محمود عدلي الشريف:

اسمحوا لي ـ إخواني وأخواتي الكرام الصائمين ـ أن أصبحكم في هذه السلسلة المتواضعة في هذا الشهر الفضيل، وهي بعنوان:(استثمر صومك).. أتشرف خلالها لنستثمر أوقات الصيام بمعلومة طريفة وقصة ظريفة، وعبرة لطيفة وحكمة بالغة، أسال الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما يحبه ويرضاه، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.
وإليكم ـ أحبتنا الكرام ـ أول محطة نبدأ منها رحلتنا المباركة في هذا الشهر الفضيل..
إن الصدقة من الأمور المأمور بها في ديننا الحنيف، فقد اهتم الإسلام بالصدقة من كل نواحيها، فـ(إنّ القرآن احتوى آياتٍ كثيرة تغني كثرتها عن التمثيل فيها حثّ على التصدق على الفقراء والمساكين والمحتاجين والإنفاق في سبيل الله بأسلوب يلهم أن المقصود منها صدقات تطوعية زيادة على الفريضة على ما سوف ننبه عليه في مناسباته بدت قوة وروعة حكمة الله بهذه الفئات وقصد ضمان صلاح المجتمع الإسلامي وأمنه وتضامنه وتخفيف أزمة بنيه والمحتاجين وتقليل أسباب الأحقاد والضغائن والحسد على ما ألمحنا إليه آنفًا) (التفسير الحديث 1/ 433)، كما اهتم بصاحب المال الذي يملكه، كما اهتم بالمال من حيث كسبه ومصارفه، كما اهتم بالصدقة من جهة مستحقيها وأنواعهم، كما اهتم بالصفة التي تخرج بها الصدقة، خاصة وقد وعد الله تعالى المتصدقين بمضاعفة أجورهم أضعافًا كثيرة، يقول صاحب (التفسير الحديث 1/ 434):(بمناسبة ورود هذا التعبير لأول مرة نقول إنه كما هو المتبادر تعبير استحثاثي على الإنفاق في سبيل الله والتصدق على المحتاجين وقد تكرر في آيات مدنية عديدة)، وفيه معنى لطيف يزيد في قوة الحث وهو أن الذي ينفق أمواله في سبيل الله ويتصدق بها على المحتاجين كأنما يقرض الله وأن الذي يقرض الله يستحق الوفاء أضعافًا مضاعفة، وهذا ما ورد في آيات عديدة، وقد ذكر القرآن الكريم تحديدًا أهم أنواع المتصدق عليهم ومن تخرج لهم الصدقات ومستحقيها، جاء في تفسير السعدي المسمى (تيسير الكريم الرحمن، ص: 341): (أوجب الله هذه الحصة في أموال الأغنياء، لسد الحاجات الخاصة والعامة للإسلام والمسلمين، فلو أعطى الأغنياء زكاة أموالهم على الوجه الشرعي، لم يبق فقير من المسلمين، ولحصل من الأموال ما يسد الثغور، ويجاهد به الكفار وتحصل به جميع المصالح الدينية).
وقد أردت أن أذكّر نفسي وإياكم بالصدقات في هذا الشهر المبارك من إطعام الطعام وإفطار للصائمين، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وقد ذكرهم الله تعالى في مواضع كثيرة خاصة سورة الأنفال وسورة الحشر.