هيثم العايدي:
فيما باتت أزمة ارتفاع أسعار الغذاء أحد التداعيات المباشرة للحرب الروسية الأوكرانية, تطرح المنظمات الدولية عددا من المسارات لمواجهة الأزمة التي تتفاقم ويشتد تأثيرها على البلدان النامية بشكل خاص، وذلك نظرا لأن إمدادات الغذاء شهدت اضطرابات على مدار عامين من جرَّاء جائحة انتشار فيروس كورونا، وما تبعها أيضا من تداعيات اقتصادية والتي تضافرت مع التقلبات المناخية الحادة.
فباعتبار أن أكثر من ربع مبيعات القمح السنوية في العالم تأتي من أوكرانيا وروسيا وليضاف إلى ذلك الاضطراب الذي شهدته سوق الأسمدة ومستلزمات الإنتاج.. أدت الحرب إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء والتي كانت قبل اندلاع الحرب قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وعلى الرغم من أن المخزونات العالمية من الأرز والقمح والذرة في أعلى مستوياتها ـ حتى إنها أكثر من مثيلاتها في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 ـ حيث إن التقديرات تشير أيضا إلى أنه تم بالفعل تسليم نحو ثلاثة أرباع صادرات القمح الروسي والأوكراني قبل اندلاع الحرب, فإن المخاوف قائمة بشأن محاصيل المواسم المقبلة في جميع أنحاء العالم، وهو ما دعا البنك الدولي إلى وضع عدد من المسارات، حيث تعتمد على مستويات وطنية داخل كل دولة، إضافة إلى التعاون على الصعيد العالمي، وهي تتمثل في أربع أولويات يجب على المجتمع الدولي والبلدان النظر فيها.
وأولى هذه الأولوليات هي الحفاظ على استمرار تدفق تجارة المواد الغذائية مع حفاظ المنتجين على إنتاج المواد الغذائية وتوفيرها، وإبقاء أسواق المواد الغذائية والزراعية مفتوحة مع عدم وضع أي قيود غير مبررة على الصادرات.
كذلك فإنه لا بُدَّ من دعم المستهلكين والأسر الأكثر تضررا عن طريق شبكات الأمان الاجتماعي وبرامج الحماية التي تخفف من حدة الأضرار التي تلحق بالمستهلكين، أو توسيع نطاق هذه البرامج.
ويتمثل المسار الثالث في دعم المزارعين لتمكينهم من الاستمرارية والإنتاج في المواسم القادمة، مع الوضع في الاعتبار أهمية دعم المزارع لمواجهة الزيادات الحاجة في مستلزمات الإنتاج.
أما المسار الرابع فيتمثل في العمل على تغيير أنظمة الغذاء حتى تصبح أكثر قدرة على الصمود، وتحقيق الأمن الغذائي، وتمتين هذه الأنظمة ضد الأزمات الاقتصادية.
أما دور المؤسسات الدولية ـ وعلى رأسها البنك الدولي ـ فهو يتمثل في تشجيع ودعم الاستثمارات في البحوث والتطوير في الزراعة؛ لتحقيق معادلة استخدام موارد أقل، وإنتاج مواد غذائية أكثر تنوعا وأعلى قيمة غذائية لسكان العالم الآخذ عددهم في التزايد، واستخدام كم أقل من المياه والأسمدة، وذلك جنبا إلى جنب مع تقديم المساعدات للاستجابة المبكرة لمواجهة أزمات الأمن الغذائي الناشئة.