نتفق جميعا أن النقد البناء والرأي الهادف الذي لا يحمل عبارات مسيئة هو رأي يقدر ويحترم من قبل الجميع حكومة أو أفرادا ما دام أنه طرح يضع مصلحة عمان فوق أي اعتبارات كانت وبعيدا عن الشخصنة والتجريح وإثارة النعرات وتصفية الحسابات والمصالح على حساب الوطن.
لا يمكن اليوم تقبل ذلك الجزء الأكبر من الطرح وحالة التذمر الهستيرية غير المسبوقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الآراء التي نجد جزءا منها يتضمن عبارات التعصب والإساءة لكل ما هو جميل.. أطروحات ومداخلات وكتابات في مجملها تفتقد للكثير من مفاهيم وأسس التعبير عن الرأي وكتابات خرجت عن قيم وأصالة هذا المجتمع المتسامح المتكاتف لدرجة أننا بتنا نجد أن البعض ينتقد لمجرد النقد البعيد عن منطق الحوار وأن الآراء التي تفتقد للأسلوب المنهجي والعلمي في الطرح تجد من الترحيب والتصفيق ما لا يجده أي كاتب آخر معروف وهذه حقيقة وإشكالية بات يعاني منها المجتمع في مفهوم وثقافة البعض التي باتت تنظر لكل منجز ونجاح أنه يندرج تحت طائلة الفساد والفشل والإهمال وغيرها من المصطلحات الهدامة التي تقوض العزيمة وتحبط الهمم والتوجهات.
إن معالجة الأخطاء والتجاوزات هو أمر طبيعي وضروري يحتم علينا جميعا مؤسسات وأفرادا، لكن يجب أن يتم ذلك في جو من الحوار الهادف المتزن الذي لا بد وان يضع مصلحة الوطن واستقراره وسلامته بعيدا عن أي مزايدات أو الاحتكام لآراء غير محسوبة تحاول التأثير بشكل أو بآخر على أسس راسخة في كيان وفكر ومكانة أبناء الوطن من خلال الانخراط وراء مفاهيم مغلوطة تحمل معتقدات هدامة مما قد يدخلنا في دوامة الجميع في غنى عنها.
إن من مخاطر اتساع ظاهرة النقد لمجرد النقد واتخاذ مفهوم حرية الرأي والتعبير على أنها فرصة للتسلية وقتل الوقت وفرد العضلات لها انعكاسات خطيرة على تماسك الوطن ووحدته ومستقبلة وعلى أبنائه والأجيال القادمة.. هذا الجيل الذي لا بد وان نغرس فيه الكثير من القيم النبيلة التي تنمي لديه الشعور بالواجب وترسيخ روح الانتماء الوطني ليكبر معها قويا مخلصا بارا يحافظ على المكتسبات ويحترم القوانين والقرارات وهذه مسؤولية كبيرة وتحدٍ اكبر يتحمله المجتمع بكل فئاته وشرائحه بجانب الأسرة والمدرسة وإلا فإننا سنجد أنفسنا أمام جيل مندفع متهور غير مسؤول في كل تصرفاته وآرائه وهذا امر غير مقبول ومرفوض .
الوطن في هذه المرحلة تحديدا هو بحاجة لكل طرح وفكر بناء هادف يستشعر داخله قيمة العطاء والبناء، الطرح الناقد باسلوب ينم عن فهم ودراية ووعي بمستجدات الأمور وتطوراتها كل حسب الإمكانيات والقدرات الثقافية والفكرية لكل فرد والحمد لله أن القيادة في وطننا مستجيبة ومتفهمة ومنفتحة لكل الآراء مهما كانت توجهاتها وغاياتها ما دام أنها تقوم على الوضوح والرأي القويم والمنهج السليم فهي تأخد بها وتتدارسها وتعمل عليها رغم قناعتنا أن العمل المؤسسي في الجهاز الإداري بحاجة للتطوير لمواكبة متطلبات المرحلة واحتياجاتها ويستوعب رغبات المواطن بصورة سريعة وفاعلة بعيد عن البيروقراطية والتطويل.

مصطفى المعمري