاولة إلغاء السلطة هو إلغاء لكل الإنجازات التي تمت في السنوات الأخيرة. ويرون ان الخيار الثالث هو تفعيل دور السلطة الفلسطينية كأداة عمل تحرري من أدوات منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي عدم البقاء ارتهانا باوسلو طالما لم يتحقق من اوسلو الا التمسك بالحزام الضريبي, والتنسيق الأمني, وارض ملئها الاستيطان وإعلان دولة . والتباكي امام كل اجتماع للدول المانحة من اجل ابقائنا على قيد الحياة , وبعد ذلك بيومين ينتشر خبر عاجل عبر كل المحطات المرئية والمسموعة والمكتوبة , ان المعاشات ستكون في موعدها .إن هذه الدول تستغل دعم فاتورة الاحتلال مقابل مواجهة اسرائيل ودفعها باتجاه الرحيل. المطلوب من الفلسطينين ليس الدفع باتجاه انهيار السلطة الوطنية, انما المطلوب منهم إعادتها إلى صوابها والدور التاريخي الذي يجب أن يكون مناطا بها في بناء دولة حرة وان تكف عن الاعتقاد والتصرف أنها دولة, بل هي أداة التحول إلى دولة, ولكن التحديات امام عملية تصويب أداء السلطة ( السياسي والخدماتي) قد توصلها إلى الانهيار في الناحية الخدماتية وانتعاش في الدور السياسي. وتنحصر خيارات حل السلطة بحسب الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب باتجاهين، فإما أن تحل المؤسسات التي تكونت بفعل اتفاقية أوسلو وتعود إلى تبعية منظمة التحرير وليس إلى السلطة كما هو حاليًا، وإما حلها بمسمياتها الحالية وإطلاق مسميات مؤسسات الدولة عليها باعتبار فلسطين دولة في الأمم المتحدة. ويشير إلى أن حل المؤسسات وإرجاعها إلى حضن منظمة التحرير يعني إلغاء اتفاقية أوسلو، وتحميل الأمم المتحدة مسئولية إدارة مناطق السلطة كمسئولة عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لكنه ينبه إلى أن ذلك يتناقض مع مفهوم الدولة فضلًا عن أنه يحتاج إلى إضفاء شرعية سياسية من خلال إجراء انتخابات وإدخال القوى الفاعلة كحركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها. أما خيار إطلاق مسميات الدولة على مؤسسات السلطة، فيقول شراب إن ذلك سيلغي المسمى الذي أوجدته اتفاقية أوسلو، ويتطلب إعادة النظر في علاقات كثيرة مع الكيان الإسرائيلي، لكنه يلفت إلى وجود "قدر كبير" من الغموض حول فمهوم حل السلطة هذا الموضوع حتى اللحظة.

إعداد: إبراهيم بدوي
من أسرة تحرير "الوطن"