صورةٌ نحنُ
وهلْ لا زالَ في الأكوانِ أصلُ؟
نحنُ أشباهٌ وتكرارٌ ومِثْلُ
يومُنا منذُ ابتداءِ الدهرِ ساعاتٌ وأقوالٌ وأحلامٌ وفعلُ
والروابي منذُ نور الشَمسِ فصلٌ .. ولَكَمْ يتلوهُ فصلُ!
روحُ هابيلٍ ستدمى كلما يمتدَّ نصلُ

صورةٌ نحنُ
وأشباهٌ تبقّتْ وهي كُثرُ
نحنُ أخلافٌ لأسلافٍ هنا كانوا ومروا
وعلى أكتافهمْ حلمٌ
وفي الأحلامِ أقدارٌ وغدرُ
كلُهم يُمضي على الأيامِ
والتاريخُ يمحو أيَّ إمضاءٍ
ولا يعدوهُ سرُّ

ثم جفّوا .. مثل نهرٍ غابَ صيفَا
سقطتْ أرواحُهم عطشى
ونادى مَلَكٌ:
"قد ماتَ ضيفٌ .. أيُّها الآفاقُ فَلْيُطْفَأُ بدرُ"

مثلُنا كانوا يتيهونَ على الأرضِ
وهُمْ في جوفِها اليومَ نيامٌ حيثُ قبرُ
وغدا نحنُ احتسانا القبرُ .. إنَّ الدهرَ أشباهٌ ومثلُ!

كلُ أنثى هيَ حواءُ صِباها
لعبةٌ بين اللُعَبْ
خربشاتٌ في صخورٍ أو رقاعٍ أو كتبْ
تَحْضنُ الليلَ وفي الصبحِ يناديها الصَخَبْ
مَقْصِدُ العشّاقِ عيناها
ومأوى أَضْلُعٍ شاعتْ بها رُوحُ اللَّهبْ
وتنادوا :
" في هواها سحرُ عشقٍ ما انكتبْ"
في دلالٍ تخدشُ الصمتَ بكاءً إِنْ حبيبٌ لم يُجِبْ
في انكسارٍ تسكبُ الأحزانَ نهرًا فاضَ عن صَمْتِ الهُدُبْ
تكرهُ الشيبَ
- ولا مهربَ-
يَغْزوها كَنارٍ في الحَطَبْ
سيرةٌ تغزلُها الأنثى على مرِّ الحُقَبْ!

صورةٌ نحنُ
وليسَ الفرقُ إلا في مَساماتٍ بجلدِ
كُلُّنا نُشبهُ أسلافًا ولكنْ دونَ قصدِ
نرتدي أسماءَهُمْ شعرًا وأمثالًا
وويلٌ للذي يأتي بضدِّ
كلنُا نُشبهُ بعضًا
في فؤادٍ يَلْبسُ الشقوةَ أو يزهو بسعدِ
في اتِّباعٍ لِسَمِيٍّ دون تفكيرٍ ونقدِ
بعضُهم أزكى قليلًا ..
بعضُنا أزكى قليلًا ..
غيرَ أنَّ البعضَ محسوبٌ بعدِّ ..

عامُنا عنقودُ أيامٍ وليلِ
مثل عامِ الجاهليةْ
ليسَ إلا قلَّ رقمُ الأبديةْ
واختلافُ الأبجديةْ
وانتهينا
أطبقَ الموتُ بجفنيهِ علينا
وانتهتْ أحلامُ طيشٍ قرمزيةْ
وطغى البحرُ على النجماتِ ليلًا
وتلاشت أمنياتٌ عسجديةْ
أكلَ المِلحُ ضِياها
سقَطَتْ أيامُها الــ كانتْ عليِّةْ

أيُّها الأشباهُ مثلي
كانَ صوتي في فتاةٍ عَشِقَتْ ظِلَّ غمامةْ
غنّت اللحنَ
وظلَّ الغيمُ يستسقي من اللحنِ هيامَهْ
وارتواها
ثم فاضَ اللحنُ من أعذبِ ماها
وشَرِبْنَا الصوتَ أشباهًا وتكرارًا
بَذَرْناهُ على ثَغْرِ القبائلْ ..
وَمَضَتْ ريحٌ على الأبوابِ تحكي عن مَتاهاتِ المثائلْ ..
ولها أنْ تُنْصِتَ اليومَ الأناملْ ..

شميسة النعمانية