ترك فمه الدموي ، ورحل ، حيرتي كبيرة في البحث عن وجه وحش يتلاءم مع هذا الفم ، أرمي بهذا الجرم له ، فم لا يسكت ابدا ، أظن ان الوحش سيتقبل سيل الدماء على قميصه.بدأت البحث في مقاهي المجرمين ، والمجانين ايضا ، كونت فهرسا بأسمائهم جميعا ، وأقمت للفم مزادا طمعا مني في المال.صحت بصوت عال : ( انتبهوا جميعا هذا فم دموي رائع ...).قاطعني أحدهم قائلا : (ممن سرقته).قلت له : ( من وجه لا يرغب ببقائه مع الأنف) .قال : ( بكم تريده ؟ ).نظر الجميع إلي بانتباه شديد.- هل أعطيك أصبعا لتكمل أصابع يدك الناقصة ؟اخفيت يدي بسرعة ملحوظة، كان له رأس كلب، وجسد بشر، وبما اني أحترم الكلاب لأني اعتبرها وفية جدا ، وحين مات ( روك ) كلبي الوفي حزنت بشدة لفقده كان انيسي في وحدتي ، تقربت منه ، واعطيته الفم الدموي مجانا دون أصبع يكمل اصابع يدي.- ما الذي تفعله بفم مثل هذا وأنت كلب ؟ .* * *حين استيقظت وجدت لعابي مخبوطا بالدم ، بصقت في كل مكان ، وزاوية في الغرفة حتى امتلات بالبصاق، نظرت الى وجهي في المراة كان لي وجه كلب ، انها حقيقة البشر ، هذا مسخ .لقد مسخت ..ما الذي فعلته ليحصل لي هذا ؟.نطق الفم : انا أقرب اليك منهم ، تعال خذني ، لتدافع عن نفسك بي .* * *انها حقيقة البشر ، الكل يضد الاشياء المختلفة ، لو كنت مكانهم ، لفعلت ما يفعلون .الجميع يضدني ..الفم يدافع عني بشراسة كبيرة .* * *أمي تقول للناس إني أقسمت كذبا وزورا لذلك مسخت وجهي الى وجه كلب ، لذلك تبرأت مني .من حلم الى واقع ، اشعلت النار ، وانا ارى القطط تهرب مني ، لها الحق في ذلك ، اشعلتها تحت الجسر، عند مزبلة صغيرة تستطيع ان تخفي وجودي، ولا أحد يستطيع سماع صوت الفم الثرثار ، وهو يطلب مني قطع راس احدهم لأضعه مكان رأسي.أستيقظت على صوت امرأة عجوز اعطتني قطعة جبن ، وخبزا باردا.* * *- كان ذلك حلما عظيما.- أقسم ياصديقي اني صادق فيما أقول .الاحلام الغريبة تأتي من التفكير الزائد عن حده في الأمور الغريبة، كلمات أمي بفطرتها هذه جعلتني أصدق كلامها، رغم ذلك لم يكن لي تمام الاقتناع ، لي نظرة ثابتة لا تتغير فهي عندي غير مشمولة بالتغيير بين الثابت، والمتحول، لكني الآن أعترف بخطأ قولي هذا .* * *ذهبت الى مدينة ( الاحلام )، المدينة التي يكثر فيها المفسرون للأحلام ، وهم لا يعتمدون على التفاسير القديمة، كتفسير ابن سيرين فهم لهم ملكة في التفسير، مدينة فيها الجن والانس، لذلك رهبت عند دخولي المدينة.وقفت امام باب احدهم ، فجأة دفعت الى الداخل ، رأيت جنيا حوله عدد من الحراس ، طلب من احدهم ان يقيدني ، واخذوني معهم .صعدنا في سفينة ضخمة ، انطلقت بنا الى عالم الجن ، هنالك رأيت سيدهم ، لكني تعجبت مما رأيت ، اذ كان بدون فم ، وحدثني بدلا منه وزيره ، او احد مستشاريه، لا أعلم بالضبط من ، قال لي دون مقدمات (اين الفم يا ابن ...؟) ، وعذبوني قبل انطق بحرف واحد ، تركوني في سجن مع الكلاب ، لم تقترب مني، ولم تمسني بسوء.* * * *أنقذتني المرأة العجوز من الجن ، وأخفت وجود الفم ، كان لسيد الجن، حتى لا ينطق.صفاء سالم اسكندر قاص عراقي