لقد تم مناقشة موضوع تعريب العلوم كثيرا، فانقسم الناس لفريقين بين مؤيد ومعارض، والذين يعتقدون أن تعريب العلوم مستحيل واهمون، فقد أثبتت التجارب أن لا شيء مستحيل في هذه الحياة إلا أمراً لا يمكن حدوثه إلا بيد الله تعالى، والتعريب شيء ممكن ومتاح لا يحتاج سوى للتخطيط له ثم البدء في الشروع بتنفيذه، ولا يحتاج سوى لتعاون الدول العربية، لماذا لا يُنشأ في كل دولة عربية مجمع يختص بترجمة علم بعينه، ويمكن أن يضم المركز مترجمين ومختصين وعلماء من دولٍ عربية شتى، ثم بعد ذلك يتم تبادل الترجمات في كل الدول العربية، يجب أن توضع خطط لذلك مشابهة للخطط الخمسية، بعد سنوات سيكون لدينا علما معربا يستطيع أبناء الوطن العربي الاستفادة منه والإضافة له، لا يمكن للأمر أن يحدث بين يوم وليلة، يجب أن تكون هناك خطط وثقة وعزم لمواصلة العمل.
وكما أن بعض العوائق وقفت في طريق الشعوب العربية في بداية تنمية بلدانها، فإن نفس هذه العوائق سوف تقف أمام تعريب العلوم، ولكن قوة الإرادة والإيمان بأنه لا يمكن لشيء أن يحدث صدفة، وأنه يجب البدء في كل شيء لإتمامه، سيعطينا الثقة التامة بقدرتنا على تعريب العلوم.

ربما يتحجج البعض أن هناك مصطلحات علمية أجنبية لا يمكن ترجمتها، يجب علينا أن نضيف أي كلمة لا يمكن ترجمتها في كتبنا المترجمة بنفس لفظها، كما فعل الغربيون عندما ترجموا العلوم العربية قبل مئات السنين، وضعوا الكلمات التي يستحيل ترجمتها كما هي، بلا ترجمة، ولاحقاً صارت تعتبر كلمات أجنبية، كالكلمات التالية:
Alchemy الكيمياء
algebra الجبر
alcohol الكحول
المناخ almanac

حتى أنهم أخذوا أرقامنا العربية ووضعوها أرقاما لهم، بدون أن يغيروا فيها شيئاً سوى اسمها، (ون وتو وثري) التي درسناها باللغة الإنجليزية ما هي سوى أرقام عربية خالصة، ومن يتمعن بالنظر لهذه الأرقام سيجد كم أن أجدادنا العرب القدماء أذكياء، فهم لم يخترعوا هذه الأرقام من فراغ، وإنما اخترعوها من علم الهندسة، فكل رقم يدل رسمه على عدد الزوايا التي يحتويها، (ون) يحتوي على زاوية واحدة، أما (تو) فزاويتين وهكذا، وإذا نظرنا ل(ناين) وهو رقم تسعة سيكون عدد زواياه تسعة، لأنه يجب أن يكتب معكوف في نهايته للداخل ليكون داخله أربع زوايا غير الزوايا الخمس المرسومة في أعلاه، أما (زيرو) فهو لا يحتوي على أي زوايا، ولذلك يرمز به للرقم صفر، والغرب اكتشفوا معنى الأرقام العربية لذلك لم يغيروا في أشكالها ووضعوها كما هي، بينما نحن العرب لم يكن أمامنا لاحقاً بعد سنوات من التخلف سوى أخذ الأرقام الفارسية واتخاذها أرقاماً لنا، إذن يجب أن نستبدل تلك الأرقام بأرقامنا الأصلية ألا وهي الأرقام الإنجليزية لأنها هي الأرقام الصحيحة بسبب الزوايا التي تحتويها، حتى أنها أسهل لتعليم الأطفال، مجرد أن نعلمهم خدعة الزوايا الموجودة فيها يكون الطفل قد فهمها وعرف كل رقم على ماذا يرمز، واحد أو أثنين أو ثلاثة.
ونلاحظ أيضا أن كلمة مجلة بالإنجليزية Magazine تعود إلى الكلمة الفرنسية Magazin المأخوذة عن كلمة مخزن العربية.
وسميت بذلك لأنها تعتبر مخزن للمعلومات؛ فالمجلة أكثر تنوعا من حيث المواضيع فهي تقدم قصصا ومقالات ودراسات وفيها كل أنواع التسلية عكس الجريدة التي كانت لا تهتم في الماضي إلا بالأخبار العالمية والمحلية السريعة، فقد استخدم مصطلح (ماجازين) لأول مرة في لندن عام 1731م حيث صدرت أول مجلة لعامة الناس بعنوان السيد(The Gentleman's Magazine).

هذا غيض من فيض فلما نضع المستحيلات؟!!

إذن يجب أن نثق في أنفسنا ونبدأ في ترجمة العلوم لتعريبها، حتى يستطيع أحفادنا إن لم يكن أبناءنا من الاستفادة منها، ودراستها لاستيعابها جيداً، ولكي يمكنهم أن يضيفوا لها.

عزة بنت محمد الكميانية